23 ديسمبر، 2024 1:06 ص

الجوانب القانونية لتفجير لكرادة

الجوانب القانونية لتفجير لكرادة

الوقائع
في تمام الساعة الواحدة منتصف ليل الاحد الثالث من تموز عام 2016، شهدت منطقة الكرادة التجارية المزدحمة في قلب العاصمة العراقية بغداد، والتي طالما تميزت بالتنوع الطائفي رغم كثافة التواجد الشيعي بعد 2003،  إنفجارا هو الاشد والاعنف منذ سقوط بغداد عام 2003.
وقد أدى الانفجار الى اشتعال النيران في مجمع الهادي التجاري والبنايات القريبة منه ، وظلت النيران مشتعلة حتى الصباح الباكر. وقد خلف الحادث في حينه 135 قتيلا (شهيداً)، وقرابة 200 جريح. وتزايد العدد ليصل الى 292 قتيل و200 جريح وقرابة 200 مفقود، من بينها عوائل بأكملها، وفق الاحصائية الرسمية التي اعلنتها وزيرة الصحة عديلة حمود يوم 7 تموز من العام نفسه. كما خلف الانفجار إحتراق سبعة مباني ضخمة بالكامل ، واحتراق 9 سيارات شخصية.
إن مايميز هذه الفاجعة الانسانية هو ان الضحايا ماتت حرقا وتفحمت اجسادها بطريقة مأساوية غريبة، ذكرت المجتمع الدولي بأيام استخدام النابالم في فيتنام للاعوام 1963- 1967. الموقف الرسمي العراقي
في صبيحة اليوم التالي زار رئيس الوزراء حيدر العبادي مكان التفجير الا ان ذوي الضحايا واهالي المنطقة اجبروه على التراجع والمغادرة نتيجة رميه بالحجارة. وأصدر مكتبه لاحقا بيانا يوجه فيه الاتهام الى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) بسبب خسارتها  لثاني أكبر معاقلها في الفلوجة  مؤخراً. وهذا التصريح غير دقيق ، لانه صدر قبل اي تحقيق ، وثانيا أن الصاق التهم بداعش أصبح مثل إتهام  ولعنة البشر لابليس .
وداعش من جانبه تبنى هذا التفجير على مواقعه الالكرونية ونسبه الى انتحاري يدعى (أبو مها). وهذا التبني هو من باب المباهاة ليس الا، فهو لم يورد اي تفاصيل تثبت ذلك، كما لم يضع التسجيل الاخير للانتحاري ، كما هو معتاد لديهم.
ورغم إعلان الحكومة لحالة الحداد لثلاثة ايام، ألا إن قضية أجهزة كشف المتفجرات البريطانية  ( ADE 651) طغت على السطح ثانية، وهي اجهزة اشتراها العراق عام 2008 بمبلغ 52 مليون باون استرليني من شركة (ATSC)  في واحد من أكبر عقود الفساد في العراق مع جيمس ماكورميك الذي حكم عيه في بريطانيا بسببها لمدة عشر سنوات، حيث جرى شراء جهاز سعره الاصلي 20 دولارا بسعر 20 الف دولار. وضلت تلك الاجهزة تستخدم في بلد تضربه التفجيرات شبه اليومية حتى سحبه من العمل بقرار رئيس الوزراء بعد تفجير الكرادة.
وفي 8 من هذا الشهر، أعلن رئيس الوزراء لإعفاء ثلاثة من كبار القادة الامنين في بغداد ، وقبلت استقالة وزير الداخلية محمد الغبان.
وفي ظل صمت رسمي عن الحادث، وفي ظل غياب تحقيق رسمي جدي ومعلن ، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي للعراقيين وهو الوسيلة المستقلة الوحيدة التي لم تستطع الحكومة غلقها، تداولوا وثيقة فنية. وهذا ما سنتناوله بشيء من التفصيل.
في حين غاب رئيس الجمهورية فؤاد معصوم عن المشهد لتمتعه بأجازة في لندن.كما لم يعقد البرلمان أي جلسة حول الحادث، لعدم تلقي أي طلب بذلك، كما أعلن مقرر مجلس النواب في 7 من الشهر ذاته. وثيقة التحقيق الحكومي
تشير الوثيقة  وهي سرية للتداول الحكومي فقط  قام به قسم مكافحة المخدرات في مديرية الشرطة  للتحليل الفني الاولي مكون من اربع صفحات قامت به الشرطة في موقع الحادث ويبدو انه أول تحقيق رسمي موضوعي محايد في هذا التفجير ، في حال صحّت هذه الوثيقة، الى إن التفجير جرى بسيارة مفخخة نوع (هونداي ستاركس) تحمل الرقم العراقي (84552 بغداد أجرة) يقودها انتحاري، في منطقة الكرادة بمحاذاة مول الليث ومول سنتر. في الساعة 00.55 يوم الاحد 3/7/2016، ويذكر التقرير عدم العثور على ألية التفجير(السيارة) لشدة الانفجار والعبث بمسرح الجريمة. وأن نوع مواد التفجير هي نترات ألامونيوم ومادة (C4) بكمية تقدر (250 كغم). الموقف الدولي
في أول رد فعل المنظمة الدولية على الحادث اعرب بان كي مون ألامين العام للامم المتحدة عن إدانته للتفجير وتعازيه للعراق حكومة وشعبا، وعلى غرار ذلك أدان ممثل الامين العام في العراق ورئيس بعثة اليونامي في بغداد هذا التفجير وطالب بتعقب منفذي هذا العمل الوحشي.

وأعرب البابا فرانسيس الثاني من الفاتيكان صبيحة يوم الحادث إدانته ودعا المؤمنين للصلاة من أجل الضحايا.
وقد أدانت عدد من الدول هذا التفجير منها : روسيا ، هولندا، السويد، بريطانيا ، تركيا .
ومن الدول العربية ، الجزائر، لبنان، وسلطنة عمان، والسعودية في موقف مستغرب عراقياً، أدان السفير السعودي في بغداد هذا التفجير الدامي وقدم العزاء لاهالي الضحايا.
ومن جانب المنظمات الدولية غير الحكومية ،أعربت منظمة هيومن رايتس ووج في رأي لها الى إن الهجمات الدامية إختبار لنوايا العراق.
وأعرب مدير برنامج الشرق الاوسط في منظمة العفو الدولية عن إدانته للتفجير وإعتبرها جريمة حرب ، وناشد الحكومة وقف الاعدامات ردا على التفجير فورا. تحديد المتهم
كعادة الحكومة العراقية في التفجيرات التي ضرب مختلف مدن العراق بشكل شبه يومي ، بأستثناء أقليم كردستان، فأن الحومة لا تقدم اي تبرير أو تفسير موضوعي لما يحدث في العراق منذ 2003، ولاتقدم اللجان التحقيقة صورة صادقة لآي قضية مهما بدت كبيرة مثل سقوط الموصل الذي صدر التقرير بضغط  شعبي، ولم يعرض بشكل واضح، ثم الغي لاحقا،  باستثناء التقارير عن حوادث قام بها السنة مثل قضية نائب رئيس الجمهورية  طارق الهاشمي والنائب أحمد العلواني ، وفض إعتصام الحويجة. وهذا مايلقي ظلالا من الشك على المتهم أو المتهمون بكل تلك الجرائم. إن هذه المأساة تحمل بصمات مشابهة لماسأة حلبجة في 16 آذار 1988، والتي راح ضحيتها أكثر خمسة الاف عراقي كردي. لذا يجب أن لاتمر دون تحديد الجاني وتقديمه للعدالة، انصافا للضحايا وذويهم.
وتغدو عملية تحديد المتهم أو المتهمون في هذا التفجير المأساوي صعبة  لعدة أسباب منها:-
ان العراق ومنذ 2003 أصبح ساحة مفتوحة للارهاب.
عدم جدية الحكومة في إجراء أي تحقيق موضوعي دقيق ، وعدم توفر الخبرة الفنية المطلوبة في هذه التفجيرات، وتأثرها بضغوطات سياسية ودولية تمعها من ذلك، ناهيك عن عرضها على الجمهور. لابل إن جرائم أكبر لم تكشف الحكومة عن تفاصيلها مثل سقوط محافظة الموصل بيد داعش عام 2014.
عدم تصرف الشرطة والجمهور في مكان الحادث بمسؤولية دقيقة مطلوبة في هذه الحالات، في تطويق المكان وعزله حفاظا على الادلة والمبرزات الجرمية ومخلفات التفجير للاستفادة منها في مختبرات الكشف الجناني والتي تساهم في التحقيق.
