23 ديسمبر، 2024 12:07 م

الجنوب في الدراما العبثية العراقية

الجنوب في الدراما العبثية العراقية

تتطور مفاهيم الانتقاص بمرور الزمن وليس من المعقول ان تبقى مقتصرة على أشكالها الأولية كهجاء وسُباب والخ.. ، فتطور مجمل الأساليب في كافة المجالات يحتم على الانتقاص أن يكون لسان المنتقص منه في بعض الأحيان .

أن إضفاء صفة الفن على الدراما يجعل من الأخيرة مرنة المفاهيم وتصبح أداة طيعة للحداثة
ولكن أي حداثة أهي محاكاة دراما الدول المتقدمة
بكل تأكيد بأن الإجابة ب (نعم) ستكون صفعة لمفهوم الدراما كفن فالأخير يعني الموهبة والأستثنائية في التعبير عن الذات
ومن هذا المنطلق فأن اي محاكاة وتقليد لتجارب سابقة تفقد الدراما صفة الفن وتجعلها أداة نقلية لا اكثر

فالحداثة التي نبحث عنها هي تطور الأساليب الخاصة في البيئة المراد التعبير عنها او تلك دون الخروج عن المتعارف فيها ، ومادامت الدراما كذلك فلا يجوز من باب الالتزام بمفاهيمها الخروج عن عرف البيئة المعبرة عنها .

الدراما العراقية هي عبثية بمجملها كظاهر ولكنها في كثير منها لم تصل حتى لمستوى هذا النوع من الدراما ، فالعبثية في الدراما العراقية قد تجاوزت هذا النوع الهزلي فغيبت الرمزية وبقيت محتفظة باللا منطقية وفقدان الترابط فيها.
وبالعودة للعنوان وقضية الجنوب العراقي تبرز عدة عوامل تدفعنا للتشكيك بالدوافع الحقيقية للقائمين على الاعمال الدرامية العراقية ومنها :

1_ تكرار ذات الصورة المنقولة عن الجنوب العراقي في اغلب هذه الاعمال.

2_ إظهار الشخصية الجنوبية دائمًا بصورتها البائسة المذلولة .
3_ تجاهل الحديث عن الوجه المشرق للجنوب العراقي واختزاله دائما في المعاناة.

4_ استبعاد تصوير الشخصيات الثقافية والفكرية الجنوبية من الاعمال الدرامية إلا ماندر.

5_ ربط الصفات المجتمعية السيئة في الشخصية الجنوبية دائما ، كأن لامساوئ عشائرية إلا في الجنوب مثلا.

وهناك عوامل اخرى تدفعنا للتشكيك لامجال لذكرها الآن ، بيد أن استمرار هذه الحالة اللا صحية في الدراما العراقية بما يتعلق بتمثيل الشخصية الجنوبية بلا شك هو تعبير صارخ عن الحقيقة التي يخجل الجميع من التعريج عليها ألا وهي النظرة الطبقية المتمكنة في نفوس الكثير اليوم، إذ دائمًا ما ينظر هولاء نتيجة التراكمات الحكومية وايضا لا استثني منها الدرامية على تدعيم الطبقية أتجاه أهل الجنوب حتى أمتدت اليوم هذه النظرة لتشمل أهلنا في (المدينة)
وهذا ماينذر بحالة من الانحطاط القصوى التي وصل اليها المجتمع العراقي نتيجة هذا التمييز العنصري ، واليوم قد يظن قارئ هذا المقال أن كاتبها من الجنوب لكن للاسف لست جنوبيا لاسمو شعرًا وغيرةً واصالة وهذه الصفات التي قد تنساها صانعوا الدراما العراقية لجانب التميز الأبداعي والثقافي والعلمي في الجنوب .
ومما يحز في النفس أكثر هو انصياع ممثلين من الجنوب لكثير من هذه الأعمال غير مدركين لخطورة أنها تؤدي بشكل وبأخر لمزيد من التعنصر والاحتقار للشخصية الجنوبية وخصوصا في ظل شيوع هذه النظرة المريضة.

وختامًا لاخير في دراما تمييزية تقوم على أسس إقطاعية في تصويرها وتعبيرها عن الواقع.