9 أبريل، 2024 3:14 ص
Search
Close this search box.

الجهلة المتجاهلون

Facebook
Twitter
LinkedIn

(تبدأ الحرية من حيث ينتهي الجهل) مقولة اطلقها الأديب والشاعر الفرنسي (فكتور هوجو) واستأثر بها من حيث المبدأ المفكر والمصلح الاجتماعي (عبد الرحمن الكواكبي) في كتابه الموسوم (طبائع الاستبداد)   وقال : ” إن بين الاستبداد والعلم حرباً دائمة وطراداً مستمراً، يسعى العلماء في نشر العلم ، ويجتهد المستبد في اطفاء نوره ، والطرفان يتجاذبان عامة الناس ، ومن هم عامة الناس؟ هم اولئك الذين اذا جهلوا خافوا ، واذا خافوا استسلموا”…
     وفي وقتنا الحاضر اصبح الجهل معضلة من معضلات العصر الصعبة التي يفقد الانسان فيها المعرفة التي ترشده الى البصيرة ، ونقصد بالجاهل ليس الذي لا يعرف القراءة والكتابة بل الذي يجهل القانون وعدم الخوف من الله ، فيبدأ في تنمية ثروته الفاحشة بطرق واساليب غير مشروعة ، ويسعى الى تحقيق النزوات والرغبات باساليب ملتوية غير قانونية وتحت مسميات حللها لنفسه مثل( السرقة رزق ، والتزوير مكسب ، والرشوة هدية ، والنصب والاحتيال شطارة ، والاحتكار تجارة ، والاستيلاء على المال العام استحقاق ).
 
هؤلاء الجهلة المتجاهلون يعمهون في أرض الله فسادا ، يتفوهون بعبارات دخيلة من مفاهيم يتداولونها فيما بينهم وفي تعاملاتهم ، فاصبحوا يسوّقونها كقانون ومبرر للكسب غير المشروع ، فيجعلون الحرام حلالاً والحلال حراماً حتى أصبحت كأنها الصواب والعرف والعادة ،مما أدت كل تلك الصور المرفوضة إلى أضرار بالغة في مكانة المجتمعات ومستقبلها، ولهذا  فان حضورالوعي القانوني يعني غياب الوقوع في المحظور ، ولا يمكن لأي مجتمع أن ينهض أو يتقدم بدون ثقافة قانونية تعمل على الحد من شيوع كثير من المفاسد السلوكية والاجتماعية ،وتشرح التشريعات ذات المساس بحياة الموظفين ( كقانون انضباط موظفي الدولة ، وقانون هيئة النزاهة ، اضافة الى الاطلاع والالمام بالامر ” 57 ” الخاص بعمل مكاتب المفتشين العموميين) وفك اللبس في نصوصها الغامضة وتعريف الموظفين بحقوقهم وواجباتهم التي حددها القانون مما يؤسس لبناء وعي متين يمكن أن يحد من التجاوزات الكثيرة في دوائر الدولة ومؤسساتها على الحقوق والواجبات ويمكن في الوقت نفسه ان يشكل عامل ضغط على موظفي الدولة باعتبار الموظف الذي يملك دراية قانونية يصعب امامه تمرير التصرفات غير القانونية والتي تمثل انتهاكاً لحقوقه .ومن جهة اخرى فانها تكسر قيود الجهل وتحرر العقل نحو الابداع وتخرجه من دائرة الانغلاق الى العطاء والتعلم .
 
      فلا جدال من ان يكون كل موظف على معرفة قانونية وخصوصاً التي لها علاقة بعمله ، ولا نقصد بالمعرفة القانونية هوالحصول على العلم فقط بل المعرفة والدراية بالقوانين والتشريعات وتبعاتها ، إذ إن العلم المفترض بالقانون لا يكفي للحد من الإنحراف وإرتكاب الجريمة ، وينبغي أن يقترن العلم بالفهم وبالقناعة بموجبات القوانين والإلتزام بها خلال اداء العمل .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب