17 نوفمبر، 2024 11:16 م
Search
Close this search box.

الجمهورية ام الاسلامية

الجمهورية ام الاسلامية

قبل بضعة أيام أعلن القائد الإيراني علي خامنئي أنه يفكر في تغيير نظام الانتخاب الرئيسي في إيران وتبديله بنظام التعيين من قبل مجلس الشورى الايراني بدلاً من الرجوع الى صناديق الانتخاب المباشر وإرادة الشعب، جاء هذا بعد أن باتت الأزمان بينه وبين منصب الرئيس، مزمنة ومتكررة، أيًا كان شاغله، من اليمين أو اليسار وحتى الوسط.
المتابع للشأن الايراني يتذكر الصراع الاقتصادي و السياسي بين رجلي رأس النظام الأقوياء علي خامنئي و أكبر رفسنجاني حين كان الأخير رئيسًا للنظام، الصراع الذي أدى الى فضح قضايا فساد مالي بين المقربين من خامنئي في مرحلة ما وبالتحديد في مؤسسة “البنياد” التي كانت تسيطر على 40% من الاقتصاد الإيراني آنذاك؛   قبل ان يشق الحرس الثوري طريقه ليسيطر على حصة الاسد من الاقتصاد الايراني، ويمكن أيضا الاشارة الى  إقالة و محاكمة أمين طهران العاصمة الذي كان محسوبا على رفسنجاني و كان يحظره بعضهم  و يرشحه آخرون ليكون خلفًا للرئيس اكبر رفسنجاني ، ويتذكر المتابع أيضًا الصراع الثقافي بامتياز بين الرئيس محمد خاتمي و القائد الذي ادى الى احداث الشغب في طهران و في جامعة طهران تحديداً، والقمع الذي صاحب هذه المظاهرات مع قوة مفرطة من قبل انصار “القائد”، و اخيرا يعلم الجميع بمشكلة كبيرة أخرى أو هي الأكبر من نوعها في تاريخ الجمهوريه الايرانية بين “القائد” والرئيس محمود احمدي نجاد المستمرة حاليًا، والتي بدأت بعد ان وضع القائد الكثير من ثقله على كاهل الرئيس بعد ان زورت انتخابات ٢٠٠٩  في ايران بزعم المنافسين للرئيس على الاقل، الأمر الذي سببَ خسارة “القائد” لنسبة كبيرة من مقبوليته لدي الشعب، و في نفس الوقت اطلق الوحش الساكن داخل الرئيس احمدي نجاد إذ اصبح الاخير يعلم أن “القائد” لايمكن أن يتخلى عنه، رغم عدم طاعتة المفروضة حسب المادة 57 من الدستور الايراني، فبعد ان استثمرالكثير فيه و بعد ان خسر الكثير من ابناء الثورة و على رأسهم كروبي و خاتمي و حتى رفسنجاني ..أصبح من الصعب جدا لخامنئي -بصفته الولي الفقية !- ان يعترف بالأخطاء و يتراجع عن دعمه الشبه مطلق لنجاد، نجاد الذي تسلح بالشعوبية و بشعاراته التى استهدفت الطبقة الغير مثقفة والقروية في حملة انتخاباته الاولى ، و استبدلها بالشاعارات القومية في حملة انتخاباته الثانية,و الذي بدأ يخطط في السنة الاخيرة للمرحلة القادمة من حياتة السياسية بطرح  ” الاسلام الايراني” كبديل للاسلام الشيعي التقليدي الايراني الذي يستند على عقيدة الامام المنتظر واطروحة الولي الفقية كنائب للامام الى حين الظهور وادّعى انه احد اصحاب امام المنتظر الـ ٣١٣ الذين سيقفون مع الامام بعد الظهور! و بعد ذلك بدأ يبعد انصار خامنئي في الحكومة و على رأسهم وزير “الاطلاعات” او الاستخبارت، ورفض أيضًا التوقيع او تنفيذ قرارات مجلس الشورى المعروف لغالبيته المطيعة لخامنئي فكل هذا كان من اجل ايجاد لعبة حديثة او على الاقل حركه جديدة تؤدي الى تجمهر السياسيين من الدرجة الثانية وضباط الحرس الثوري حوله للفوز بانتخابات المجلس الشورى المرتقبة، حتى لو جرى هذا بنفس الطريقة التي فاز بها في الانتخابات الرئاسية ، أي التزوير !

خامنئي يعلن اليوم بدء التداول و التشاور حول صيغة جديدة للجمهوريه الاسلامية لكي يتخلص من الجمهورية الناقصة و المريضة أصلاً، ويحول الرئيس الى منَصَّب و ليس منتخب و يلغي إمكانية استخدام اصوات الناخبين كقوة في يد شخص لا يمكن التنبؤ بافعاله بعد انتخابه، مع إن جميع المرشحين في ايران هم من أولاد النظام وكلهم ينفذون من محطات كثيرة تثبت ولائهم للنظام ولولاية الفقية قبل ان يتمكنوا من الترشح للانتخابات الرئاسية أو النيابية. وبهذا القائد يسعى لحل المشكلة الذي وجدت و استمرت منذ انشاء النظام الحالي في ايران في زمن آية الله خميني، أعني مشكلة التناقض الواضح بين جمهورية النظام و اسلامية النظام التي أدت ألى ولادة نظام مريض ذي رأسين ثقيلين لايتقبل أحدهما الآخر،  فخامنئي يسعى الى احتكار القوة الكاملة للتحكم بالبلد، فقد قام سابقًا ببسط سيطرتة على المجلس الذي ينتخب ويراقب القائد و ايضا على مجلس الشورى و على الحرس الثوري و حتى على مجلس صيانة الدستور الذي يغربل المرشحين و يرفض الذين لا يراهم مناسبين !
اذا نُفذت هذة الفكرة ستتحول ايران من ديكتاتورية جماعة الى دكتاتورية فرد، و ستدخل إيران نفقا أكثر ظلامًا، وبهذا فأن كل ما تحقق من الحريات والحقوق للشعب الإيراني يذهب مع الريح، لكن هذا ليس كل ما سيحدث فخامنئي كبير في العمر وعلى الرغم من أنه ينوب الامام المنتظر حسب نظرية ولاية الفقية، الايرانية على الاقل، سوف لن يعيش الف سنة وسيأتي اليوم الذي يكون فيه على “المعممين” الحاكمين في ايران أن ينتخبوا قائدا جديدا، و يسلموا زمام البلد لديكتاتور جديد!.
 لكن، هل من المنطقي و الممكن أن يتم انتخاب ديكتاتور!، اقصد هل يمكن انتخاب شخصا لكي يكون ديكتاتورا من قبل اشخاص مهما كان انتمائهم العقائدي وهم يعلمون انه سيكون ديكتاتورا بشكل تلقائي, وكيف يسمح هؤلاء بذلك، ألا يعد هذا تناقضا جديدا بنفس القدر من السوء كما النظام ذي الرأسين ؟!، ألم يتسبب هذا بخنق فضاء الحريات المحدود جدا في ايران، و يدخل البلد بأزمات أسوء من ما شهدته ايران خلال الــ 30 سنة الماضية.

أحدث المقالات