شخصيات سياسية كثيرة جدا ، برزت للساحة منذ سقوط صدام. تهاوى معظمها تباعأً، أما نتيجة أخطاء سياسية قاتلة، أو نتيجة تخلي عن المبادئ المحترمة ،بعد أن احترمهم الناس ظناً منهم أنهم يحملوها، ثم هووا بأنفسهم الى قاع سحيق في أعين الناس بعد أن أدرك (الناس) أن أولئك الذين أحترموهم ليس لهم عهداً ولاذمة، وأنهم يغيرون مبادئهم وولاءاتهم وأحزابهم بين ليلة وضحاها طبقاً لما تقتضيه مصالحهم وفرص القفز الى مواقع حكومية هنا وهناك. الأمثلة كثيرة…هل نحن بحاجة الى ذكر الأسماء؟؟…
أو تهاوى أولئك نتيجة الفساد العظيم الذي لم ير مثله من قبل، مثال على ذلك: صفقة الأسلحة الروسية التي ذكر بوتين للمالكي أنه أذا أراد من الروس أن يقللوا المبلغ المطلوب للصفقة (أربع مليارات دولار) فليأمر سماسرة الصفقة (المسؤولين العراقيين الأربعة) أن يتنازلوا عن الكومسيون الذي كانت قيمته 10% من قيمة الصفقة ، أي أربعمئة مليون دولار!!! ( نقلاً عن بوتين)، أي أن حصة كل منهم مئة مليون دولار!!!…أو ربما اختلفت النسب كل حسب جهوده وموقعه!… هل رأيتم فساداً في التأريخ أعظم من هذا؟!. طبعاً لم نر أحداً حوكم عن هذا الفساد، وعمل أبو أسراء بمبدأ (عفى الله عما سلف)، وطمطموا الشغلة كما طمطمت اللاتي من قبلها وذهبت ونساها الناس. لكن هذا الفساد العظيم أطاح بأصحابه سياسيا ووطنياً وعراقياً، ولم يعد لأولئك وجه بين الناس، والعاقبة للمتقين…
شخصيات قليلة جداً، حافظت على سمعتها وألمعيتها. ليس من الخطأ القول، أن الجعفري هو أحد هذه الشخصيات التي حافظت على سمعتها
وألمعيتها. أقول ألمعيتها…لأن هناك العديد من الشخصيات السياسية العراقية التي لم يعرف عنها فساداً… بعد!، وهي نشطة جدا سياسيا، وتخرج علينا في الأعلام على الدوام، لكنها ظلت وتظل باهتة، لاتروق للناس، خالية من اللمعان والجاذبية. الرجل…لم يعرف عنه فساداً. وبالرغم من محاولة البعض(من حزبه القديم خاصة) وبذلهم أقصى الجهود للقضاء عليه سياسياً، قاوم ذلك التيار المعادي المميت، وثبت، وأسس تياراً أصبح له القبول والباع الكبير بين الناس، وأما الذين حاولوا القضاء عليه وتحجيمه، فقد تحجموا هم وعافتهم الناس. كما أن الذين حازوها عنه في ال 2006 ، لم يمهلهم الله بعد ذلك ألاّ قليلا، حتى قضوا وذهبوا، وبقي هو…ثم عاد الآن من أوسع الأبواب…وزيراً للخارجية…
معظم الناس كان ينظر أليه أنه الرجل المناسب لرئاسة الوزراء لهذه المرحلة، لكن المرجعية أرتأت رأياً آخر، وهي تحاول المحافظة قدر الأمكان على مقررات الدستور الذي تورطنا به جميعاً. فأمرت باختيار العبادي لرئاسة الوزراء، ثم لاأستبعد أن أمرت أيضاً بالجعفري وزيراً للخارجية، وقد وفقت لذلك كثيراً.
وبعد أن كان يثقل علينا مَن قبله بوزنه الثقيل، مدعياً تمثيل العراق وكلنا يعلم أنه لايمثل ألاّ قوميته. سيشاهد الناس الآن.. الجعفري برضاً واطمئنان وهم يرون ابتسامته المتفائلة المطمئنة وهو يمثل العراق في أنحاء العالم…
وبرغم رأي بعض الناس من أنه ليس هناك في العراق أفضل منه في فصل الخطاب، ألاّ أننا نرجوه أن يتكلم بمصطلحات متعارف عليها في اللغة، وأن لايلجأنا الى مراجعة مختار الصحاح كلما اضطرته المناسبات لألقاء الخطب!…