22 ديسمبر، 2024 7:28 م

الجريدي  لوسكر يمشي على شوارب البزون

الجريدي  لوسكر يمشي على شوارب البزون

تحذر اكثر المنظمات والشخصيات الطبية من  انتشار ظاهرة التدخين وتأخذ هذه الظاهرة اشكالا عدة ” سكائر – سيكار –نرجيلة –شيشة –غليون – مضغ اوراق التبغ “.. وتؤكد المنظمات والمؤسسات المهتمة بشؤون الصحة العامة ان ممارسة التدخين عادة غير محببة تسهم في تخريب انسجة الجسم ..  ورغم مضاره الصحية لم  تتجرأ اي سلطة تشريعية في اي دولة من دول العالم الى تحريم صناعته اومنعه من التداول احتراما لمشاعر المدخنين .. مثلما  تناول الخمر والادمان عليه  الذي حرمه الدين الاسلامي يؤدي الى امراض خطيرة اضافة الى مردوداته الاجتماعية .. لكن رغم مضاره الصحية  والاثم  الديني الذي يرتكبه  متعاطي الخمور لكن  لم تتجرأ اي سلطة تشريعية في اي دولة الى منع صناعته او تداوله الا الدول التي تتشدق بالاسلام نفاقا وهي غارقة في وحل الفساد.. .. ولنبتعد عن المضار الصحية  للسكائر  والخمور ونتناقش بموضوعية  قرار مجلس النواب العراقي بحظر استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية  ونقول وبحسب المثل الدارج ” اذا القاضي راضي شعلينه ” صحيح ان تناول المشروبات الكحولية كما اسلفنا مضر بصحة الانسان ومخالف لتعاليم ديننا الاسلامي حيث يتعرض حامله وشاربه وجالسه  الى  المساءلة الربانية  لكن واقع الحال يحتم علينا ان نكون اكثر واقعية وان نتعامل مع  من يتعاطى تناول الخمور ليس وفق منطق  المنع القسري وباسلوب تعسفي لان ” كل ما هو ممنوع مرغوب ” حيث ان عملية المنع ستكون  لها ردود افعال عكسية  من خلال لجوء متعاطي الخمور الى ممارسة  عملية تصنيع او تداول اوشرب الخمور بالخفية  بعيدا عن انظار السلطة  سواء كانت  هذه العمليات تجري داخل البيوت الامنة او في الحدائق  العامة  وهي ممارسات  اجتماعية  لها مردودات سيئة  ستؤثر على العوائل..  اضافة الى كون تنفيذ هذا القرار سيسهم في   لجوء متعاطي الخمور الى  البحث عن وسيلة  تكون بديل للخمور ومنها “الحبوب المخدرة  “

ويا مكثرها  في الساحة العراقية بعد ان  باتت  منتشرة انتشار ملحوظا  في السوق السوداء  وهي تجارة رائجة عجزت السلطات المحلية من الحد منها  ولنأخذ بعض الدول المجاورة للعراق انموذجا على ذلك .. ولن ندخل في مهاترات الممنوع والمسموح  والحلال والحرام  ..  المطلوب من مجلس النواب ان يكون اكثر وعيا وادراكا  وان يحمل سعة صدر قبل اصدار قراره هذا .. صحيح ان  بعض مواد الدستور الاتحادي اعتبرت الاسلام دين الدولة الرسمي ومصدر اساس التشريع ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام .. لكن واقع الحال يؤكد ان العراق بلد يضم العديد من الطوائف  غير المسلمة  تمتهن مهن تتعارض  مع التوجهات الاسلامية  ورثها المنتمين الى هذه الطوائف عن ابائهم  واجدادهم  ومنع هؤلاء المواطنين من ممارسة  المتوارث  يتناقض  مع مبدأ الشراكة .. فالشراكة ليس في  تنفيذ الواجبات فقط بل في ممارسة الحقوق  وحقها على الدولة ان تكون اكثر انطلاقا وحرية في ممارسة  موروثها ..  فالعراق ليس ملكا موروثا لفئة او دين محدد بل هو لكل  العراقيين بغض النظر عن  دينهم وطائفتهم او قوميتهم .. والا فلا معنى للشراكة بدون تطبيق هذا النهج  في الممارسة الديمقراطية  التي باتت ممارسة  ” دم قراطية ” بعد ان تغلب  العقل المتزمت  على العقل المتفتح  ولن نتفاجأ يوما ان يصدر مجلس النواب قرار اخر  بحظر استيراد  وزراعة وبيع  المكسرات ” الكرزات ” باعتبارها مضيعة للوقت وتؤدي الى الكسل ..  وقرار اخر بمنع تناول العلكة  كونها دليل على الميوعة  .. و منع  تبرج النساء واجبارهن على ارتداء الملابس   الاسلامية ”  الجبة “.. ومنع النساء من التجول ليلا بدون مُحرم ..  ومنع لبس الاحذية المصنوعة من جلود  البقر تناغما مع مشاعر اصدقائنا الهندوس  في عبادتهم البقرة  ومنع شرب العصائر والاستعاضة  عنها ب ” بول الناقة ” .. وخلاصة القول  ان المواطن  بات لايتحمل مزيدا من الممنوعات لانه اصبح على حافات  الجنون  ليس  ” جنون البقر ”  بل “جنون البشر” .. وفي حال تكرار الممنوعات يصبح ذلك المواطن  وبعد تطبيق  قرار مجلس النواب المبجل مثله كالمثل القائل ” الجريدي  لوسكر يمشي على شوارب البزون ” واصله  ان جرذي كان يعيش في مخزن وكان ينعم بما في ذلك المخزن من اطايب الطعام المخزونة فيه  وكان ينغص حياته قط كبير يخشى الجرذي ان يصيده فكان شديد الحذر في خروجه من جحره متأنيا في سيره كثير التلفت عظيم الانتباه لما يجري حوله وذات يوم جيء ببرميل كبير مملوء بالشراب المعتق ووُضِعَ في زاوية ذلك المخزن وخرج الجرذ في اليوم التالي من جحره كعادته كل يوم  فرأى ذلك البرميل الكبير فلم يدر ما هو ولا مايحتوي بداخله فخرج عن حذره لاول مرة  واسرع في سيره نحو البرميل فراى الهر امامه  فاصابه الخوف وتملكه الذعر والفزع فقفز قفزة  عظيمة من شدة خوفه فصار في اعلى البرميل فسقط  الجرذي في البرميل واوشك على الغرق وكان اثناء سبحه يشرب من النبيذ جرعة بعد جرعة حتى ارتوى وامتلا فشعر بقوة في نفسه لم يعهدها من قبل  فقفز من البرميل قفزة عظيمة وسار وهو سكران يترنح  ذات اليمين وذات الشمال متجها نحو بيته  فوجد القط نائما هناك وشاربه ممتد على الارض تسد عليه الطريق الى بيته  فلم يلق بالا  لذلك ولم يهتم بالخطر المحدق به  فوطأ  شارب القط النائم في طريقه من غير خوف او وجل فقيل ذلك المثل  .. فيا  اخوتي في الدين  ارحموا  هذا الشعب قبل ان يقع في برميل الشراب فيطأ  بقدمه  شاربكم .