23 ديسمبر، 2024 6:43 م

الجمعة “المتنازع عليها”

الجمعة “المتنازع عليها”

بعد ان تنازعنا على الاماكن مدنا ومحافظات واقضية ونواحي  .. انتقلنا , هذه المرة, الى الايام. فبعد ايام الاسبوع الداميات  التي بدات بالاربعاء الدامي (عام 2009) لتنتهي بالخميس الذي تكررت الدماء فيه ليسلم يوم الجمعة من التفجيرات بالمفخخات ليتحول الى يوم “متنازع عليه” بمفخخات من  نمط اخر حتى تحول الى يوم مخيف بعد ان كان مدعاة للراحة والطمانينة والهداية الربانية . وعندما  اقول نحن فانني لا اقصد  الحكومة وحدها او البرلمان وحده ,  الموالاة وحدها ولا المعارضة وحدها,  بل المجتمع كله مقصود ومسؤول معا .
 نحن جميعا مختلفون على تفسير ما جرى وما مايجري. فهناك من يسميه حراكا جماهيريا ناجما عن ظلم وحقوق مهدورة وهناك من ينظر اليه على انه تعبير عن اجندات خارجية. دعاة الحراك يرون التصعيد نوعا من الضغط المطلوب على الحكومة لكي تنفذ ما يتظاهرون من اجله. اما دعاة نظرية المؤامرة فان يتركون كل ايام الاسبوع لتبقى ابصارهم شاخصة على يوم الجمعة بانتظار زلة لسان من خطيب هنا او متخاطب هناك لكي تقوم الدنيا ولا تقعد حتى اصبح هذا اليوم من اصعب ايام الاسبوع على العراقيين وربما اكثرها كرها لهم.
نحن لاننكر ان هناك تباينا بين سقوف المتظاهرين وسقوف الحكومة. فلا الحكومة قادرة على اقناع المتظاهرين بما حققته من منجزات ولا المتظاهرون يقتنعون بان “بريئا ” في اليد خير من عشرة في المعتقلات .  ازمة الثقة التي كنا نتصور انها مقتصرة على الطبقة السياسية وحدها فاذا بها تتجسد الان على اوضح ما  تكون بين لجان التنسيق الشعبية للمظاهرات وبين لجان الحكومة الوزارية او العشائرية او الحكمائية. فاللجان الشعبية باتت تنتظر يوم الجمعة حتى توجه رسائل للحكومة بوساطة الفضائيات ووكالات الانباء بلغة الوعيد والتهديد ومن جانبها فان الحكومة تنتظر هي الاخرى يوم الجمعة لكي توجه رسائل للوسطاء او من يضغط عليها من اجل ان تسرع في تحقيق “المطالب المشروعة” قائلة لهم “ها اشكال البهلول؟” الجماعة لايريدون ان ياتوا بالسفينة الى البر او انهم لن يقبلوا بما نقدمه لهم حتى لو جئنا لهم بلبن العصفور.
 يوم الجمعة الذي دعا الله الناس فيه ان يذروا البيع ويتوجهوا للصلاة تحول عندنا الى اشكالية تضاف الى سلسلة اشكالياتنا وازماتنا. فبدلا من ان نبحث عن حل لازمة المظاهرات باسرع وقت ممكن فاذا بنا نبحث الكيفية التي يمكننا من خلالها تخطي يوم الجمعة باقل الخسائر. ولعل مواطني العاصمة بغداد هم اكثر من بات قلقا على نفسه بسبب يوم الجمعة هذا. فالتحذيرات والانذارات من زحف قادم او صلاة موحدة هنا او هناك تبدأ من يوم الاربعاء ولاتنتهي الا مع انتهاء اخر خطبة في اخر جامع من جوامع الوطن المترامي الاطراف والمساحات .. والهموم والمفارقات.