تلعب وسائل الاعلام دورآ كبيرآ في المشهد السياسي ، كون الاعلام والسياسة مترابطان ومكملان لبعضهما البعض ، وتستخدم القوى السياسية وسائل الاعلام المختلفة كـأداة لتنفيذ برامجها واهدافها بالاضافة الى تحريك الرآي العام ، والتأثير في المشهد الاجتماعي . قبل ايام قليلة خرجت قناة الجزيرة (قناة موزة) المعروفة بطائفيتها وعدم اعتدالها من سباتها ، لتعرض لنا من خلال برنامجها (الصندوق الاسود) الذي اتضح انه خال ! سيرة رئيس الوزراء العراقي الاسبق ونائب رئيس الجمهورية (الاسبق) نوري المالكي ، تناول الفلم الوثائقي مسيرة المالكي منذ انضمامة الى صفوف حزب الدعوة ، ثم توليه رئاسة اللجنة الجهادية للحزب في الخارج ، ثم وصوله الى سدة الحكم وبقائه لدورتين متتاليتين ، تطرق الفلم الوثائقي الى احداث وقضايا مهمه ، كـتفجيرات الكويت في الثمانينات ، وتفجير السفارة العراقية في لبنان ، قضايا السجون والمعتقلات السرية ، تصفية واغتيال علماء متخصصين بالشأن النووي ، وضباط طياريين ، مقتل مجبل الشيخ عيسى عضو اللجنة الوطنية لصياغة الدستور ، واتهام حزب الدعوة بتنفيذ عملية قتله ، هذه الاحداث واضحة للعيان ومعلومة لجميع ابناء الشعب العراقي ، ولم تقدم الجزيرة شيئآ جديدآ من خلال صندوقها ، تساؤلات واراء كثيرة حول هذا الفلم الوثائقي من قبل المهتمين بالشأن السياسي والاستراتيجي وحتى غير المهتمين ، من هذه الاراء ان الوثائقي مجرد عرض للتاريخ لا اكثر ، هل هذه الحقائق لويكيليكس ؟ وان كانت كذلك هل هي موثوقة ام لا ؟ وثائق ويكيليكس لم تأخد بها المحاكم كدليل قانوني ، الفلم خدم المالكي وأعطاه مكانة لا يستحقها بوصفه رجل ظل ! لماذا انتجت الجزيرة فلمآ حول المالكي في هذا التوقيت ؟ وغيرها الكثير من الأراء والتساؤلات ، ومن الملاحظات حول الفلم وجود طفرة للتسلسل الزمني للاحداث فنلاحظ السيناريو ينتقل من الثمانينات الى احداث الغزو الامريكي للعراق عام 2003 مباشرة . وسعت الجزيرة من خلال اعلاناتها المموله عبر الفيسبوك واليوتيوب ، الى الوصول لأكبر عدد من المشاهدات ، حتى وصلت عدد المشاهدات الى قرابة المليون مشاهدة على اليوتيوب حتى هذه اللحظة ، اما بخصوص تولي نوري المالكي ، رئاسة الوزراء يذكر الوثائقي حسب صحيفة “The New Yorker” ان ضابط الارتباط في وكالة المخابرات الامريكية “C.I.A” رفع اسم المالكي ، الى الرئيس جورج بوش ، وتمت الموافقة ليتولى بعد ذلك منصب رئيس الوزراء ، المالكي تولى منصبة بوصاية امريكية ، وبتأييد من ايران ، اما ما ذكر حول اختيار
المالكي كسابع اقوى شخصية مؤثرة في العالم حسب مجلة التايم “Time” لعام 2009 ، فهذه مسألة محل نظر وان كانت هناك نسبة ولو بسيطة لصحتها فأني اعتقد من وجهة نظري الشخصية ان ذلك يعود الى الفضل الكبير لرسائل السفير الامريكي السابق في العراق “زلماي خليل زاد” الذي اشاد بقدرة المالكي الفذه بتحقيق التوازن الاستعماري الامريكي والاستيطان الايراني ، في بلد يصعب فيه تحقيق التوازنات ! ومن الامور التي سلطت الضوء عليها قناة الجزيرة تصدر المالكي قائمة اسماء المتورطين بسقوط الموصل ، فهو المسؤول الاول عن سقوط الموصل ، وفقآ لنتائج لجنة تحقيق الموصل . احداث كثيرة تفتقد الى الدليل القاطع ، وهي سرد تاريخي لاحداث لا تخفى عن احد ممن عاصرها . وليس من باب الدفاع عن المالكي فالتقرير يفتقر الى الكثير من العناصر الموضوعية التي يتحتم وجودها في مثل هذه المواد الاعلامية ، اضافة لما تقدم فالمعروف عن قناة الجزيرة انها مخادعة وان تكلمت الحقيقة .