ولكل ماتقدم فقد تعالت اصوات عديدة تطالب بإجراء تحقيق دولي مستقل وموضوعي في هذه الجريمة البشعة وانطلقت حملات عديدة لذلك، أبرزها:-الحملة الامريكية التي تبنتها منظمة التغيير (Change)  ,
الحملة العراقية التي أطلقها الدكتور رياض السندي (كاتب هذه الدراسة) من على موقع حملات (ehamalat.com)  الحوار المتمدن.ومع كل الصعوبات التي تعترض ذلك ، فيجب ان لاتقف عائقاً لكشف الحقيقة وتحديد الجناة وتقديمهم للعدالة. فهذا التفجير هذه المرة استخدمت فيه مواد حارقة أدت الى إحتراق وتفحم جثث الضحايا بشكل غير مسبوق، مما يدل على تطور في اساليب التفجير في العراق .
إن الدلائل الفنية تشير الى إستخدام النابالم ومادة السي فور كما اشار لها تقرير الشرطة اعلاه. فشهادات شهود العيان وإختباء عدد كبير من الضحايا في الطابق السفلي لتلك البنايات يشير الى تعرضهم للاختناق وعدم قدرتهم على الخروج من مكان الحادث، كما أن التقارير والمواد الفلمية التي انتشرت لاحقا تشير الى اشتعال النيران بكثافة قادت الى تفحم الكثيرين من الضحايا. تاريخ استخدام النابالم
نابالم هو سائل هلامي (gel) يلتصق بالجلد، وهو قابل للاشتعال ويستخدم في الحروب. تم تطويره من خلال مجموعة كيميائيين أمريكيين من جامعة هارفارد أثناء الحرب العالمية الثانية، بقيادة العالم لويس فيزر. نوع من القنابل الحارقة يعتمد خصوصا على مادة النابالم المصنوعة من نوع من وقود تم اختراعه في جامعة هارفرد في عام 1942 وتهدف تركيبتها الى إلحاق حرائق وحروق تلتصق بالاشخاص والأجسام المختلفة. وحظرت اتفاقية الأمم المتحدة في عام 1980 استخدامها ضد السكان المدنيين.
وتسبب النابالم بإشعال الحرائق، حيث تعبأ بمركبات بترولية أو بالثرميت أو ما يطلق عليه هلام البترول، وهو مزيج من الألومنيوم وأكسيد الحديد. ويتراوح وزن القنابل الحارقة مابين 1,5 و 450كجم.
ينجم عن انفجار القنبلة نشر مزيج بترولي لزج يلتهب مباشرة، مشعلا حرائق يستحيل إخمادها. وينتشر نوع آخر من القنابل الحارقة، وهو قنبلة الوقود الهوائية، سحابة من الوقود الملتهب.طورت الولايات المتحدة الأمريكية المادة خلال الحرب العالمية الثانية لتدخل في المجال العسكري مباشرة، واستخدمتها في قصف مدينة ديرسدن الألمانية 1945، الأمر الذي خلف بين 25 إلى 40 ألف قتيل من المدنيين آنذاك.
نجاح قنابل النابالم عسكريًا، دعا واشنطن إلى استخدامها ثانيًا في الحرب الكورية 1950 – 1953، وألقت أثناءها آلاف الأطنان من المواد المتفجرة على الانفصاليين (الشيوعيين).لم ينحصر استخدام المادة على الولايات المتحدة، فقد وثق استهداف الاتحاد السوفيتي معاقل طالبان والمقاومة الأفغانية بها في ثمانينيات القرن الماضي، كذلك استخدمتها إسرائيل في حرب حزيران 1967 ضد القوات السورية والمصرية، إضافة إلى استخدامها ضد الجيش السوري في لبنان عام 1982، بحسب شكوى قدمتها سوريا للأمم المتحدة آنذاك.
البرازيل أيضًا لم تتوانى في استخدام النابالم في حربها ضد عصابات المافيا في تسعينيات القرن الماضي، إضافة إلى العديد من الدول في أفريقيا وأمريكا الجنوبية، خلال المعارك التي شهدها القرن العشرون.
الاستخدام الأوسع للنابالم كان خلال الحرب الفيتنامية 1961- 1970، وأحرقت فيها المقاتلات الأمريكية عشرات القرى الفيتنامية مسببة مجازر أزهقت أرواح آلاف المدنيين والمقاتلين، وحسب تصريحات وزارة الدفاع (البنتاغون) فإن الجيش الأمريكي ألقى 100 ألف طن من النابالم على فيتنام بين عامي 1963- 1967.
وقد استخدمت الولايات المتحدة الأميركية هذه القنابل بكثرة في حرب فيتنام لإحراق الأدغال وكسح الألغام والشراك الخداع التي استخدمها المقاتلون الفيتناميون خلال خوضهم حرب العصابات ضد القوات الأميركية الغازية. ولم يقتصر استخدام الولايات المتحدة لهذه القنابل في حرب فيتنام بل استخدمتها في حرب الخليج الثانية ضد العراق واستخدمتها خلال معاركها مع المقاومة العراقية في مدينة الفلوجة.
 قامت إسرائيل بمد مواسير نابالم على طول قناة السويس عند إنشائها خط بارليف حيث كانت تستخدم لردع أي قوات تحاول عبور القناة…. وقد نجحت الضفادع البشرية وهي قوات خاصة بحرية بسد فتحات المواسير بمواد خاصة يوم 5 أكتوبر 1973 لمنع استخدمها عند عبور القوات المصرية للقناة في اليوم التالي 6 أكتوبر 1973 [1] حيث تم [2] أسر مهندس مواسير النابلم نفسه في موجة العبور الأولى عندما كان يحاول إصلاحها.
وقد استخدم الجيش الإسرائيلي النابالم في عدوانه على لبنان في العام 2006 ضد السكان المدنيين .
وأخر استخدام لهذه المادة المحرقة كان في سوريا لقصف بلدات مدينة حلب عام 2012-  2015.
قالت الولايات المتحدة إنها أتلفت جميع مخزونها من النابالم مطلع عام 1970، بعد أن قتل بها آلاف المدنيين في ألمانيا وكوريا وفيتنام، لكن المادة لازالت تستخدم حتى يومنا هذا، والواقع السوري أكبر دليل على ذلك.  الجوانب القانونية
إن المعلومات الاولية ومشاهدة جثث الضحايا ومكان الانفجار وآثاره تشير الى إن هذه الجريمة قد تمت باستخدام سلاح محرم دوليا ، قد يكون باستخدام مادة كيمياوية مثل السي فور أو الفسفور الابيض أو مادة متفجرة مثل النابالم وهي مادة متفجرة تستخدم للحرق لا للتدمير وتستخدم ضد تجمعات الافراد في المناطق المفتوحة، والذي لايخلف اية جروح وانما إحتراق بالكامل لعدد كبير من الضحايا وهذا ماسيكشف عنه الخبراء والمتخصصون بالمتفجرات لاحقا. ورغم عدم مبالاة الحكومة واتخاذها اية اجراءات تحقيقية جادة لجع الادلة واستقدام خبراء المتفجرات  لهذا الحادث الماساوي، واكتفت الحكومة  باستقالة غير مؤكدة لوزير الداخلية، وتنفيذ حكم الاعدام بخمسة محكومين ، أثير الجدل حول جريمتهم. وإذا ماثبت استخدام أي سلاح من هذا النوع ، فإن اتفاقية جنيف لحظر أو تقييد استخدام اسلحة تقليدية معينة يمكن إعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الاثر لعام 1980، والمعروفة إختصاراً (CCW)، والتي دخلت حيز التنفيذ في 2 كانون الاول 1983، تكون هي السند القانوني الذي يحكم هذه الواقعة. لاسيما وان العراق قد انضم لهذه الاتفاقية مؤخرا في 24 أيلول 2014.وهذه المواد هي اسلحة تقليدية معينة حظرها أو قيد استعمالها القانون الدولي الانساني صكوكه الدولية , لاسباب إنسانية  إعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر. لهذا سميت هذه الاتفاقية ب (إتفاقية الاسلحة اللا إنسانية).
وكانت بداية هذه الاتفاقية الدولية سنة 1973، حين قدم الأمين العم للأمم المتحدة تقريرا حول “النابالم وغيره من الأسلحة المحرقة، وجميع نواحي احتمال استعمالها”، أمام الجمعية العامة، التي أعربت عن أسفها لاستعمال النابالم وغيره من الأسلحة المحرقة في المنازعات المسلحة كافة، وحثت جميع الدول على الامتناع عن إنتاج تلك الأسلحة وتخزينها ونشرها واستعمالها، إلى أن يتم عقد اتفاقات بشأن حظرها. كما قررت عقد مؤتمر للأمم المتحدة، سنة 1979 بشأن “الأسلحة المحرقة وغيرها من أنواع الأسلحة التقليدية التي يمكن أن تكون محل حظر أو تقييد لأسباب إنسانية”. وعقد المؤتمر دورة ثانية بجنيف سنة 1980، وانتهى بالتوصل إلى “اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر” والبروتوكول المتعلق بالشظايا الخفية (البروتوكول الأول) والبروتوكول المتعلق بحظر أو تقييد استعمال الألغام والأفخاخ المتفجرة والأجهزة الأخرى (البروتوكول الثاني) والبروتوكول المتعلق بحظر أو تقيد استعمال الأسلحة المحرقة (البروتوكول الثالث). وفتح باب التوقيع على هذه الصكوك في 10 أبريل 1981. وبدأ نفاذ الاتفاقية والبروتوكولات الثلاثة اعتبارا من 2 ديسمبر 1983. وما يهمنا في هذا المجال هو البروتوكول الثالث المتعلق بالاسلحة المحرقة، حيث عرفت المادة الاولى من البروتوكول المقصود من هذا التعبير قائلة:-
المادة (1)
تعاريف
في مصطلح هذا البروتوكول:
1- يراد بتعبير ((سلاح محرق)) أي سلاح أو أية ذخيرة، مصمم أو مصممة في المقام الأول لإشعال النار في الأشياء أو لتسبيب حروق للأشخاص بفعل اللهب أو الحرارة أو مزيج من اللهب والحرارة المتولدين عن تفاعل كيماوي لمادة تطلق على الهدف:
أ ) يمكن أن تكون الأسلحة المحرقة، مثلاً، على شكل قاذفات لهب، وألغام موجهة لمقذوفات أخرى، وقذائف، وصواريخ، وقنابل يدوية، وألغام، وقنابل، وغير ذلك من حاويات المواد المحرقة.كما استبعدت هذه البند ب من الفقرة ذاتها على بعض انواع الاسلحة والمقذوفات ولم تعتبرها مشمولة بتحريم هذا البروتوكول، مثل المقذوفات المضيئة التي تستخدم في المهرجانات والاحتفالات بقصد إضفاء المتعة والبهجة للجمهور وإن أدت الى بعض الحروق، وكذلك المقذوفات المضادة للدروع.
 ب) لا تشمل الأسلحة المحرقة:
” 1 ”  الذخائر التي يمكن أن تكون لها، عرضاً، آثار محرقة، مثل المضيئات أو القائفات أو ناشرات الدخان أو أجهزة الإشارة.
” 2 ”  الذخائر المصممة للجمع بين آثار الاختراق والعصف أو التشظي وبين أثر محرق إضافي، مثل المقذوفات المخترقة للدروع، والقذائف الشظوية، والقنابل المتفجرة وما شابه ذلك من الذخائر ذات الآثار المزيجة التي لا يكون الأثر المحرق فيها مصمماً خصيصاً لتسبيب حروق للأشخاص، بل لاستعماله ضد أهداف عسكرية، مثل المركبات المدرعة والطائرات والمنشآت والمرافق.ويلاحظ إن البروتوكول وتحديدا في مادته الاولى لم يذكر النابالم أو الفسفور الابيض أو الذخائر العنقودية أو الرصاص المتفجر (رصاص دمدم) أو غيره بالاسم، وإنما إكتفى بالوصف. الا إنها جميعها تدخل تحت نطاق هذه الاتفاقية ، مالم توجد اتفاقية خاصة بها.
وقد بينت اللجنة الدولية للصليب الاحمر وهي الجهة الراعية للقانون الدولي الانساني تلك الاسلحة واشارت على موقعها الالكتروني الى “إن هناك قواعد أساسية تنص على حماية المدنيين من آثار كل العمليات العسكرية وبالإشارة إلى إن الاعتداء على المدنيين بكل الأسلحة محرم تماماً.
إن القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني تنظِّم استخدام الأسلحة التي تحتوي على الفسفور الأبيض، شأنها شأن أي سلاح آخر. وتحتم هذه القواعد على أطراف النزاع أن تميز بين الأهداف العسكرية والمدنية والسكان المدنيين على حد سواء. كما يلزمها القانون الدولي باتخاذ كل الإجراءات الممكنة لتجنيب المدنيين والأهداف المدنية شرَّ العمليات العسكرية. فالهجمات التي تؤدي إلى تدمير المدنيين والأهداف المدنية ” بصورة عشوائية  هي هجمات محظورة”.
