22 ديسمبر، 2024 7:30 م

بعد أن عرفنا من هو السياسي لابد أن نذهب إلى الأمور العلمية التي تؤطر العمل السياسي، فلا شيء عشوائي في العلاقات السياسية المحلية أو الدولية
((2)) السياسة الدولية وعلاقتها بالسياسة الداخلية القرار السياسي:
العلاقات الدولية ترتكز على المصالح ونظرة إلى واقع العالم اليوم هو وجود تنافس اقتصادي على السوق، الصين بعد أن استنهضت لتثبيط الاتحاد السوفيتي اقتصاديا أضحت منافسا شرسا للغرب والإحاطة بالصين بطريق ناعمة بحلفاء وقواعد لا تبدو مجدية، فالصين تسلك دوما أسلوبَ المناورة والنفس الطويل في تحويل الأعداء إلى أصدقاء، وان عالم الطاقة المرتكز على منطقة الشرق الأوسط إصابة الخلل بالاستقرار الوهمي، والغرب يعاني أيضا من أدلجة خفية تطل براسها لتميز الكيان رغم تكاليفه على علاقات سليمة مثمرة مع دول الطاقة مستغلة التناقض بين الشعوب والحكومات لتشكل طينة الحكم بما تشاء خوفا وطمعا وتستدر الأموال والسيطرة على السياسة النفطية وهو عنصر تحكم بتسويرها للصين التي أحدثت اختراقا في المنطقة، ولطول الأمد فان الشرق الأوسط يعد جيوسياسية من ثوابت الاستقرار وهو ما ادركته الولايات المتحدة عندما عزمت على نقل كل نشاطها لتسوير الصين فقابلته الصين بكسب مهم في السوق في الدول النفطية وغيرها، ذلك لان الغرب عموما عندما طال إشرافه على المنطقة اشرف عليها كسوق ومصدر للخام كما كل أفريقيا، فلم ينشئ مشاركات أو صناعات تفيد في تقليل الاستهلاك للطاقة في بلده واستثمار للطاقة في المنطقة وهذا نتيجة عنصر ما منقول في الحروب الصليبية من رواسب فكرية واستخفافا بقدرة المنطقة على أي فعل مؤثر، عموما هذا التخلي ابرز هشاشة المنطقة وانها ليست قوية بذاتها لافتقاد المنطقة إلى ايدلوجيا حقيقية واعتمادها على سلطة متغلب مدعوم من الغرب كحارس على ما اعتبره ملكه وهذا واضح تماما في أفريقيا ودعم حماة مناجمها.
من اجل هذا فان العداء ليس أسلوبا وإنما خلق المشاركات البينية أحد الأساليب في تحصين المنطقة واستقرارها وهو استقرار للعالم ببناء قواعد السلوك.
((3)) طريق التفكير السياسي:
نتحدث في منطقتنا عن (حقي وحق الآخر) ولم كان هنالك آخر أصلا، بيد أن من السطحية بمكان أن يطالب بهذا والقوى لا توازن بها أو هنالك صراع فوق الدستوري، وهنا تبقى الخيارات قليلة جدا غالبا ما تحصل التحولات بثورة محدودة الأهداف كرد فعل، السياسة مدنية تحتاج إلى جو هادئ متفاهم لهذا تقام المجالس التأسيسية. فإن كان محاصصة فلا ينبغي أن تكون ارجحيه في امتلاك القوة؛ والا فإن العملية الصحيحة تقام عن أحزاب ذات ايدلوجيا تتنافس على آليات التنفيد وأكثرها خدمة للمجتمع فان لم تك هذه الشروط موجودة فالعملية السياسية هي تغطية لواقع غير متمدن ولا يبقى إلا قناعة عامة بتحويل الأمور إلى دستورية وتعريف الأهداف بدل الاستمرار في التخلف والاضطراب الذي قد يدار لفترة طويلة من أصحاب المصالح من دول الخارج والإقليمية بسياسة التخادم معها في أدوار تكتيكية ليست استراتيجية فلن يكرر الغرب تجربته والصين عندما دعمت لعلها تنافس وتضعف الاتحاد السوفيتي عندما أخطأت بإهمال عامل الأيدلوجيا، نفس السبب الذي يجعل من القوى الناشئة عن الصين أو غيرها عناصر اخطر من الصين نفسها، ذلك لان الايدلوجيا عامل ضعيف في نظام الدولة الحديثة في الغرب فلا تعطيه وزنه الحقيقي في التخطيط ولمن الولاء فيه.
من إخفاقات التفكير السياسي أننا نتصور أن المنافسين في الداخل هم وحدهم وهذا لغياب مفهوم الأحزاب الحقيقية ودورها، فيقام بتسمية أو لأغراض تعاضد انتخابي بلا ايدلوجيا أو مراعات أقدام الكرسي لاستقراره في السلطة فما هو الحزب وماهي عوامل التحكم في حزب أو فاعل سياسي وفق العلوم السياسية المتعارف عليها:
الحزب الحقيقي: معرّف كما تعرض أي بضاعة من واجهة زجاجية، وله تموضع في الساحة السياسية كقيمة أيدلوجية، وله استراتيجية في التعامل ورؤية ومراكز دراسات فاعلة لخلق التصور وتوجيه الحراك وحتى كلام الأعضاء المعبر عن رؤية واحدة
أما عوامل التحكم بأقدام كرسي الحزب:
أ)) جمهور الحزب أو السلطة وقوة ارتباطهم به وان له ايدلوجيا أم لا، لان الأيدلوجيا تقاوم التحديات.
ب)) الجماهير من خارج العمل السياسي والحزب أهي تدعم توجهاته وتراه محققا لأهدافها، وهنا نعيد ما بدأنا به أن لا لوم على الجمهور إن لم يساند عمل سياسي.
ج)) العامل الإقليمي في بلد لم يصل مرحلة الدولة وتأثيره في كل تفاصيله وبنيته التحتية التي هي أساس رضا الجمهور وشهادة إنجاز
د)) العامل الدولي: وما وضع البلد ضمن تخطيطه الاستراتيجي وأين سيكون مستعدا لإنشاء دولة وماهي مواصفاتها.
أي نقص في هذا هو نقص في استقرار الحزب وان كانت السلطة بيده، واللجوء إلى سلوك فوق الدستور يطيل الم البلاد ويجعل الأطراف أكثر سادية.
ممكن أن تطيل قوة أي من ركائز البقاء لكن بلا استقرار فلو كانت أجهزة الحكم مثلا متماسكة ستطيل عمر البقاء، لكنها ليست مستقرة كذلك على ركيزة أو اثنين أو ثلاث.
تتساقط اليوم في أفريقيا مثلا لا حصرا حكومات تترا بعد أن أخفت عوامل القوة والدعم الغربي؛ لان بلدا بلا سياسة أو يفهم العاملون بالسياسة أن السياسة هي سلطة وهيمنة ومهمشة للشعب، فالمهيمن يستثمر ويمتص بلدان ثرية وشعبها جائع متخلف مدنيا خادم لدول النفوذ فهذه القيادات بلا ضمان، لذا فالوضع واقع ضمنا كتكتيك ضمن استراتيجية عوامل إقليمية أو دولية، فان فقد جمهورها الثقة بمصداقيتها فثباتها مع عمر التكتيك لهذا نلاحظ انقلابات لا ندري أهي تحررية أم تتبع المنطق في تبديل السيد لمن هو اكثر قوة ونفوذا وهذه قواعد علمية كما سبق أن أشرنا.