حدثني احد المنتسبين في القوات الأمنية والعهدة على الراوي كما يقال، وكان برتبة عريف في الجيش العراقي : في واحدة من المواجهات التي استمرت لساعات مع احد الإرهابيين . أنيط لي مع مجموعة من رفاق السلاح بمداهمة وكر هذا الإرهابي العنيد هذا بعد نفاذ ذخيرته .
كوننا لا نملك أسلحة نوعية متفوقة تؤهلنا في الانقضاض عليه دون انتظار آخر رصاصة يطلقها باتجاهنا . هذا من جانب ومن جانب آخر ، طلب آمر الفوج من إلقاء القبض عليه حيا لأمر في نفس يعقوب . وهكذا عندما حانت ساعة الصفر ، أتذكر جيدا كيف وجدت نفسي على مقربة المتر منه انظر إليه والى الدم الذي اخذ يتدفق من انفه واذنه ، بعد أن سددت له ركلة من ( البسطال الأمريكي ) الذي ارتديه .. بهذه الهيئة اقتدناه الى آمر الفوج ، الذي اثنا علينا معززا وجودنا كأفراد متميزين في المؤسسة العسكرية
ما جعلنا متأهبين لعمليات مماثلة تدر علينا مزيدا من قصص البطولة والإقدام .
بعد ثلاثة أشهر تحين نقلي الى سيطرة قريبة في نفس المنطقة .وذات يوم إذا بسيارة نوع ( سبورتج ) موديل حديث يطل احدهم منها علي ، بعد أن طلبت منه إبراز هويته الشخصية . خلع نضارته الشمسية قائلا ” كيف الصحة يا فلان ابن فلان ابن
فلان ” . عرفته دون الحاجة لان اشحذ تفكيري أو أتفرس في قسمات وجهه ، بعد ان نعتني باسمي الثلاثي مضيفا ” ها عرفتني ؟.اذني حتى يومنا هذا لا استطيع السمع بها . ” ثم أردف بلهجة تهكمية اقرب الى التهديد ..” نحن أناس فقراء ما ضللكم ودفعكم للاقتتال معنا .. هل ترى شيئا آخر نقوم به عدا زراعة هذه الأرض ” .. ثم وهو يرتدي نضارته قال ” خدمة أخرى ” انصرف حتى دون أن ائذن له بذلك مخلفا ورائه سورة من الغبار.. في تلك اللحظة كان جل تفكيري ، أن أسدد لأحد ما ركلة بنفس( البسطال ) بل ركلات متتالية حتى يلفظ أنفاسه . تراءى لي آمر الفوج ، يقهقه عاليا وهو يشحذ الهمم .. والإرهابي متربصا ساعة النزول والالتحاق .. في نفس الوقت كانت فكرة الاستقالة قد استحوذت على كل أفكاري .. وهذا ما حدث .