 “إن استخدام الأسلحة الفسفورية البيضاء كالأسلحة المحرقة، أي تلك التي تضرم النار في الأهداف العسكرية، يخضع لقيود صارمة. فاستخدام مثل هذه الأسلحة البيضاء ضد أي هدف عسكري في مناطق مأهولة بالسكان المدنيين فعل محرم، ماعدا إذا كان الهدف العسكري بعيداً عن المدنيين كل البعد وبوضوح. ويعد إطلاق الأسلحة المحرقة من الجو ضد الأهداف العسكرية داخل التجمعات السكانية المدنية محظوراً ببساطة أبضاً. هذه محظورات ينص عليها البروتوكول الثالث للاتفاقية المتعلقة بالأسلحة التقليدية.وردت اللجنة الدولية على سوأل، هل يؤدي استخدام الأسلحة التي تحتوي على الفسفور الأبيض، وخاصة الأسلحة المحرقة، في المناطق المأهولة بالسكان، إلى دوافع تبعث على القلق الإنساني الشديد؟
وأجاب مندوبها نعم، إن الأسلحة الفسفورية البيضاء تحدث حروقاً فسفورية واسعة النطاق تفوق 800 درجة حرارية مئوية (أي حوالي 1500 درجة فاهرنيهايت) على مساحة واسعة تمتد إلى مئات الأمتار المربعة. فالحرق يستمر حتى ينضب الفسفور كلياً أو حتى ينقضي الأوكسجين. ولهذا السلاح القدرة على إحداث إصابات مروعة ومؤلمة أو موت بطيئ موجع. ويتحتم على الطاقم الطبي أن يكون متدرباً بما فيه الكفاية حتى يكون قادراً على علاج مثل هذه الإصابات وقد يتعرض هو نفسه للحروق الفسفورية. فإذا استخدمت هذه الأسلحة التي تحتوي على هذه المواد ضد أهداف عسكرية أو بالقرب من أماكن مأهولة بالسكان ينبغي توخي الحذر الشديد لتفادي الإصابات في صفوف المدنيين”.
وتجدر الاشارة الى الاتفاقية قد حرمت إستخدام هذه الاسلحة على المدنيين ، ولم تحرم استخدامها اثناء الحروب وعلى نطاق عسكري الا إذا كانت الاهداف العسكرية قريبة من أهداف مدنية يصعب التمييز بينها لعدم دقتها ولفرط ضررها ولعشوائية  أثارها .
وقد  حددت المقصود بالمدنيين في الفقرة الثانية من المادة الاولى من البروتوكول بقولها:-
2- يراد بتعبير ((تجمع مدنيين)) أي تجمع مدنيين، دائماً كان أو مؤقتاً، كما في الأجزاء المأهولة من المدن أو البلدات أو القرى المأهولة، أو كما في مخيمات أو أرتال اللاجئين أو المهجرين، أو جماعات البدو الرحل.
كما عرفّت المقصود بالاهداف العسكرية والاعيان المدنية بقولها:-
1- يراد بتعبير ((هدف عسكري))، فيما يتعلق بالأشياء، أي شئ يسهم، بطبيعته أو موقعه أو غرضه أو وجه استعماله، إسهاماً فعلياً في العمل العسكري، ويكون من شأن تدميره الكلي أو الجزئي أو الاستيلاء عليه أو إبطال مفعوله، في الظروف القائمة، في حينه، أن يوفر ميزة عسكرية أكيدة.
2- يراد بتعبير ((أعيان مدنية)) جميع الأشياء التي ليست أهدافاً عسكرية وفقاً لتعريف هذه الأهداف في الفقرة 3.
والفقرات اعلاه لاتحتاج الى توضيح.
أما المادة الثانية من البروتوكول فقد حرمت بشكل قاطع لايقبل ألتاويل إستخدام تلك الاسلحة ضد المدنيين، أوضد أهداف عسكرية بالقرب من أهداف مدنية متى ما تعذر التمييز بينها لقربها أو تداخلها. وهذا ما اشيع عن تفجير الكرادة من إنه استهدف تجمعا لبعض فصائل منظمة بدر العسكرية كانت تعقد اجتماعا لها في حسينية قريبة من مكان الانفجار. حيث نصت على مايلي:-
المــادة (2)
حماية المدنيين والأعيان المدنية
1- يحظر في جميع الظروف جعل السكان المدنيين بصفتهم هذه، أو المدنيين فرادى، أو الأعيان المدنية، محل هجوم بالأسلحة المحرقة.
2- يحظر في جميع الظروف جعل أي هدف عسكري يقع داخل تجمع مدنيين هدفاً لهجوم أسلحة محرقة تطلق من الجو.
3- يحظر كذلك جعل أي هدف عسكري يقع داخل تجمع مدنيين هدفاً لهجوم بأسلحة محرقة غير تلك التي تطلق من الجو، إلا حين يكون الهدف العسكري واضح الانفعال عن تجمع المدنيين وتكون قد اتخذت جميع الاحتياطات المستطاعة كيما تقصر الآثار المحرقة على الهدف العسكري ويتفادى ويخفف إلى الحدود الدنيا في أية حال، ما قد ينجم عنها عرضاً من وقوع خسائر في أرواح المدنيين أو إصابتهم بجروح أو تلف الأعيان المدنية.
1- يحظر أن تجعل الغابات وغيرها من أنواع الكساء النباتي هدف هجوم بأسلحة محرقة إلا حين تستخدم هذه العناصر الطبيعية لستر أو إخفاء أو تمويه محاربين أو أهداف عسكرية أخرى، أو حين تكون هي ذاتها أهدافاً عسكرية.
ويلاحظ إن الفقرة الاخيرة تحظر استعمال تلك الاسلحة في الغابات، في إشارة واضحة الى استخدام الولايات المتحدة للنابالم عام 1967 في غابات فيتنام ضد المقاومة الفيتنامية. الاستنتاجات
ويبقى السوأل الذي يشغل العراقين  هو: من يمكن ان يكون الفاعل في هذه الجريمة التي وصفتها منظمة العفو الدولية على إنها جريمة حرب.
إن الفاعلين الرئيسيين على الساحة العراقية اليوم هم إيران والولايات المتحدة الامريكية ، والطرفين يمتلكان مثل هذه الاسلحة وقادرين على انتاجها . واذا  كانت الولايات المتحدة قد سبق لها استخدام هذه الاسلحة ، فإن إيران لم تتهم رسميا باستخدام واضح لهذه الاسلحة سوى في سوريا مؤخرا وبشكل غير مباشر من خلال دعمها للنظام السوري.
أما العدو المفترض (داعش) والذي تبنى العملية دون تقديم مايثبت ذلك، فهو قد غدا اليوم كالشيطان الذي تلصق به كل الشرور ويلعنه الجميع حتى دون التثبت من ذلك. وقد جاء الاتهام الاول والمباشر على لسان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مسببا ذلك الى إنكسار داعش في الفلوجة. الا إن السيد مقتدى الصدر وفي حوار مثير على قناة الشرقية يوم 9 تموز قال في معرض رده على سوأل ماذا كانت داعش هي من قامت بتفجير الكرادة باختصار شديد وبليغ : اتمنى ان يكون داعش . وهذا يلقي بظلال من الشك والريبة على تصريحات الحكومة، لاسيما وانها صادرة من زعيم كتلة سياسية فاعلة ومؤثرة في العراق.
وتشتت واختلفت إتهامات العراقيين بحسب الجهة التي تتبنى الاتهام ، فالشيعة يتهمون السعودية لاسيما وان عدد من الانتحاريين السعودين ثبت تعاونهم مع داعش. أما السنة فيتهمون إيران دون تقديم أي دليل معقول.
والحقيقة التي لاتقبل الجدل بهذا الصدد هو انه لايمكن على صعيد الدول وضع قائمة إفتراضية بالاعداء أو قائمة بالاصدقاء ، فالدول لا تعرف الاعداء أو الاصدفاء بل تعرف مصالحها. ولهذا يتفاجى المرء في أن يجد صديقا مفترضا وقد تعاون مع الاعداء، والعكس صحيح أيضا.
إن اتهاما دون دليل لايمكن أن يصمد طويلا.
وبعد أن بذلنا جهدا كبيرا لمعرفة الحقيقة تلافيا لعدم تكرار مثل تلك المآسي ، وبحثنا عن نقطة ضوء في نهاية النفق المظلم الذي دخله العراق منذ عام 2003، وبعد تحديد الدول التي تمتلك مثل هذا السلاح والدول التي لها سجل في استخدامه، لم يبق أمامنا سوى البحث في وثائق  اللامم المتحدة ووثائق المنظمات الدولية المتخصصة في حظر هذه الاسلحة.
سبق القول ، انه من الناحية القانونية ، فأن القانون الذي ينظم إستخدام هذه الاسلحة هي “اتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر” لعام 1980. وان ابروتوكول الخاص بهذه المادة المحرقة هو ” البروتوكول المتعلق بحظر أو تققيد استعمال الأسلحة المحرقة (البروتوكول الثالث) ” الملحق بالاتفاقية والذي يعد جزءاً لايتجزأ منها، وإن التوقيع أو الانضمام الى الاتفاقية يعد نافذا بحقها. ولهذا الغرض جردنا الدول التي وقعت أو صادقت أو إنضمت للاتفاقية المذكورة، والتي اصبحت طرفا سامياً متعاقداً فيها والدول التي لم تنظم اليها حتى الان . وهذا لاعني بأي حال من الاحوال، ان الدول التي انضمت لايمكن لها أن تمارس مثل هذه الانشطة ، الا ان توقيع الدولة يعبر عن رغبتها في أن تقيد وتلزم نفسها بأحكام الاتفاقية المعنية، وهي تدرك تماماً إن مخالفتها او انتهاك احكامها وقواعدها إنما يضعها تحت طائلة المسؤولية الدولية مهما طال الزمن. أما الدولة التي تمتنع عن التوقيع عليها، فإنها تعرب عن خشيتها من تطبيق أحكام الاتفاقية في مواجهتها لاحقا  ولا تريد أن تلزم نفسها بهذا الالتزام الدولي لاسباب خاصة بها.
