١٠يونيو/حزيران ٢٠١٤ مئات من مسلحي تنظيم داعش الارهابي يسيطرون بالكامل على مدينة الموصل، بعد “انهيار أمني كامل للقوات الامنية ” في مجمل أجزاء المدن الغربية.
وفي أول إجراء اتخذوه، فتح مسلحو داعش سجن بادوش الخاص بجرائم الإرهاب والجرائم الكبرى، وسجون مراكز اشرطة في المدينة، وأطلقوا سراح الالاف من المعتقلين المحكومين ايضا من المدن الأخرى ،التي تمت السيطرة عليها تباعا، ليعلنوا لاحقا ولائهم وانضمامهم للإرهابيين. وبعد تسارع وتيرة الأحداث وتوغل داعش الى مدينة الانبار وصلاح الدين، والى أجزاء كبيرة من مناطق ديالى وكركوك ،ثم يعلن زحفه الى مدينة بغداد لاعلان ما يسمى دولة الخرافة في مقر العاصمة ،اصطدم بشكل مفاجئ بقرار فتوى المرجعية الرشيدة، بوجوب الجهاد وموقفها السريع والفوري لمواجهة الخطر القادم بالثورة الشعبية الجهادية المنظمة ،واعادة الثقة الى القوات الامنية في استعادة دورها القتالي للدفاع عن ارض العراق ومقدساته .وهنا لا بد من أن تثار اليوم من قبل الكثيرين، في سياق المراجعات والقراءات لمجمل وقائع معطيات تلك الفترة الزمنية الحرجة، المليئة بالمؤمرات والاحداث المريبة ،وربما تعتبر من أصعب وأعقد وأخطر المفاصل الزمنية التي مر بها العراق خلال السنوات الماضية بعد سقوط النظام السابق ٢٠٠٣.
وقد لا يخفى على المتابع والمراقب، ان تنظيم “داعش” انطلق من واقع مأزوم من الناحية المذهبية، بسبب أجندات ومشاريع اقليمية ودولية سعت بكل ما أوتيت من قدرات وإمكانيات الى حرق دول وشعوب المنطقة بنيران الطائفية المقيتة.
وقد اثبتت كل الوقائع ان تنظيم “داعش” لا يستثني احدا في اجنداته الاجرامية، وما تعرض له ابناء المكون السني من قتل وتهجير واستباحة للحرمات والمقدسات والاعراض. في نينوى والانبار وصلاح الدين وكركوك، وغيرها يمثل دليلا دامغا على ان ذلك التنظيم الارهابي لم يكن صادقا في شعاراته وادعائاته الكاذبة بالدفاع عن السنة وما يتعرضون له من تهميش واضطهاد حكومي وسجون ،
ولعل الارقام اليوم تتحدث بوضوح عن حقيقة التوجه الداعشي، فأعداد النازحين من المحافظات والمناطق ذات الاغلبية السنية يكاد يكون قد اقترب في ذلك الوقت من أربعة ملايين شخص، وحجم التدمير للبيوت والبنى والمنشآت التحتية والخدمية بلغ مستويات مرعبة، وعدد الضحايا في تلك المحافظات والمناطق تصاعد وارتفع باضطراد مع كل جريمة يقترفها الـ”دواعش”.
او ذاك مبكرا حقيقة وعمق الخطر الـ”داعشي”، فإن المرجعية الدينية في النجف الاشرف كانت لها رؤية ثاقبة وعميقة، وقراءة استشرافية دقيقة وصائبة لمآلات الأمور بعدما اجتاحت عصابات “داعش” مدن العراق واصدرت فتوى الجهاد الكفائي بمحاربة داعش
فلعراقيون هم اولى بالدفاع عن بلدهم من الآخرين، ومن الخطأ الاعتماد والتعويل على القوى الخارجية، والتصديق بشعاراتها وادعاءاتها، لاسيما تلك التي تحوم حولها الشبهات بدعم وتمويل الارهاب.
ان مخططات داعش لاتقتصر على العراق فحسب، لذا فأن عدم تطويقه ومحاصرته وضربه بقوة وسرعة في العراق ستفضي الى استفحاله ووصوله الى بلدان اخرى، مما يعني مزيدا من المآسي والويلات، والكوارث والازمات.
هذه الرؤية المرجعية الشاملة الجوانب والمتعددة الابعاد، تمخضت عن تشكيل قوات قتالية “الحشد الشعبي” تمتلك ارادة قوية ولديها استعداد عال للتضحية، وتعمل وتتحرك في اطار السياق القانوني والرسمي وبإشراف الدولة، وتمخضت تلك الرؤية ايضا عن تبلور رأي عام شعبي على مستوى الشارع العراقي بمختلف مسمياته، رافض لمنهج داعش وسلوكياته الاجرامية، وتمخضت عن قناعة حقيقية وراسخة لدى شتى القوى والمكونات العراقية بأن الخيار الوطني هو الحاسم في توجيه مسارات الامور والكفيل بهزيمة الارهاب.
