18 ديسمبر، 2024 8:48 م

الجدل الامريكي – الاسرائيلي حول الضربة العسكرية لايران

الجدل الامريكي – الاسرائيلي حول الضربة العسكرية لايران

تحليل لمقالة (دينس روس) : كيف يمكن لامريكا ان تبطئ زحف اسرائيل نحو الحرب  

يشكل السعي الايراني الدؤوب لتطوير برنامجها النووي تهديدا للمصالح الامريكية في المنطقة والعالم ، فالولايات المتحدة لاتجد في ايران دولة عدوة لامريكا ومصالحها فحسب بل عدوا متميزا يتقن لعبة السياسية الدولية ، ويجيد ساستها المناورات واستخدام ورقة الزمن ، كما انها ادركت منذ وقت مبكرا عندما طرح مستشار الامن القومي الامريكي السابق (مارتن انديك )عام 1993 ستراتيجية الاحتواء المزدوج للعراق وايران ،  ان سياستها ازاء ايران  لايمكن ان تكون نفس السياسة التي تتعامل بها مع العراق فمن الخطأ التعامل بالنظرة نفسها مع الدولتين ووضعهما بنفس القالب ،وهو ما اطلق عليه لاحقا ضمن تقرير قدمه فريق عمل على رأسه (بريجنسكي) بـ ( ستراتيجية الاحتواء المتمايز ) والتي تفترض ان يكون هناك تمايزا واختلاف في السياسة الامريكية في تعاملها مع الدولتين .
وتعتقد ادارة (اوباما ) ان الضربة العسكرية ضد ايران في التوقيت الذي تريده اسرائيل لايمكن ان يحقق نتائج تساوي التكلفة السياسية والامنية المترتبة على القيام بالعمل العسكري، فان لدى ايران من عناصر القوة العسكرية مايمكنها من الرد وخلق ازمة في الشرق الاوسط كما يصعب ضمان تأييد القوى الدولية لمثل هذا العمل فروسيا والصين ترفضان اتخاذ عقوبات  جوهرية و مؤثرة في ايران واروبا تعارض استخدام القوة المسلحة في  حل الازمة. 
كما انها تدرك جيدا بانه و(( منذ عام 2007 اضحت إيران تتقن دورة الوقود النووي الكاملة مما يعني قدرتها على تخصيب  اليورانيوم بمفردها ، وبالتالي ومنذ ذلك الوقت فقد فات الاوان على امكانية تدمير البرنامج النووي الايراني بصورة تامة ))باستخدام الضربة العسكرية .
وعلى الجانب الاخر فان الحكومة الاسرئيلية تعتقد بضرورة توجيه الضربة العسكرية ضد البرنامج النووي الايراني وبأسرع وقت ،وتصاعدت تصريحات مسؤوليها للقيام بعمل عسكري مبكر ضد ايران حتى وان كان بصورة منفردة .
ومع تبني وزير الدفاع الاسرائيلي (ايهودا باراك ) الدعوة العمل العسكري الاسرائيلي ضد ايران وبموافقة مترددة من رئيس الوزراء ( بنيامين نتنياهو ) ، اثير جدلا واسعا في الداخل الاسرائيلي .
فقد جوبهت الدعوة باعتراضات من  بعض المسؤولين الاسرائيليين السابقين والحاليين في الموؤسسات الامنية والدفاعية ، اذ اعترض ( شمعون بيرس ) على قيام اسرئيل بعمل عسكري منفرد ضد ايران وصرح قائلا )) لا يمكن لإسرائيل شن هجوم ضد إيران، وأنه يجب على تل أبيب ألا تفعل ذلك دون موافقة الولايات المتحدة))
وطالب( شاؤول موفاز) رئيس حزب كاديما والمعارضة الإسرائيلية رئيس الوزراء  )نتنياهو(  بتوضيح نواياه بشأن هجوم إسرائيلي منفرد على إيران، وحذر من سقوط عدد كبير من القتلى .
وبالمقابل عمد الساسة الايرانيون على استغلال هذا التناقض بالتضييق على المسؤولين الاسرائيلين الذين يروجون للخيار العسكري المنفرد ، واضعاف موقفهم الداخلي امام المعارضة والمواطنين من خلال التصريح ومن عدة مستويات باستعداد ايران للرد الحازم على اي هجوم محتمل وتصوير حجم الضررالذي ممكن ان توقعه  القوة الاايراني  بالقوات والمدن الاسرائيلية والتهديد بازالة اسرئيل من الوجود والتلويح بامكانية حدوث حرب كبرى في المنطقة قد تجر اليها قوى اقليمية تخوض الحرب الى جانب ايران . 
وازاء ذلك تنبسط حجج الداعين الى توجيه الضربة العسكرية بان لاشئ يعادل خطر امتلاك ايران للاسلحة النووية وبتعبير (نتنياهو ) ان كل الاخطار الاخرى الموجهة ضد اسرائيل      (( تتقزم امام خطر امتلاك ايران للسلاح النووي ))