وفيما يلي الدول الاطراف في هذه الاتفاقية وتواريخ انضمامها:-
 الولايات المتحدة الامريكية، صادقت على الاتفاقية في 8 نيسان/أبريل  1982.
 المملكة العربية السعودية ، إنضمت للاتفاقية في 7 كانون الاول/ديسمبر 2007.
 العراق ، إنضم الى الاتفاقية في 24 أيلول/سبتمبر 2014.
 تركيا، صادقت على الاتفاقية في 22 أذار/مارس 1982.
 قطر، إنضمت الى الاتفاقية في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2009.
إسرائيل، إنضمت الى الاتفاقية في 22 نيسان/ابريل 1995. ولكنها لم توقع أو تنظم للبروتوكول الثالث الملحق بالاتفاقية والخاص بالاسلحة المحرقة.الدول التي لم تصادق على الاتفاقية هي:-
ايران.
 سوريا.
وفيما يتعلق بعدم توقيع اسرائيل على البروتوكول الثالث المذكور اعلاه، فإن ذلك لايعفيها من هذا الالتزام الدولي لانها قد غنضمت عل الاتفاقية الرئيسية، وهذا ماذكرته منظمة العفو الدولية في مجلتها موارد بقولها:-
إن البروتوكول الثالث بشأن حظر أو تقييد استخدام الأسلحة المحرقة (البروتوكول الإضافي الملحق باتفاقية الأمم المتحدة لعام 1980 المتعلقة بحظر أو تقييد استخدام أسلحة تقليدية معينة) يحظر استخدام الأسلحة المحرقة ضد المدنيين. وهويعتبر قاعدة من قواعد القانون الدولي العرفي، ولذا فإنها تعتبر ملزمة لإسرائيل حتى لو لم تكن طرفًا في البروتوكول الثالث.  وقد أنكرت إسرائيل أنها استخدمت أية أسلحة غير قانونية. وبالطبع فإن كل سلاح يجب ألا يستخدم ضد المدنيين، ولكن هذا الحظر بمثابة اعتراف بالأخطار والعواقب الخاصة لاستخدام الأسلحة التي لها خصائص محرقة بالقرب من المدنيين.
خاتمة
وختاما، فأن التدخلات الدولية على الاراضي العراقية وحالة الصراع بين تلك الدولة جعل من العراق بلد في حالة نزاع مسلح ، مهما حاولت الحكومة العراقية انكار أو نفي أو رفض هذا الوصف ، وهذا يجعلها خاضعة لاحكام الاتفاقيات الدولية والقانون الدولي الانساني وقواعد القانون الدولي العرفي، كما انه لايستثني من المسؤولية الدولية أي طرف دولي ضالع في الجرائم المرتكبة في العراق تحت اي ذريعة أو تبرير، كما إن تخويل الحكومة العراقية صراحة أوضمناً لتلك الدول بالقيام باية إنشطة مناقضة للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني لن يجعل الطرفين في منجاة من المسؤولية الدولية في القيام بواجباتها تجاه شعبها في حمايته وحفظ سلامنه وحفظ الامن. 
المصادراتفاقية جنيف لحظر أو تقييد استخدام اسلحة تقليدية معينة يمكن إعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الاثر لعام 1980.
والبروتوكول الثالث الملحق باتفاقية حظر استخدام اسلحة معينة والمتعلق بحظر أو تقيد استعمال الأسلحة المحرقة .
الأسلحة الفسفورية- وجهة نظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر- مقابلة صحفية مع السيد “بيتر هربي”، رئيس وحدة الأسلحة، الذي يحدد القواعد الواجبة التطبيق على الأسلحة الفسفورية لشرح موقف المنظمة إزاء الموضوع17،  في-01-2009 .
مجلة موارد، منظمة العفو الدولية، العدد 12، ربيع 2009، الوثيقة  .POL 32K001K2009
النابالم، موسوعة الويكيبيديا ، الموسوعة الحرة.
قصة النابالم.. ابتداءً من الولايات المتحدة وحتى نظام الأسد، موقع Oximity.