من الآليات الطبيعية للتغيير والتجديد هي أن تعود الأمم والشعوب إلى الأصول والقيم العليا التي تأخذ بها إلى عنان النمو والتطور والكمال، ومن أبرز تلك الأصول هي منظومة القيم والأخلاق والمبادئ السامية التي أقرَّتها رسالة السماء والفطرة الإنسانية، فالأمم والشعوب التي تنحرف عن تلك المنظومة وتنعدم فيها الأخلاق والرحمة والإنسانية قد صنعت لنفسها واقعا فاسدا في كل المجالات، وعاشت حياة الغاب والذل والهوان والتخلف، وسادت ثقافة الأنا، فكان الخاسر الأول هو الشعوب، وما يجري في العراق من مآسي وويلات وضياع، ما هو إلا نتاج الإبتعاد عن الدين الإلهي والإيمان والأخلاق والرحمة والإنسانية، وهو واقع صنعته أيدي الناس وهذه حقيقة جلية يجب الإعتراف بها والعمل على تصحيح المسار، قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}(41(، وإذا ما أراد الناس الخروج من النفق المهلك المظلم الذي زجُّوا أنفسهم فيه، عليهم العودة إلى الدين والإيمان، الدين الإلهي الذي هو رحمة للعالمين، وتحفظ فيه حقوق الناس أجمعين، وتصان فيه كرامة الإنسان، وتسود فيه ثقافة التعايش السلمي بين الأنام، ويحترم حرية الرأي والعقيدة (لا إكراه في الدين)، عليهم العودة إلى الأخلاق والرحمة والإنسانية التي نادت بها كل الديانات السماوية والفطرة والعقل وحتى الأيديولوجيات الوضعية التي تؤمن بالإنسانية، وهذا ما دعا إليه المرجع الصرخي مُجدَّدا، حيث قال:
{{… الآن تحصل السرقات ويحصل الفساد والانتهاك والاعتداء على الحرمات وعلى الناس وعلى الأرض والعرض والزرع وعلى الماء والهواء، من الداخل ومن الخارج، من الدول والمنظمات ومن الأشخاص، وينتهي البلد ويفقر الناس وتفقر البلاد، وتدمر البلاد وتسبى العباد، وكل إنسان يقول: يا روحي يا نفسي يا جيبي، يا مصلحتي الخاصة، يا واجهتي، إلى أن وصل الحال إلى ما وصلنا إليه، فمن أين يأتي الفرج ومن أين يتحسن الحال ؟! وقد ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، فمتى يرجع الناس إلى ما كانوا عليه ؟ إلى بعض ما كانوا عليه من الدين والإيمان والأخلاق ومن الرحمة والإنسانية ؟…}}.
https://www.youtube.com/watch?v=83_YfcgCd80