9 أبريل، 2024 2:25 م
Search
Close this search box.

الجنوبيون وحدهم في المعركة

Facebook
Twitter
LinkedIn

يتذكر الجميع دون ريب الجدل الذي دار حول معركة تحرير الموصل في أواخر العام الماضي. وكيف استعر الخلاف داخل العراق وخارجه حول القوى التي يتاح لها الاشتراك في المعركة، والقوى التي ينبغي إبعادها عنها. ومن يجوز لهم دخول المدينة، ومن لا يجوز لهم ذلك أبداً.

وقد حدد المعترضون أصحاب الحق الشرعي في دخول المدينة، بأكثر من جهة. وذكروا الكرد والترك، والأميركان، ومتطوعي المدينة، والقوات الحكومية. أما الممنوعون من دخولها فهم أفراد الحشد الشعبي حصراً!

ومن المعلوم أن الكرد أعلنوا صراحة نيتهم الدخول إلى قرى في الساحل الأيسر بهدف إلحاقها بإقليمهم، والتوقف بعد ذلك عن أي عملية عسكرية .

أما الترك فقد اندفعوا بادئ الأمر لأغراض مختلفة، باعتبارهم حماة للسنة، أعداءً لداعش، مدربين لقوة متطوعي المدينة المعروفة بالحشد الوطني! أما عدد مقاتليهم فلا يزيد عن مئتين وخمسين جندياً!

ومتطوعو المدينة – وهم عدة مئات من الأفراد – تدربوا في أربيل تحت إشراف تركي. ورئيسهم هو المحافظ المقال، المتهم بالتفريط بالمدينة، أثيل النجيفي.

ولا يحق للقوات الحكومية بموجب هؤلاء المعترضين البقاء في المدينة بعد تحريرها. فقد جاؤوا لغرض محدد هو طرد داعش. وحالما يتحقق هذا المطلب يخرجون من حيث أتوا دون إبطاء أو تأخير!

وهناك قوى أخرى يحق لها الاشتراك الفعلي في المعركة، وإن كانت لا تمتلك جنوداً على الأرض، باستثناء عدد قليل من المستشارين، وهي قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. وميدان نشاطها الوحيد هو الجو.

وغني عن البيان أن تنظيم داعش هو تنظيم دولي، يضم أفراداً من جنسيات مختلفة، عربية وغير عربية. وفيهم مقاتلون من أوربا وآسيا وإفريقيا، بالإضافة إلى المجندين العراقيين.

هؤلاء جميعاً سيشتبكون في معركة الموصل، ويقررون نتائجها على الأرض. ومن المفترض أن يؤدوا جميعاً عملاً عسكرياً ضخماً. رغم أن الشعار الذي أعلنه سياسيو المدينة بادئ ذي بدء أن أهل الموصل أحق بتحريرها من سواهم!

القوة الوحيدة الممنوعة من المشاركة هي الحشد الشعبي. وهي قوة ضاربة مسلحة تسليحاً جيداً، مدربة على القتال تدريباً عالياً، وعددها المقرر زجه في المعركة مئة وأربعون ألفاً. وميزة هذه القوة أنها عراقية مئة في المئة، وجل أفرادها قادمون من المحافظات الوسطى والجنوبية.

ولكنها بسبب انتماء أفرادها المذهبي فهي بنظر المعترضين ميليشيات طائفية، تعمل على اجتثاث السنة وتشييع الأهالي وتغيير الديموغرافية ونهب المنازل .. ألخ!

وقد نجحت هذه (البروبغاندا) في حمل الحكومة العراقية على إبعاد الحشد الشعبي هذا عن معارك الساحل الأيسر. ولكنها استعانت به لإحكام السيطرة على المناطق الغربية المحاذية للحدود السورية، ومنع التعزيزات القادمة من الخارج.

وبعد مرور خمسة أشهر على انطلاق العملية لم يبق من هذه القوى على الأرض سوى الجيش والشرطة والحشد الشعبي! أما الآخرون فقد انزووا جانباً ولم يسمع لهم صوت بعد بدء المعركة بقليل.

قضم الكرد قرى الشبك وسهل نينوى وركنوا إلى الدعة. واختفت قوة متطوعي الموصل نهائياً. أما الترك فقد احتفظوا بمواقعهم في معسكر بعشيقة ولم يحركوا ساكناً. واكتفى الأميركيون ببعض الطلعات الجوية المحدودة.

وإذا كان الأمر قد انتهى على هذا النحو، فلماذا أثيرت كل تلك الضجة، وإذا كان أبناء الجنوب هم وحدهم من سيبقي في أرض المعركة، ويتحمل عبء التحرير، فلماذا رفضت مشاركتهم في البداية؟

في الأيام الأخيرة المتبقية من معركة الموصل، تبخرت قوى ادعت أن بيدها الحل، وخفتت أصوات، زعمت أنها تحتكر المسؤولية. وعرف الناس من هم المقاتلون الحقيقيون الذين ينهضون بمهمة التحرير. ومن هم الأدعياء الذين يرقصون على جراحهم وقت الشدة. وربما أدركوا أن عليهم تغيير قناعاتهم التي ترسخت لسنوات عن مواطنيهم الجنوبيين، الذين اندفعوا لنجدتهم دون تردد. وأن الفرصة الحقيقية للتقارب والوحدة والاندماج قد أزفت الآن.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب