7 أبريل، 2024 9:00 م
Search
Close this search box.

الجميع حكماء بعد إنتفاء الكارثة

Facebook
Twitter
LinkedIn

نلوك الكلمات نفسها، بعد كل مصيبة يشهدها العراق، بدءاً من إحتلال 9 نيسان 2003 مروراً بالكرادة ذات الشقين.. تفجير السيفور في رمضان 2016 وقبله إحتجاز مصلي كنيسة أم الأحزان رهائن قتلوهم ولم يسع القوات الأمنية إلا الهزيمة.. الإجرائية والمعنوية.

خرجنا بنتيجة بسيطة مفادها: “ليس لدينا زلم”.

الرئاسات الثلاث او الأربع.. الجمهورية والنواب والوزراء والقضاء.. وما تحتهم وبمعيتهم من ملاكات الشرطة والجيش والوزارات الأخرى.. كل لاه عن وظيفته بتكديس المال، فساداً أكثر وضوحاً من النزاهة.

ربما النزيه في العراق يحاول أن يخبئ خطيئة إنتظامه على سبيل الشرع والقانون والعرف، أما الفاسد فيجاهر بسلوكه الذي يرضي به القائمين على متابعة شؤون إنهيار العراق!

وتوالت المصائب.. من بين أيدينا ومن خلفنا ومن حيث لا نحتسب.. جسر الأئمة وسبايكر وإحتلال الموصل وثلثي العراق ووصول “داعش” الى أطراف بغداد.. خطوة لو تقدمت “داعش” لخرج الشيعة قبل السنة يهتفون: “ما كو ولي إلا عمر.. إنريد قائد سني”.

شعب يتملق الأقوى، ويقدم أسانيد معرفية لصحة شروط السيف وخطأ توسلات الوردة!

الحكومة تغذي ذلك، تحث بإتجاه الإنهيار الأخلاقي في مجتمع.. لا دين ولا قانون ولا عرف إجتماعي يحكمه، إنما منطق القوة وحده المتحكم بالعراق، وهو يتمزق الآن بين ميليشيات مسلحة، كل يغني على ليلاه باللغة الفارسية.

دول عدة من مصلحتها أن يصبح الجيش العراق أسيراً لدى أعدائه؛ لذلك تكسر شوكته بين حين وآخر.

هزم جيش تعداده خمسون ألفاً، في الموصل، أمام مكبرات صوت مجهول ناصبها، تنادي: “مائتا داعشي قادمون نحو الموصل”.

و… خل من خلاك.. خمسون ألف مقاتل.. مدججون بأحدث الأسلحة الفتاكة.. تركوها هاربين، أمام مائتي “داعشي” إتضح أنهم يحملون أسلحة متوسطة.. بنادق كلاشنكوف، وخفيفة.. مسدسات، في حين الخمسون ألفاً الهاربون يفترض أنهم مدربون جيداً وبين أيديهم أسلحة متطورة، لم يستعملوها.. فروا…

هذا هو جيش العراق، الذي يعجز عن أداء مهمته، فيتجه للإعتداء على مواطنين عزل مسالمين.. عابري سبيل!

بينما “داعش” يدخل مقر سرية.. لا تمويل لتحصينه؛ لأن الفساد إستولى على ميزانية وزارة الدفاع.. ذبحوهم، مثلما ذبح أقل من عشرين داعشي، الفاً وسبعمائة عسكري مدربين على فنون القتال.. قتلوهم مستسلمين.

فمقتل جنود (الطالعة) في ناحية العظيم لم يكن العمل الارهابي الاول ولن يكون الاخير؛ أثبت أن “داعش” تتحكم بالعراق، من خلال كيانات سياسية في السلطة، تضعف البلد وتقوي أعداءه.

بالمقابل ثمة فئات من الشعب تنشئ حواضن للإهاب، وأن الجيش متهافت أنهكه الفساد… لا خطط لديه ولا قدرة على الأداء، بل يذهب لمواجهة العدو؛ كي يموت بين يديه.

العدو يعرف ما يريد، ويسير وفق خطط تأملية مدروسة، أما السياسيون في الحكومة، فلا يعنون بغير الإستحواذ على واردات العراق يحولونها الى أرصدتهم الشخصية، من دون رقابة ولا حساب.

الإنفلات سبَّب رعافاً لا ينقطع في المال والأرواح.

رد الفعل الرسمي مجرد تلويح كلاسيكي بالثأر؛ لم يعد يعني للناس شيئاً، خاصة إذا علمنا أن عوائل شهداء سبايكر 2014 والبالغ عددهم ألفاً وسبعمائة عائلة، لم تتسلم منهم تعويضات، سوى مائتي عائلة فقط، بواقع عشرة ملايين لكل عائلة، بعد سبع سنوات من مراجعات مذلة، انفقت فيها العوائل، أكثر من العشرة ملايين، التي لم تشمل سوى مائتين منهم بعد سبع سنوات.

“بالله لو تأخر راتب أحد الساسة يوماً عن موعده هل سيسكت”!؟

وبين اللوم وإنتهاز الفرصة لتأشير خللٍ في أداء الحكومة، والحكومة متجذرة في الخلل ونبعت منه “هرش أوجرت بيه الكاع” والتنبيه الى الحرص على عدم تكرار الغفلة وأخذ الحيطة والحذر والإستعداد لكل خطوة تتقدمها نملة في جحر تحت التراب.. كلام.. مجرد كلام لا ينفذ.

المحللون أقاموا الدنيا، ولن يقعدوها، يشخصون ويواسون متأسفين، في حين رئيس مجلس النواب يدعو الى (عسكرة الشعب) من خلال تسليح وتدريب ابناء المناطق، ويضيع أبتر بين البتران، يدخل الدواعش بين البيوت فيتحول العراق كله الى قنبلة تتفجر من كل جانب.. بل هو منفذ لتتحول “داعش” الى واحدة من الميليشيات التي تتجول في بغداد مثل سواها من ميليشيات مسلحة، تضرب ضباط المرور إذا تأخروا بفتح الطريق!

وأين ما مروا بحي شيعي او سني، هتف الشعب لهم تحية تملق متأصل في جينات العراقيين: “ما كو ولي إلا عمر.. إنريد قائد سني”.

ضحايا العظيم، درس بليغ لن نتعلم منه شيئاً، مثل كل الكوارث السابقة التي نسيناها، والفجائع الفظيعة المقبلة، التي ستجيء وما تبدلنا ولن نتغير.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب