كان اليوم الذي جرى فيه الاستفتاء على الدستور العراقي الحالي في سنة ٢٠٠٥ ، هو نقطة محورية في تاريخ العراق ، هذا الدستور الذي فشل في الحفاظ على العراق وشعبه .
كتبه واعده ثلة من السياسيين الذي اطلق عليهم ( لجنة كتابة الدستور ) التي لم تكن مؤهله لكتابه دستور يضمن استقرار البلد سياسيا” ويعكس هذا الاستقرار استقرارا” امنيا” واقتصاديا” ويحافظ على وحدة البلد واستقراره .
لم يكتفي كاتبي الدستور من كتابه المقترح الدستوري وعرضه على الشعب العراقي ، بل عملوا بعدها على تشغيل الماكنات الاعلامية لتوجيه الرأي العام تجاه قبول الدستور والاستفتاء عليه بنعم ، واتهموا معارضيه بقوالب الاتهامات الجاهزة والتي باتت معروفه منها الاتهام بالبعثية والصدامية او التكفيرية وغيرها من التهم المستهلكة .
وخلال فترة كتابه الدستور التي ساهم بها بشكل كبير التحالف الشيعي والكردي مع تمثيل سني مغلوب على امره .
ويمكننا بمراجعة سريعه للظروف السياسية والامنية المصاحبة لتلك الفترة ان نبين بعض النقاط التالية :
ان التحالف الشيعي خلال تلك الفترة لم يكن قد ثبت اقدامه بشكل كبير في السلطه العراقية ولم يحظى بشعبيه واسعة وجماهيرية في البيئة الشيعيه وكان اكبر تحدياته هو مقاومة فلول النظام السابق المهدد لاستمرار كيانه وماكنته الاعلامية التي اثرت على البيئة السنية التي رفضت قبول سياسيين شيعة قادمون من ايران او موالين لها فاصبح هذا التهديد بمثابه المعضلة الاكبر في استمرار سياسيو التحالف الشيعي وسطوتهم .
ان الكرد بكلا شقيهم ( الاتحاد والديمقراطي ) كانوا على استعداد للاستمرار مع العراق شريطه ان يحظوا بمزيد من الامتيازات والتشريعات التي تضمن لهم الاستمرار بالحكم بشكل منفصل عن حكومة بغداد مع اموال اضافيه تمليء جيوبهم وتدفع بعجلة التنمية في اقليم كردستان العراق
اتفق الطرفان الشيعي والكردي على كتابه دستور يلبي غاياتهم وتطلعاتهم متناسين بذلك اهمية وحده الوطن ، فقيادة التحالف الشيعي حينها قد اعطت للكرد ما قد تحصل عليه اذا ما ارادت ذلك فحق اقامة الاقاليم اصبح حق دستوري للشيعه حال رغبتهم بذلك وانهم سوف يحضون بجميع الامتيازات التي يحظى بها اقليم كردستان واكثر من بينها الحكم الذاتي وحقوق المواد الطبيعية في حال اقامتهم لاقليم شيعي جنوب ووسط العراق الغني بالمواد الطبيعية .
كان السنة وسياسيو السنة هم الخاسر الاكبر في هذه المعادلة ، ومناداتهم حينها بوحده العراق لم تكن الا للحفاظ على المصالح كون مناطقهم هي الافقر من حيث المواد الطبيعية ، وقد ادى شدة رفضهم ومقاطعتهم الى بعض المكاسب في الدستور ومن بينها ( ان الموارد الطبيعية هي ملك لجميع العراقيين ، اما المواد الطبيعية المكتشفه لاحقا” هي موارد خاصة للاقليم ) وهذه النقطة التي اصبحت نقطة خلافيه كبيرة لاحقا بين اقليم كردستان وحكومة بغداد .
للاسف ، فقد تم اكمال واعداد الدستور والترويج له واجراء الاستفتاء عليه الذي حظي بالقبول الشعبي ، وقد انطلقت بعدها المصائب وحلت الكوارث ما بعد هذا الاستفتاء والذي نعزوا سبب ذلك بالدرجة الرئيسية على الدستور ، ونود ان نوضح بعض من اخفاقات الدستور او بعض من نفاط ضعفه :
ضمان الحفاظ على الدستور : لم ينجح الدستور العراقي بحماية العراقيين ولم ينجح بحمايه نفسه ، فمن هو المسؤول عن ضمان عدم مخالفه الدستور وعدم مخالفه تشريعاته وقد اثبتت الايام منذ كتابته الى اليوم العديد من الخروقات الدستورية التي لم يستطع الدستور وانظمته ردعها وايقافها بل اصبحت كلمه ( توافقيه ) بديلا عن المواد الدستوريه احيانا” .
تداخل السلطات : فشل الدستور ومشرعيه من تحديد صلاحيات السلطات المتعدده فجعل الصلاحيات معقده ومتداخله ، رغبه من مشرعيه وخوفا من ان تتسلم احدى السلطات قوتها من الدستور ، سبب ذلك الكثير من التعطيلات في العجلة السياسية وارباك شديد لمسيرتها التي تنعكس لاحقا على جوانب الحياة المحتلفه من الامن والاقتصاد والتفكك الاجتماعي .
فشل الدستور في صياغة نظام انتخابي عادل ومنصف وذو تمثيل شعبي حقيقي قد الامكان ، وفشل في تحديد طبيعة النخب السياسية التي يحق لها تمثيل العراقيين واهمية هذه النخب التي سوف نضع العراق ومقدراته بين ايديهم ، وفشل ايضا في رسم صوره واضحة ومعقوله وعمليه في اسلوب التداول السلمي للسلطة ، وفشل حتى في تفسير الجهة المسؤولة عن ادارة الحكومة داخل مجلس النواب ( كما في قضية تفسير الكتله الاكبر التي اثيرت بعد انتخابات ٢٠١٠ و ٢٠١٤ وتداعياتها ) .
لم يكن للجنة كتابه الدستور بعد النظر الكافي في رسم دستور ضامن لوحده البلاد ، فجعوا الحكم فيدرالي لا مركزي بصلاحيات واسعه للاقاليم
…