23 ديسمبر، 2024 5:47 ص

الجهاد الكفائي .. والانكفاء السياسي

الجهاد الكفائي .. والانكفاء السياسي

يجري اليوم في العراق رفض شعبي ساخط للخروج عن الوضع الراهن يحركه عدم رضاومرارات عن العملية السياسية برمتها بكل اطرافها التي او صلتنا الى المنعطف الاخير والى طريق مسدود وقد دعمت المرجعية العليا في النجف الاشرف هذه الثورة الشعبية منذ انطلاقتها الاولى والمطالب المشروعة . لكن يبدو ان الأحزاب السياسية العراقية لاتملك اي مبادرة او حل سوى التمسك بالسلطة والغنائم التي استحوذت عليها بعد سقوط بغداد ولا تريد اي تغيير وتحاول تدوير نفس الوجوه المهترئة والفاسدة والوقحة التي تسلطت على مفاصل الدولة وثروات العراق ولا تسمع اي مبادرة او صوت للشعب او للمرجعية الدينية بالنجف التي لولاها لم يوجد اي سياسي على كرسي الحكم اليوم . كل هذا العناد والتمسك بالكراسي من الاحزاب خوفا على مواقعهم في السلطة وانشغالهم في جني الأرباح بالمليارات من الحكم وهذه مفسدة عظيمة . بل جريمة ضد الانسانية بسببها جوع الشعب وتم سرقة كل شيء ولوثت كل شيء حتى العقائد والثقافة والاعراف والعلاقات الانسانية .
اتمنى ان ينورنا المطلعون على تلك الاحزاب عن برامجهاوانظمتها الداخلية وكم مرة عقدت انتخابات لاختيار امناءهاوممثلي فروعها ، انها احزاب فارغة من المضمون والافكار وخالية الوفاض قامت على الطائفية والمناطقية ماعدا “الحزب الشيوعي العراقي تأسس سنة 31 اذار 1934 ” .
ان ما يدور اليوم من اجتماعات بين الكتل السياسية ورؤساء الكتل وأعضاءها ومايصدر عنها من بيانات يدل على عدم مغادرتها السلطة حتى لو احترق العراق وتتشظى لألف كيان ونحن نعيش ظروف دولية واقليمية بالغة الخطورة ومعارك وجود وحروب دينية معروفة أجندتها وسيناريوهاتها سلفا تستخدم الارهاب المتوحش من اجل فرض وقائع وخرائط تقسيم لكل الاقليم يدركها الداني والقاصي .
ان تأييد الكتل السياسية من كل الطوائف والمكونات لم يكن جادا في دعم الاصلاحات المزعومة من قبل رئيس الوزراء “حيدر العبادي” ومع انها وهمية ومخادعة يقف البرلمان ضدها باجراءت استباقية لقمع مجرد التفكير بالتغيير عند المطالبين به خوفا على المحاصصة التي تؤمن بقاءهم ونهبهم وامتيازاتهم وبات التغيير يؤرقهم .
سيخسر الجميع خسارة ما بعدها خسارة بسبب تعنت الكتل السياسية المتحاصصة والمكابرة ظنا منها بامتلاكها المال والسلطة ستبقى الى الأبد متجاهلة الارادة الشعبية والتكالب الاقليمي .
ان عقلية رؤساء الكتل السياسية {المبشرون العشرة}تسير عكس التاريخ والمنطق واللعبة الديمقراطية والعولمة التي تسمح للدول التي تملك مخالب ناعمة اوخشنة بالتدخل في المناطق الرخوة كما تشاء وباي وقت تشاء . وبسبب سياسة السلطة في العراق اصبح العراق من الدول الفاشلة والمناطق الرخوة التي يتصارع عليه الاقليم ويستدعي تدخل الدول الكبرى .
