من الواضح أن تحركات وتمدد تنظيم داعش في الاراضي السورية وتحديداً بالجنوب السوري في المثلث السوري- الأردني -الاراضي المحتلة “فلسطين ” و مناطق ارياف غرب وشمال غرب درعا ، يتزامن مع مشروع ما يستهدف نقل الثقل العسكري للتنظيم من شرق سورية إلى مناطق جنوبها ..فالمناطق المذكورة اصبحت مرتع لتنظيم داعش وهناك ومن خلف الكواليس من يسهل للتنظيم الإرهابي تواجده ويدعمه بالأسلحه،والاخطر هنا ما تتحدث عنه التقارير الدولية إن التنظيم يملك اليوم مدافع عيار 130 ملم من ذات المدى 27 كم ودبابات ت 55 ومدافع ميدان 122مم سيطر على بعضها بعد الهجوم الاخير للتنظيم على مواقع للمجاميع المسلحة في ريف درعا الغربي ،وبالتزامن مع هذا التطور الخطير تؤكد التقارير الدولية أن التنظيم يستقبل إرهابيين جدد فارين من معارك الشرق السوري والشمال العراقي .
الكثير من المتابعين يقرأون أن مجمل هذه التطورات ، تعكس إلى حد كبير ما يحاك خلف الكواليس من مشروع كبير يرسم للجنوب السوري ولاحقاً للأردن ، والهدف هو ابراز كيان داعشي “كبير ” بهذه المنطقة” .. المثلث السوري- الأردني -الاراضي المحتلة “فلسطين ” و مناطق ارياف غرب وشمال غرب درعا” يبرر للكيان الصهيوني الدخول للاراضي السورية عسكرياً بحجة محاربة هذا الكائن “الهلامي المصطنع “والهدف بالاساس هو اقامة مناطق أمنة بعموم هذه المناطق … تخدم الكيان الصهيوني بحيث تسهل له إعادة تفكيك هذه المناطق جغرافياً وديمغرافياً واعادة تركيبها بما يخدم مصالح الصهيوني”
فاليوم وفي ظلّ سيطرة ما يسمّى «جيش خالد بن الوليد» التابع لـ«داعش» على منطقة حوض اليرموك في مثلّث الأردن ــ درعا ــ الجولان المحتلّ،وبعد تقدمه الاخير باتجاه بلدات تسيل وسحم الجولان وعدوان وجلّين وتل عشترة وتل جموع،والتقارير تؤكد أن نوايا التنظيم لا تتوقف عند هذا الحد ، بل هناك عمل جدي يسعى له التنظيم للسيطرة على معبر تل شهاب الحدودي مع الأردن ،الاخطر هنا ان أي تقدم للتنظيم بعموم هذه المناطق يصاحبه حالة نزوح وافراغ دمغرافي لسكان هذه المناطق ،وهذا بدوره يؤكد ان التنظيم بشكل مقصود أو غير مقصود يخدم مشروع الاسرائيلي والأمريكي ومعهما بعض الانظمة العربية بالجنوب السوري ،الذين يخططون لاقامة مناطق أمنة “يعاد تركيبها ديمغرافياً بما يخدم مصالح الكيان الصهيوني” بعموم هذه المناطق .
هذه التطورات بمجموعها ،الجارية بالجنوب السوري ،بدأت بشكل أو بأخر تلقي بظلالها على الأردن ،فالمتابع لمايجري بالأردن بالفترة الاخيرة ،سيلحظ أن هناك حالة قلق من عموم هذه التطورات بالجنوب السوري ،فالاراضي الأردنية بالايام القليلة الماضية كانت مسرحاً لزيارات مكوكية لمسؤوليين عسكريين وسياسيين عرب وغربيين بمجملها كانت تركز على هذه التطورات الجارية بالجنوب السوري ،واخر هذه الزيارات هي زيارة برت مكجورك، المبعوث الأميركي للتحالف الدولي ضد داعش، والفريق أول جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية.
اليوم من الواضح أردنياً وتزامناً مع مجمل هذه التطورات ،أن هناك حالة قلق أردني من عموم تطورات ملف الحرب على تنظيم داعش في سورية والعراق ،وخصوصاً مع التقارير التي تتحدث عن أمكانية أن تكون الجبهة الجنوبية السورية هي الوجهة الاخيرة لداعش في حال خسارته لمعاقله في الموصل والرقة ودير الزو،وخصوصاً مع التقارير التي تؤكد أن التنظيم بدأ فعلياً بتبني هذا الخيار ، والاخطر هنا ما تتحدث عنه التقارير الدولية إن التنظيم يملك اليوم مدافع عيار 130 ملم من ذات المدى 27 كم ودبابات ت 55 ومدافع ميدان 122مم ،وبحال تأكيد سيطرة التنظيم على هذه الاسلحة المتطورة ،فهذا بحد ذاته يشكل تطور خطير قد يهدد أمن المناطق والمدن الأردنية .
خيار التنظيم هذا بحال تأكيد حصوله ،من المؤكد إنه سيشكل حالة ضغط على صانع القرار العسكري الأردني ،فمسألة الانزلاق نحو عمل عسكري أردني استباقي بإتجاه الاراضي السورية لمحاربة تمدد التنظيم ،سيكون له أثمان كبرى داخلياً وخارجياً ،بعكس الاسرائيلي الذي وكما تؤكد تطورات الجنوب السوري إنه منتشي اليوم بهذا التقدم لتنظيم داعش ،فهذا التقدم يتيح للاسرائيلي وعبر أدواته في القنيطرة القيام بعملية عسكرية بعمق الاراضي السورية وبغطاء أمريكي وبتوافقات ما من هنا وهناك بحجة طرد التنظيم من مناطق تهدد أمن الكيان الصهيوني في القنيطرة ،وبهذا يوضع التنظيم بمواجهة مباشرة مع الأردن ،وهذه الخطوة بذات الاطار تضع الأردن أمام خيارات صعبة ،فمن مصلحة الصهيوني زعزعة أمن الأردن ،وجره عسكرياً إلى المستنقع السوري ،وهذه الخطوة بالذات أن انساق الأردن لها ،فسيكون لها ما عليها .
الأردن الرسمي وصانع القرار العسكري بدوره لا يريد الذهاب نحو هذا السيناريو ، ولايريد أن يجر نحو الانزلاق بمستنقعات ذهب لها البعض ولا يعرف للآن كيف سيخرج منها ،ولهذا وكما تؤكد التقارير ،يحاول الأردن الاستثمار بما يملك من اوراق على الارض السورية لإسقاط أي مشروع لتحويل الجبهة الجنوبية السورية لامارة داعشية اخيرة للتنظيم ،وبذات الاطار ينسق مع الجميع علناً ومن خلف الكواليس بما فيهم السوريين والروس ،لتسوية سريعة لملف الجنوب السوري ،تكون مرضية لجميع الاطراف .
ختاماً ، من المؤكد أن عموم التطورات الجارية بالجنوب السوري ستأخذ حيز كبير من المناقشات في الداخل الأردني وبين دوائر صنع القرار في النظام السياسي ، فهذه التطورات بمجموعها تزامناً مع ما يعيشه الأردن داخلياً ، تؤكد أن الأردن بات مجدداً في دائرة الاستهداف ،وعليه العمل سريعاً لوضع حلول عاجلة تجنبه الانزلاق بمستقعات ومصائد يريد البعض جر الأردن لها ، خدمة لمشاريع كبرى ترسم للمنطقة بمجموعها .