وعلى ضوء ذلك، فإن الحشد الشعبي قد شكل رقما صعبا ومؤثرا ومهما في اية معركة ضد “داعش”، مثلما يشكل الجيش رقما صعبا ومؤثرا ومهما لا غنى عنه، واذا بدا للوهلة الاولى بالنسبة للبعض ان الحشد الشعبي يحمل هوية مذهبية شيعية، او هكذا حاولت بعض الاطراف الداخلية والخارجية الايحاء بذلك، فإن انخراط أبناء العشائر السنية في محاربة داعش، والمسيحيين والايزيديين والشبك والتركمان، فضلا عن الاكراد، اما في اطار الحشد الشعبي، او بالتوازي والتنسيق والتعاون معه، جعل صورة العراق المتنوع تبرز واضحة وجلية في ذلك العنوان الكبير.
اضف الى ذلك، ان الحشد بعناوينه المتعددة والعناوين القريبة، هو الذي حقق الانتصارات المهمة والكبيرة على تنظيم “داعش”، بدءا من جرف النصر، مرورا بمناطق حزام بغداد، واجزاء من ديالى والعظيم والضلوعية وبلد وبيجي وسامراء وامرلي وتكريت، والانبار بكل اراضيها الشاسعة وشريطها الحدودي والموصل واجزاء من كركوك ولم يكن لقوات التحالف الدولي التي تشكلت بزعامة الولايات المتحدة الاميركية دور حقيقي في كل تلك الانتصارات، بل ربما تكون في بعض الاحيان قد عرقلت وعوقت، واكثر من ذلك دعمت وساندت عصابات “داعش”، لأن أهدافها لا تقوم على انهاء ذلك التنظيم مثلما يسعى العراقيون، وانما تقتصر على اضعافه وتحجيمه حتى يبقى اداة رعب بيدها تستخدمه وتوظفه متى شاءت لتحقيق اهدافها الشيطانية
ان حجم ما تحقق من مكاسب وانجازات يعد نصرا كبيرا للشعب العراقي ولكل المجاهدين الشرفاء من ابناء الحشد الشعبي وفصائل المقاومة الاسلامية الشريفة وابناء حشد العشائر الابطال والذين سطروا اروع الملاحم والبطولات في المعارك .
وفي سياق الفتوى الجهادية للمرجعية هبوا مجاهدوا الجناح العسكري لقبيلة الزهيرية في محافظة ديالى، من قرية العز والجهاد والبسالة والصمود” سراجق”
بقيادة ابنها البار “المجاهد صلاح القاسم الزهيري” مع اخوته وابناء عمومته الابطال، تنفيذا لنداء المرجعية ونداء الوطن ،بعد ان استفحل الارهاب على مشارف قريتهم والقرى المجاورة فكانوا السد المنيع والقلعة الحصينة في صد الهجمات الارهابية ومنع العصابات الداعشية من التوغل والدخول الى قريتهم المنيعة، بعد ان خاضوا معارك شرسة بما يمتلكونه من معنويات قتالية وخبرة عالية في مقاتلة ومجابهة التنظيمات الارهابية والتي كانوا لها بالمرصاد منذ بدايات تشكيل الفصيل المسلح الجناح العسكري للقبيلة ،وتجهيزه واعداده وتدريبه بتمويل من القبيلة ابان فترة الهجمات الارهابية التي كان يقوم بها تنظيم ما يعرف “القاعدة “عام ٢٠٠٥ على المناطق السكنية، واستهداف القوات الامنية العراقية ،وقد باءت محاولاته الفاشلة ايضا بالسيطرة على تلك القرية وتكبد التنظيم خسائر فادحة وجسيمة حتى تم القضاء على عناصره والقاء القبض على قياداته في تلك المناطق وسيطرة القوات الامنية على الوضع الامني ، حتى حالة الانفلات والتدهور الامني التي حدثت عام ٢٠١٤ وتمكن عصابات داعش من اختراق بعض المدن العراقية والسيطرة عليها .
وقد شارك “الجناح العسكري لقبيلة الزهيرية “تحت عنوان الفتوى الجهادية في شرف المنازلة الكبرى وتحرير ارض ومدن العراق من دنس الارهاب، وساهم في المعارك الكبرى والمهمة وخاض العديد من المواجهات العسكرية، بدعم واسناد من القوات العراقية في اغلب قواطع العمليات العسكرية في ديالى والعظيم وصلاح الدين وامرلي ومعارك الموصل، وقدم تضحيات كبيرة ومواقف خالدة في تطهير وتحرير الارض من اجل حماية الوطن ومقدساته، فتحية لرجال العراق البواسل بكل عشائره العربية الاصيلة ،وبحشده وقواته الامنية البطلة بكل الصنوف، الذين دافعوا عن العراق وشعبه ومقدساته ،من اجل كل القيم والمفردات الاسلامية والانسانية والوطنية.