23 ديسمبر، 2024 2:07 م

الجهاد الكفائي، وتاريخ يكتب

الجهاد الكفائي، وتاريخ يكتب

السيستاني، رجل كبير السن، لا يقوى على حمل طفل صغير، يعيش في احدى دهاليز النجف، لم يقف على اعتاب سلطان، لا يملك بيتا، غير 70 مترا يسكنها، مؤجرة من سيد امين جواد شبر مالك البيت.
تدخل السيستاني في كثير من نقاط الفصل، ليكون خياره القاطع، في مرحلة التاريخ العراقي، ليكون الشخصية الاولى في العراق، والتي يحسب حسابها، حتى باتت تدرس قراراته، اذ تؤثر على القرار العراقي، والامريكي في العراق.
سقوط كبريات مدن العراق وفي وقت حرج جدا، اذ لم يشافى العراق من جراحه بعد، وخروقات الارهاب الداخلية التي تنهشة، وركاكة القوى الامنية، والترسانة العسكرية، والانشقاقات الداخلية، ادخل المواطن العراقي في رعب تام، بأن المناطق الاخرى ستسقط بيد التنظيم الارهابي، او ان العراق سيقسم لا محال، الى شمال كردي، وغرب وشمال غربي وجزء من الوسط سلفي متعصب، و ووسط وجنوب شيعي.
التخبط السياسي لم يكد يهدأ، والحرب الاعلامية بين السياسيين في اوجها، فكل اتخذ المناطق التي انهارت بيد التنظيم اللااسلامي، ذريعة لاسقاط خصمه، ليتصيد بالماء العكر، وليكون هو البطل القومي الذي سيعيد للبلد مهابته؛ في ما لو آلت اليه مقاليد الحكم، وما هي الا ابواق اعلامية ليس لها الا مئارب شخصية وفئوية.
وسط هذا الضياع السياسي، فؤجئ الجميع ومن على منبر الجمعة، من كربلاء الحسين”ع” بأن القرار الحكيم، والفيصل هو هناك في النجف الاشرف، ليعلن عن فتوى الجهاد الكفائي، لتكون فتوى تاريخية، ثورية، لاعادة المناطق المغتصبة الى ارض الوطن، وبعقيدة الشهادة الدينية، من المرجع الاعلى للطائفة الشيعية في العالم.
انطلق سيل المتطوعين، من كل حدب وصوب، لتلبية النداء الديني والعقائدي، ليسطر اروع الملاحم في التضحية والفداء، تاركين خلفهم محبيهم، فالشباب بعمر الورود، وفتيان، وشيب، روو هذه الارض بدمائهم، والنجف هو القائد لكل مرحلة حرجة، لتكون كلمة من هناك كفيلة بقلب مجريات الامور.
الحشد الشعبي، والجيش الذي كان منكسرا قبل فتوى الجهاد الكفائي، راحوا يحررون المناطق تلو الاخرى، رغم خساسة التنظيم الداعشي في الاساليب القتالية القذرة، والمساندة الامريكية الوقحة والتي تضرب طائراته الجيش والحشد، تحت ذرائع الخطأ على ارض المعركة، لم تثنهم عن عزيمتهم، وها هم يقدمون التضحيات، لتعود اراضي الوطن سريعا، بعد حضن الاغتصاب.
اثرت هذه الانتصارات على المستوى الاقليمي، لتقلب المعادلة، فالدول المتنازعة العظمى، بعضها يريد ابقاء داعش من اجل الهيمنة، واقصاء خصومه، وتنفيذ مأربه، كما تفعل امريكا وحلفائها، واخراها يريد التدخل ليقضي عليها ليبني لنفسه قواعد قوى في المنطقة، تمكنه من مجابهة خصمه، كما تفعل روسيا وحلفائها.
الموصل تعاد، والفيصل هناك على ارض النجف، ليزدحم التاريخ بقرارتها النافذة البصيرة، فمن الانتخابات، والدستور، وديمقراطية الاقتراع، والسلم الاجتماعي، واطفاء حرب النجف، الى الموصل، حكاية لو توغلنا بتفاصيلها، لتاه الحبر عن ورقه فيما يروي وعجز، وسنرتقب ما بعد داعش، لننتظر القرار من هناك.