بات الحل الوحيد للخلاص من المأزق والحرائق التي تنشب والموت بالانفجارات هو الاعتراف بدولة المواطنة وتفعيل القانون وطمر الزبالة الطائفية والمحاصصة للابد التي ما عادت بالإمكان تدويرها لانهاملوثة ومسرطنة وقاتلة وكل الاثار الاجتماعية والاقتصادية والامنية بسببها ومن هم في الحكم منذ 2003 م والذين خربوا مؤسسات الدولة العراقية التي بنيت على مدى قرن من الزمن رغم مايشوبها من اسقاطات الا انها في الاتجاه الصحيح ويمكن البناء عليها وتطويرها.
أشك ان يسمح اي شيعي سلطوي أوسني سلطوي او كردي انفصالي بما يفرضه المنطق وبما يطالب به الشعب ويوافقون على كلام ومبادرات المرجعية ويتشبثون بها في العلن ويرفضوها في الغرف الخاصة المغلقة بقوة وازدراء ويعملون بالضد منها .
اتمنى ان اسمع كلمة السر ويبدا التغييروالثورة بفتوى من المرجعية في النجف الاشرف .. فتوى اخرى للجهاد الكفائي على دواعش السياسة الذين لا يقلون اجراما وفسادا من دواعش مايسمى “الدولة الاسلامية في العراق والشام “.. تمنيات الاغلبية الساحقة من الشعب العراقي والمهمشين في بلدهم والفقراء والجياع في الوطن .
ونشهد حل البرلمان والحكومة والذهاب لانتخابات مبكرة والغاء المحاصصة بحكومة انقاذ وطني من المستقلين وعدم مشاركة الوجوه المجربة لانها عاثت بالارض وحياة العراقيين فسادا من خلال ادارتها لمقدرات العراق ١٣ عام واستولت على قصور الشعب التي بناها النظام السابق من لقمة وكدح وجوع ودماء العراقيين ولم تسلم منهم الحدائق العامة والمسطحات وكل فضاءآت الوطن وصل الامر لحد تقاسم السفارات المنتشرة حتى في دول لم يوجد معها تعامل تجاري او عسكري اوعلمي او جالية عراقية بل اصبحت تلك السفارات منافذ لغسيل الاموال وتهريبها .
ان الانتصار الحقيقي الذي سيقضي على الاٍرهاب بإقامة دولة القانون والمواطنة والعدالة الاجتماعية للجميع ولم تبقى حينها منطقة خضراء ومنطقة سوداء او رمادية وامتيازات جهادية وملائكية وسفارات تعمل كأوكار للفساد بكل انواعه وصل لحد الاتجار بالبشر والدعارة .
كثيرا مايردد بعض اطراف الحكم ان دور المرجعية دور أبوي ولا تتدخل بالسياسة وهذه ادعاءات باطلة او تريد تكبيل يد المرجعية في درء المظالم عن الشعب ومحاربة الفساد واعتقد هؤلاء وغيرهم يعلمون علم اليقين ان دور المرجعية هو اشاعة العدل ومحاربة الفساد من أولى أولوياتها ولا معنى لوجودها اذا لم تناصر المظلومين والفقراء وتحارب الانحراف وهي التي ترفع شعار الثورة الحسينية والتمسك بمبادىء الاسلام ونهج الامام علي “ع” .
كيف يمكن لعاقل ان يصدق ان المرجعية غير معنية بما يجري من فساد وظلم ورشى ومحسوبية وانفلات امني بسببه تزهق مئات الارواح كل يوم وبسبب السياسات الخاطئة اوتسكت و تكتفي بالأبوة لهؤلاء هذه الاقوال التي يطلقهاحكام الصدفةاللعينة ليس لها اي أساس من الصحةاومعنى . المرجعية تعلم قبل غيرها حجم ما لحق بها من ضرر كبير بسبب من يدعي انه ابن المرجعية ويسرق ويظلم شعبه ويستولي على الاراضي ويملك طائرات خاصة والوية من الحمايات والشعب تنهشه مخالب الارهاب المتوحش ومدن مستباحةباحتلال داعش وتهديدات دول الجوار.
ان اخطر ما ارتكبته الطغمة الحاكمة مابعد 2003 هو التستر بالدين واستمالت الجمهور على أسس طائفية ومذهبية والدين والمذهب منهم برآء . وبكل اسف هناك رجال دين من وعاظ السلاطين والانتهازيين ساعدوا في اضفاء الشرعية والقداسةعلى بعض الساسة وتخادموا معهم من اجل الاستيلاء على العقارات والمال العام والتاثير على عقول البسطاء .
منذ الازل والعراق يعيش تنوعه المتصالح وسلمه الأهلي وكل وقائع التاريخ تثبت ذلك ولم يحدث انقسام طائفي مثلما حدث بعد الاحتلال الامريكي 2003 وساهمت به الأحزاب العراقية وقسم المجتمع والجغرافية على أساس طائفي خدمة لمصالحهم في تقاسم السلطة وحرموا المجتمع من تواصله الطبيعي ومصاهرته التي كانت مصدر فخر لكل العراقيين بين شعوب المنطقة .
الامر اليقين ان الشعب ما عاد يثق بكل الأحزاب في العملية السياسية الراهنة ويعتبر المرجعية في النجف هي المرجعية الوحيدة التي يطمأن اليها ويلجأ اليها عقائديا وتاريخيا ووجدانيا من قبل الطوائف والأديان الاخرى وبعض الأحزاب العلمانية التي لم تتلطخ يدها بالفساد ، لان المرجعية الدينية بالتجربة والبرهان القاطع كانت ومازالت هي صِمَام الأمان لبقاء العراق موحدا متماسكا بسلام وتعايش ومحبة . ولا غرابة ان نسمع مطالبات بتدخل المرجعية بشكل اقوى واسرع للخلاص من الطغمة ومافياتها التي حكمت البلاد والعباد .
ربما هذا الكلام لا يروق للبعض لكن لا نستطيع لي عنق الحقيقة والواقع والتاريخ او نوهم أنفسنا ان دور المرجعية خطابي ليوم الجمعة فقط او ان تاثيرها مقتصر على ساعة خطابية اومناسبة دينة . ان دور المرجعية ابوي وتنويري وسياسي من اجل اشاعة وتحقيق العدالة لجميع المواطنين بغض النظر عن انتماءآتهم العرقية والمذهبية . لا اعتقد انها تحت اي ظرف مهما كان بالغ التعقيد والخطورة ان تتخلى عن ذلك في سبيل العدالة والإصلاح وبناء مؤسسات الدولة المدنية التي تحترم بها كل الاديان والمذاهب والتاريخ القريب شاهد ولسان حالها اليوم يؤكد هذا بقوة. ان لمن لايجيد القراءة السياسية والخطاب او من يحاول التغابي قالت له المرجعية {لــقـد بحت اصواتنـــا} من المطالبة بالاصلاح والتغيير الذي يشمل الجميع بلا استثناء . ولم تصدر المرجعية اشارة او رسالة او انملة بكل خطاباتها ومتبنياتها بانها تريد ان يكون العراق دولة دينية اكدت مرارا وتكرارا سعيها للعراق بلد المواطنة للجميع ودولة قانون مع الحفاظ على خصوصية مكوناته وهذا جوهر الدولة المدنية الحديثة .
ولمن يدعي النخبوية “البرجعاجية” ارسلت له دلالة واضحة بنزولها للشارع وفي يدها {المـكنــسة} وعليه ان يفكك رمزية الرسالة ويقراها بشكل صحيح قبل فوات الآوان . علاوة على ذلك اعلان “السيد مقتدى الصدر”قائد الفصيل الشيعي الاكثرجماهيرية في الشارع العراقي ومن منصة ساحة التحرير على مسمع ومرأى سكان المنطقة الخضراء وصرخته المدوية { شلع قلع} لكل ساسة الصدفة بما فيهم وزراء كتلته وهذه استجابة مباركة ومنسجمة مع المرجعية العليا في النجف وتطلعات الشعب العراقي رغم كل الخسارات الفادحة ودماء الابرياء .
تبا للمتخرصين والحمقى والمتغابين ..اللهم اني قد بلغت اللهم فأشهد
Tampere – Finland
[email protected]