23 ديسمبر، 2024 12:58 ص

يبدو ان الجنرال كورونا .. اعلنها صراحة عن تغيير شكل الحروب في المكان والزمان ، فهو يمتلك خريطة جرثومية متطورة ، يصيب هذا ويغفر لذاك .. انها ربما بداية لحرب جرثومية ، ما كانت يوما في عقل فرعون وهامان ، ولا في عقل قياصرة روما والفرس واليونان ، ولا حتى في عقل الاسكندر المقدوني ، ولا بونابارت وجنكيزخان ، وهتلر ، وبقايا طغاة الصولجان .

عالم اليوم .. يتخبط ويتراجع بشكل محزن ومخيف امام فايروس كورونا ، حتى امسى مثل خيوط بيت العنكبوت ضعيفة واهية ، لا اعمدة ولا اوتاد ، ولا اشعار تشيد بما سطره الاجداد .
هكذا هو انسان اليوم .. ضعيفا مستسلما محبطا ، امام ظاهرة الأمراض المفاجئة .. والحروب الجرثومية المُحتملة ..
من وباء الطاعون ، الى جنون البقر ، ومن فلاونزا الطيور ، وآيدز البشر .. واخيرا امام وباء كورونا ،
يسقط مرة واحدة ، خائفا مرتبكا .. و تسقط معه الدول مجتمعة هي الاخرى ، حائرة خائرة ، لا صواريخها تنفع ، ولا سفنها الحربية تقلع ، ولا مختبراتها العلمية تشفع .

في روما … تتعطل السينمات والمتاحف والمسارح ، وفي مقاهي باريس لا مواعيد للحب والمطارح ، وفي شوارع لندن تتعثر التجارة و المصالح ، اما في العراق العظيم .. فليس لنا سوى الدعاء وقراءة التعاويذ .. والشماتة بدول الكفر والالحاد .. والاصرار على الجهل المقدس ، من خلال خطب الاسياد .

ترى .. ما نفع صناعة الدبابات والصواريخ والطائرات المخيرة، والمسيرة ، والمشفرة .. وكل نتاجات تكنولوجيا السلاح ، اذا كانت الحرب الجرثومية فعلا قد دقت الابواب ، سلاح جديد لا ينجو منه الا اولو الألباب .
هل هي مصادفة .. ان تعشعش جراثيم كورونا في مدينة ( ووهان ) الصينية ، مدينة العلم والبحوث والجامعات والرخام ، ولاتنتشر في مدينة شنغهاي الاقتصادية المكتظة بالبضائع والناس والاحلام ..
وهل هي مصادفة .. ان تنتشر كورونا في مدينة قم الدينية الايرانية ، و تظهر خجولة في باقي مدن ايران التجارية ..؟

وسواء كانت حربا جرثومية مقصودة .. او عدوى لامراض معهودة ، فأن الحرب الاعلامية الامريكية اوصلت رسالتها الى بكين وطهران بسرعة واتقان .. وشلت حركة الاقتصاد وعزلت الصين وايران .. ولا يهم ان تصل جراثيم كورونا متاخرة الى مدن ايطاليا ، والمانيا ، وفرنسا ، وحتى مدن امريكا .. المهم ان العالم قد استفاق على حرب اعلامية سبقت الحرب الجرثومية ، و جعلت من مطارات الصين خاوية منسية في عزلة خانقة ، كلفتها عشرات المليارات .. وجعلت اقتصادها يهرب من المصانع الى المشافي والحجر الصحي والثكنات .

للعلم.. ان امريكا لم توقع ابدا على معاهدة الحد من الحرب الجرثومية .. ويبدو انها ارادت وبشكل مبكر تنبيه الصين التي قطعت اشواطا في انشاء الموانيء في اليونان وتركيا .. لضمان امتداد طريق الحرير الى الشرق وامريكا اللاتينية ، وتغرس جذورها التجارية داخل وخارج حدود الولايات الامريكية .

معظم حروب التاريخ .. تندلع لاسباب اقتصادية.. وعالم اليوم يعيش وبحق ازمة اقتصادية خانقة .. فجميع دول العالم تعاني من ازمات اقتصادية متلاحقة ، وجميع دول العالم تعاني من مديونية متزايدة.. وهذا الوضع من الركود والتضخم والغلاء والبضائع الغالية .. يذكرنا بالذي حصل في السنوات التي سبقت نشوب الحرب العالمية الثانية .
اخيرا / .. هل نحن امام حرب عالمية ثالثة ..؟
يبدو ان مقدمات هذه الحرب جاهزة ماثلة ، لفشل الانظمة الديمقراطية في العالم التي تعاني من خلل في الفكر وروح المبادرة .. وتقف عاجزة امام اجيال رقمية خطرة ، لا يمكن التلاعب بعقولها من خلال سياسات التضليل الاعلامي ، و سياسة الاحتواء الصبياني .
لكن الصين صاحبة النمو المتسارع .. سيكون لها موقف اخر .. من هذا الصلف والتهور الامريكي .. اقله ان تكثف سعيها لتكون القطب الثاني مع امريكا لقيادة العالم الجديد.. عالم ستحكمه عقول رقمية شابة .. تستهدي بكشوفات تكنولوجيا الاتصال ، واسلحة الانترت الفعال ، الذي سيصبح مجانا كما اعلنت احدى شركات الاتصال .
لقد بات مؤكدا .. ان اقتصاديات الاعلام في حالة انعاش وفي طريق مسدود ، وان الذكاء الاصطناعي سيحيل العقل الى الاستقالة .. عندها ستتغير قواعد اللعبة .. وستتغير معها نظريات ، وادوات الصراعات القادمة .
د كاظم المقدادي