23 ديسمبر، 2024 10:04 ص

الجعفري لوزراء الخارجية العرب في احد الاجتماعات بالجامعة العربية

الجعفري لوزراء الخارجية العرب في احد الاجتماعات بالجامعة العربية

“قطعا سمعتم رؤساء العراق ثلاثة: رئيس الجمهورية سني كردي! رئيس البرلمان سني عربي! رئيس الوزراء شيعي عربي! ألا يغبطكم هذا؟”!!!سأبدأ مقالتي هذه ببداية غير تقليدية وأجيب من حيث انتهى تساؤل السيد الجعفري لزملائه الوزراء العرب في العنوان أعلاه بالقول: إني كمواطن عراقي لا يغبطني أن يكون انتماء الشخصية السياسية العرقي أو الديني أو الطائفي هو المعيار لتسنم أي منصب في الدولة العراقية التي أنهكتها محاصصاتكم وعمليتكم السياسية “التوافقية” التي تراوح مكانها كخنزير في حضيرة كلما لف في مكانه زادت نتانتها، لقد أشعرتني عمليتكم السياسية هذه بالعار وبخيبة الأمل من استقامة وضع البلد وإصلاح حاله، وهنا أسأل الوزير صاحب الثقافة والتثاقف (وهذه من تعابيره أيضا) وهو الذي قضى جل عمره في دولة تعتبر في مقدمة الدول الديمقراطية بالعالم وهي بريطانيا والتي تعتبر –أيضا- في مقدمة الدول التي صدرت لنا الديمقراطية المزعومة بعد عام 2003 والتي يحمل جنسيتها، هل المرشح لمنصب رئيس وزراء بريطانيا يقدم نفسه للناخبين ولقاعدته الجماهيرية على انه من العرق أو الدين أو الطائفة الفلانية؟ أم يقدم نفسه على أساس خدمته وسجله وتاريخه الوطني؟ طبعا الجواب واضح أن المرشح البريطاني يقدم نفسه كمواطن صالح فقط ولا عنوان يعلو على العنوان الوطني في هذا البلد.أيها السيد “الملاك” أتوسل إليك بان حال العراق لا يحتاج إلى كل هذا التأنق والتكلف في العبارات، فداءه هو محاصصتكم وداءه هو فساد شركائك الساسة وحاشيتهم ومريديهم ومتملقيهم، وداءه هو تبعيتكم المذلة للخارج وتشدقكم بسيادة موهومة، وداءه هو ميليشياتكم المنفلتة والوقحة كما يسميها أهم رجال دينكم في العراق وسليل الأسرة الصدرية، وداء العراق هو جيشكم وشرطتكم ومؤسساتكم التي فشلتم في بنائها على مدى 12 عام بعد أن انفقتم عليها مليارات الدولارات وهربت في ابسط اختبار، وشكلتم اللجان تلو اللجان لتشخيص المتسبب ولم نسمع حتى اليوم بمقاضاة احدهم وموهت نتائج التحقيق في هذا الشأن.     السيد الجعفري صدقني أتكلم هنا كعراقي يعنيه شأن بلده وليس لدي أي دافع آخر كوني ببساطة شديدة لا املك شبر باسمي في العراق وأنا ابن العائلة العراقية الوطنية التي ضحى جل أبنائها بحياتهم للدفاع عنه يوم كنتم تعيشون في نعيم المهجر وعلى فتات موائد مخابرات الدول التي عاثت اليوم بالعراق فسادا، لقد غسلت يدي مبكرا من قدرتكم على بناء دولة تمثل 1% من كيان الدولة التي عارضتموها ونظرتم “وجاهدتم” كثيرا لإسقاطها، إن فشلكم المتوالي هذا لم يعد يخفى على ابسط مواطن في ابعد الدول جغرافيا عن العراق فما بالكم بدول الإقليم المجاورة التي صدعتم رؤوسهم بسيادة لا وجود لها ووئام سياسي عراقي مزعوم.      السيد الجعفري بالله عليك اجبني –وأنت السياسي الفطن والحاضر الذهن- كم عدد الأحزاب والكيانات السياسية الأمريكية التي تنافست عبر مسيرتها وتتنافس في سباق الرئاسة بأمريكا التي تعد قبلتكم في الديمقراطية وهي من سلمتكم مقود السلطة في العراق؟ الم يتنافس حزبين فقط على رئاسة أمريكا اكبر دولة في العالم (الجمهوري، الديمقراطي)؟ فيما قائمة الكيانات السياسية المتنافسة على كعكة حكم ومناصب العراق تجاوزت ال 600 كيان حسب مفوضية الانتخابات؟ فهل يستحق بلد صغير كالعراق لا يقارن بأميركا أو بريطانيا أو غيرهما من الدول المتقدمة بأي حال كل هذا الكم من الكيانات السياسية؟     الم تخطبوا في الناس بالمساجد والحسينيات سابقا ووعظتموهم بان لا ينهوا عن خلق ويأتوا بمثله استشهادا بما قال احد الشعراء، ولطالما عبتم على من سبقكم من الساسة الذين حكموا العراق قبل عام 2003 رهن مستقبله في محاور وتحالفات لا ناقة للعراق فيها ولا جمل، وها انتم اليوم تدخلون العراق وترهنون مصيره في أكثر من حلف ومحور ليس للعراق فيه أي مصلحة في معظمها سوى أنها إرضاء لدول تنظر إليكم على أنكم موظفين تابعين لسلطانها ولحم أكتافكم من خيراتها كما يقال! هل تعلم أيها السيد بان وزير ماليتكم صرح منذ أيام أن خزينة العراق ستصبح خاوية بعد شهرين ولا يمكن توفير رواتب لموظفي الدولة؟      وختاما دعني أقول لك أيها السيد أو “الميرزا” الجعفري أن العالم تغير وثورة الاتصالات والانترنت لم تجعل من خافية تخفى على احد، وتعلمون أن زمن الإعلام التعبوي والقناة الأولى والثانية قد ولى إلى الأبد، لذلك فان زملاءك الوزراء العرب ليسوا بالسذاجة التي قد تتوقعونها ولم يعد ينطلي على احد خطاباتكم الطنانة وعباراتكم المكررة والمملة، يخال لي أن لسان حال معظم الوزراء العرب وهم يستمعون لخطابك كان يقول أنكم فشلتم في بناء ابسط مقومات الدولة وسفهتم مفهوم المواطنة، لقد استعديتم معظم دول الإقليم وكنتم تعيبون على من سبقكم بذلك لا لشيء سوى إرضاء كعبتكم جارة السوء إيران هذه الدولة التي لا تخفي مطامعها في العراق ودول الإقليم ولا يتردد مسؤوليها في إعلانها بكل مناسبة، بينما انتم تصرون على أن تجملون الوجه القبيح لجمهورية الطائفية والشعارات الكاذبة والفارغة!، لا اعرف لماذا الإصرار على تقديم أبناء العراق قربانا لأحلام الإمبراطورية الفارسية التي غضضتم الطرف عن تمددها في العراق وجعلتم من سفيرها وقائد حرسها الثوري الآمر الناهي وصاحب القول الفصل في الشأن العراقي لدرجة أن غدا المفاوض الإيراني يحمل ملف العراق كورقة تفاوضية في حقيبته ويفرضها على طاولة المفاوضات مع المجتمع الدولي خدمة لبرنامجه النووي، لم تتركوا حسنة واحدة تستخدم كحجة لعراقي يمكن أن يدافع عليكم بها أمام شعوب المنطقة وليس مسؤوليها، كفى خطب وكفى هرطقات لأنكم فشلتم بالثلاث ولم تكونوا على قدر التحدي “ولسنا في أزمة خطب وخطباء” كما سبق أن قلتموها أيضا لزملائكم الوزراء العرب في احد الاجتماعات،      السيد الجعفري دعني انتهي من حيث بدأت وأقول وأؤكد كمواطن عراقي بسيط: لا تغبطني محاصصتكم الطائفية المقيتة وعمليتكم السياسية التي ولدت من علاقة غير شرعية ولم تبن على أسس سليمة، فأتمنى عليكم أن تتعلموا من المسؤولين في الدول الديمقراطية التي قضيتم فيها جزءا من أعماركم وتعلنوها بكل شجاعة بالقول: أن عمليتكم السياسية قد وصلت إلى طريق مسدود وسوف لن تفضي إلى بناء دولة بل ستفكك ما تبقى من مظاهر الدولة –إن وجدت-، ولو أني اعلم جيدا أن تحذيري هذا لا يقدم ولا يؤخر وستصمون آذانكم عنه، ولكنه قد يدرج تحت باب أوقد شمعة بدلا من أن تقضي وقتك في لعن الظلام، والله من وراء القصد، وللحديث بقية.