تزامنا مع إطلاق خدمة الجيل الثالث للاتصالات في العراق ، حذر رئيس الوزراء حيدر العبادي،العوائل العراقية من الجريمة المنظمة، ولاول مره منذ 2003 يتحدث المسؤول الاول بلغة جنائيه واضحة ، فاما ان يكون التلقين صحيح ، اواننا نسير حاليا بالخط الصحيح لمكافحة الجريمة، او ان السياسيوون ادركوا مخلفات الجريمة المنظمة السلبية وتأثيرها على مختلف المجالات خاصة منها الاقتصادية والأمنية، كون الجريمة المنظمة بحر هائل من الأوساخ والقمامة والشر وموت الضمير ، ومساسها بسلم القيم الاجتماعية ، فقد عجزت العديد من الدول عن مكافحتها بمفردها ، مما اضطرها إلى البحث عن وسائل أخرى للقضاء على تداعياتها ومخلفاتها ، الجريمة المنظمة ” الجريمة الاحترافية ” أو ” التنظيمات الإجرامية ” كما يحلو للبعض أن يسميها ، أيا كانت التسمية فالمسمى واحد والنتيجة أيضا واحدة : اقتصاد متدهور، مجتمع منحل، فساد إداري، وتبعية سياسية،إلى درجة يمكن القول معها إن الدولة تواجه خطرا محققا يعصف بسيادتها وقد يتعدى إلى كيانها أيضا .
ان التدهور الامني والسياسي بعد سقوط النظام في نيسان 2003 شجع على تنامي الجريمة المنظمة وبرزت شبكات متخصصة ، كما برزت في العراق مافيات ذات النفوذ السياسي ، والنفوذ السياسي لمجموعات الجريمة المنظمة أصبح مصدر قلق متعاظم في السنوات القليلة الماضية ، فقد أصبحت مجموعات الجريمة العابرة للحدود تسيطر على ما يزيد من مليارات الدولارات من الأرصدة والممتلكات، كما أصبح نفوذها الاقتصادي الهائل يسهّل انتشار الفساد على المستوى الوطني ، وهي تُضعف الحكومات وتقوّض التحول إلى الديمقراطية ، مما ازداد ظهور الجريمة المنظمة بشكل واسع في كافة مجالاتها ، هذا النمو المضطرد للجريمة المنظمة وانتشارها افقيا على مساحات جغرافية واسعة من العراق وبمد من جهات مخابراتية خارجية ، اخذ يقض مضاجع المواطنين ويفقد الدولة السيطرة على الامن وصعوبة تتبع هذه الشبكات لما تمتلكه من تكتيكات ووسائل اتصال وتخطيط دقيق للعمليات المسلحة التي تقوم بها ،اننا اليوم امام جرائم خطرة وشبكات لاتقل اهمية عن المافيات او الشبكات العالمية التي عبثت ببلدانها وقضت مضاجع المسؤولين والسياسيين ,واذا مااستمر هذا الفراغ السياسي والانفلات الامني فسوف لن تقدر الدولة على مكافحة هذه الشبكات والسيطرة على الوضع الامني في المستقبل القريب او البعيد .
كانت الجريمة في العراق تأخذ طابعا محدودا لايتعدى مجال سرقة محال تجارية او سيارات شخصية تحت تهديد السلاح وبروز بعض عصابات السطو المسلح او التسليب على الطرق الخارجية , وكانت على مستويات متدنية ,بحيث ان اصحاب هذه العصابات يقعون في ايدي الاجهزة الامنية خلال ايام او ربما خلال ساعات لأن العمليات محدودة واساليب الجريمة معروفة للمختصين في مجال التحقيق الجنائي ,أي ان هذه العمليات لم تكن بتخطيط علمي مدروس ، أما اليوم فهناك شبكات محترفة في ادارة الجريمة المنظمة وعلى مستوى عال من التخطيط والتنفيذ وتمارس اعمالها رغم الانتشار الامني الكثيف وخصوصا في العاصمة بغداد والبصرة.
الفساد الحكومي العراقي هوالسبب بفتح الابواب بانتشار الجريمة المنظمة ، ويستخدم المسئولون الحكوميون حرية القرار المعطى لهم لتعديل نشاطهم من أجل منفعة مادية شخصية لهم ، مثل تقليل فرص الخدمات أو تأخيرها أو منعها، وقد يدمر ذلك شرعية الحكومة ومصداقيتها وانضباط الناس مع القوانين والأنظمة، والفساد الذي يضرب جذوره في الطبقات العليا للموظفين يمكن أن يؤدي إلى تشوهات خطيرة في طريقة عمل المجتمع والدولة، فالدولة تدفع الكثير من النفقات مقابل تدابير ضخمة لا تحصل من ورائها إلا على القليل من الخصخصة والامتيازات، والموظفون الفاسدون يدمرون خيارات القطاع العام مقابل الحصول على أجور كبيرة، ووضع سياسات غير فعالة وغير مناسبة، وتتفق الحكومات أكثر مما يلزم حتى على المشاريع الجيدة أو على مشاريع غير مفيدة.
المجالات الذي يمارس الكبار نشاطهم بالجريمة المنظمة في العراق
1ـ الرشوة والفساد الإداري والمالي 2ـ التربح غير المشروع في سوق المصارف بالصيرفة الوهمية والاستفادة من فرق العملة
3 ـ والاتجار غير المشروع بالأسلحة 4- تهريب النفط 5- خطف الاشخاص مقابل فدية 6- المشاريع الوهمية
للجريمة المنظمة عدة سمات يمكن خلاصتها بالاتي:
أن الجريمة المنظمة هي جريمة خطيرة، وكثيرا ما تنطوي على استخدام العنف في سبيل تحقيق غاياتها ، والمقصود بالخطورة باعتبارها من الجنايات المهمة، ولا يمكن للجريمة المنظمة تحقيق اهدافها وجني الارباح الطائلة الا باعتماد وسائل غير مشروعة ، كاستخدام العنف والتهديد والترعيب والابتزاز والقتل والايذاء والخطف ، و ذلك باعتبار ان المال الفاسد يعتبر بالنسبة إلى مدبري الجريمة المنظمة نوعا من الاستثمار الناجح، لأنه يزيد من فرص نجاح أهداف هذه الجريمة، و يقلل من إخطار ملاحقة مرتكبيها و القبض عليهم و محاكمتهم ، ولديهم القدرة بالافلات من العقاب ،
– إن هذه الجرائم ليست جرائم فردية ، بل تقوم بها جماعات إجرامية منظمة بمعنى أن هذه الجماعات تتوفر على هيكل تنظيمي ويتسم تكوينها بنوع من الاستمرارية وتحتمي بنشاط سياسي او اصحاب نفوذ قبلي او مناطقي.
– ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﻀﺢ ﺍﻥ ﺍﻻﺠﺭﺍﻡ ﺍﻟﻤﻨﻅﻡ ﻭﺠﺩ ﺍﺭﻀﹰﺎ ﺨﺼﺒﺔ ﻓﻲ العراق بظل ﺍﻟفوضى السياسة والتخبط ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩي ، وقصور متعمد من القضاء خوفا من بطش صبيان المافيات، ولديهم قضاة ومحامين ومحققيين يطمسون الحقائق .
عوامل نشأة وانتشار الجريمة المنظمة بالعراق، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
أ- ضعف نظام العدالة الجنائية وفسادها : وهو ما يفقد أفراد المجتمع الثقة فيه وفي مدى نجاحه وجدواه ويجعلهم يلجئون للجماعات الإجرامية لتأمين قضاء حقوقهم خاصة التجمعات غير المصنفة سياسيا أو المصنفة بأنها غير مهمة
ب- نظام حرية السوق : لكونه يوفر مجالا ومناخا صالحا للحرية التجارية مما يمنح للجماعات الإجرامية فرصة كبيرة لممارسة كافة الأنشطة التي لا تصل إليها أجهزة الرقابة
ج – استثمار الساسة الفاسدون للفئات المنحلة اجتماعيا : فالتحلل التام الذي حصل بالعراق نتيجة الحروب والمشاكل الاقتصادية والتصدع الاجتماعي ، افرز فئات متمردة على القانون مما ادى إلى تفشي جرائم المخدرات والتزوير ، ويمكن القول عموما إن انهيار منظومة القيم الأصيلة والأخلاق الفاضلة وجنوح الأفراد إلى الربح السريع أيا كان مصدره ، وكذلك انهيار منظومة التربية وتفاقم ظاهرتي الأمية والبطالة واتساع الهوة بين الطبقات الاجتماعية والتمييز داخل المجتمعات على أسس حزبية ،إقليمية ، عرقية ، أو طائفية ، وتفكك الروابط الأسرية ،
د – الفساد الإداري والمالي: إذ يساعد تفشي ظاهرة الرشوة وفساد الإدارة على سيطرة المنظمات الإجرامية على أجهزة الحكم وابتزاز المسؤولين القائمين عليه
هـ – الحروب والصراعات الداخلية: نظرا لتعطيلها للنظام والقانون وأجهزة العدالة الجنائية فإنها تخلق مجالا واسعا للتجارة غير المشروعة بالسلاح والممتلكات الفكرية والآثار ،وسيطرة تجار الحروب وبعض من العسكريون الفاسدون الكبار على كثير من مفاصل الحياة.
و – المجموعات غير المنتمية للمجتمع : باعتبار أن هذه الأخيرة حين تحرص على انتمائها للقومية الأصلية فإنها تسعى لتكوين سياج أمني واجتماعي يحميها من تسلط النظام وعادة ما تعتمد في ذلك على المساعدات الخارجية والتي غالبا ما يكون مصدرها الجماعات الإجرامية المنظمة كمنفذ تدخل من خلاله للمجتمع لممارسة نشاطاتها.
الخلاصة:
لم نمتلك ارقام عن حجم الاموال المستخدمة في اعمال الجريمة المنظمة، ولكن من الواضح ميزانية خرافية ،والمال بيد مئات من الاشخاص كانوا الى وقت قريب حفاة لا يمتلكون قوت يومهم ، مما ادى الى اثار وخيمة ذات انعكاسات خطيرة على مستوى جميع الانشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية وعلى الحياة العامة ، ﻓﺎﻟﺨﻠل ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻨﻴﺎﻥﻴﺘﻴﺢ ﻟﻼﺠﺭﺍﻡ ﺍﻟﻤﻨﻅﻡ ﻓﺭﺹ ﺍﻟﻅﻬﻭﺭ ﻭﺍﻟﻨﻤﻭوالتوسع بظل حماية الساسة والمتنفذين لهذه الجرائم ، وبظل قضاء غير قادر على مواجهتهم ، لوجود ادوات سيئة اختاروهم بدقة قضاة فاسدون، ومحامون بلا ضمير، ومحققون من مستنقع الرذيلة.
[email protected]