ويلخص العميد الاسرائيلي المتقاعد (مايكل هيرتسوغ ) في مقاله (الجدل الاسرائيلي بخصوص ضرب ايران ) المنشور على موقع معهد واشنطن اسباب الدعوة للقيام بعمل عسكري منفرد، بان  الاساس المنطقي لدعاة توجيه الضربة العسكرية الاسرائيلية الاستباقية ، هو القناعة بعزم ايران على امتلاك السلاح النووي ، لذلك فانهم يعدون الانتظار لفترة اطول – في وقت تعجز فيه الدبلوماسية والعقوبات الدولية عن ايقاف البرنامج النووي الايراني وايجاد ضمانا لعدم تحولها الى قوة عسكرية نووية-  سيرتب عليه تداعيات كارثية على اسرائيل  تتمثل بامتلاك ايران للسلاح النووي،وعليه لايمكن لإسرائيل الانتظار لفترة أطول لخطورة فقدان قدرتها على وقف إيران عسكرياً .
ان السينايروهات المحتملة من توجيه الضربة العسكرية لايران مع افتراض انها من الممكن ان  تؤجل البرنامج النووي الإيراني لبضع سنوات، فانها تتعدد كما يوضح (هيرتسوغ) بين اعتقاد بعض المحلليين السياسين والاستراتيجيين  بانه ما سيتولد عن الضربة العسكرية على المدى القريب والبعيد (( بيئة تجبر طهران بقوة على وقف برنامجها على المدى الطويل بل وربما يعجل بتغيير النظام، بينما يعتقد آخرون أن الضربة سوف تدفع النظام إلى مزيد من التسلح النووي)). كما تزداد المخاوف من مخاطر تعرض الامن القومي الاسرائيلي لخطر نشوب حرب تقوم بها ايران و(وكلائها في المنطقة ) بعد مهاجمتها من قبل اسرائيل ، وقد يسفر عن ذلك وقوع اعداد كبيرة من القتلى المدنيين الاسرائيليين .
وحتى مع هذه التكاليف التي يثيرها السياسيون والمحللون، فقد استمر( نتنياهو) و(ايهودا باراك) بالتأكيد على مقارنة تكاليف المنع بتكاليف السماح لإيران بالحصول على أسلحة نووية، اذ يساورهم قلق توقيت الضربة العسكرية لان اطالة التوقيت الزمني للضربة العسكرية مع استمرار التقدم الايراني في البرنامج النووي قد يؤول الى تحقيق ايران ما يسميه الاسرائيليون بـ (الانعتاق ) والمقصود به امتلاك ايران للسلاح النووي مع قابليتها على التوصيل مما سيجعل من الاجراءات الوقائية اكثر صعوبة .
فالاستمرار بتخصيب اليورانيوم والذي يعتقد الاسرائيليون بقيام ايران بالعمل بكامل قوتها لتخصيبه إلى 3.5 و 20 بالمائة  يعزز من قدرة إيران على تحقيق الانعتاق كما ان البرنامج المحصن والموزّع [في أنحاء مختلفة من البلاد] واستمرار إيران في تطوير أنظمة التوصيل لديها، مما يعني  اتساع ((منطقة الحصانة)) الإيرانية ربما يغلق نافذة العمل الأحادي من جانب إسرائيل بحلول نهاية هذا العام مما يجعل القرار مُلحاً .
ولكن هل بالفعل ان الوقت ضيق الى هذا الحد  كما يسأل المعارضون للضربة العسكرية ؟
 وهل تستطيع اسرائيل ان تدشن حربا اقليمية تخوضها من دون غطاء او دعم امريكي ام ان هذا التصعيد هو لغرض جر امريكا الى تكثيف جهودها لاتخاذ اجراءات رادعة للبرنامج النووي الايراني واتخاذ خطوات اكثر تقدما من العقوبات والدبلوماسية في التعامل مع ايران ومنها الضربة العسكرية .
ومع ان اسرائيل تثير مخاوف من انفتاح الجهد الدبلوماسي والعقوبات على ايران من دون تحديد وقت او سقف زمني من شأنه ان يمكن ايران من بلوغ زمن (الانعتاق )  وبالتالي سيكون الجهد العسكري باهضا على الطرفين الامريكي والاسرائيلي، فأن  الجهد الاسرائيلي باقناع امريكا بالعمل العسكري  يصفه (هيرتسوغ ) بالفشل حيث  لم يستطع المسؤولون الاسرائيليون اقناع امريكا بوضع الخطوط الحمراء على ايران بحيث يترتب على تجاوزها القيام بعمل عسكري . 
وبعد فشل محاولة اقناع امريكا بالضربة العسكرية ، انخفض مستوى المطالب الاسرائيلية بضرورة وضع خطوط حمراء على ايران فيما قد يبرر بتراجع خيار توجيه الضربة العسكرية المنفردة وتغلب وجهة النظر المعارضة في الداخل الاسرائيلي فضلا عن تصدع العلاقة بين ادارة( اوباما) وبين اسرائيل بعد عجز الاخيرة عن اقناع (اوباما ) بالتخلي عن سياسته الناعمة تجاه ايران .
ويفسر رفض (اوباما) اقتراح (نتنياهو) بتحديد حجم معين من اليورانيوم المخصب، في الطريق الى القنبلة النووية، كخط أحمر يشكل سببا لهجوم أمريكي اذا ما تم اجتيازه  برغبة ( اوباما) – كما اشارت صحيفة (يديعوت) الاسرائيلية الصادرة بتاريخ 16/9/ 2012-  في أن يحافظ على مجال مناورة في اتخاذ القرارات ،اذ صرح بان ((لدينا خطوط حمراء وهي السلاح النووي  نحن ملتزمون بهذا الخط الاحمر))،كما اوضح (اوباما ) بانه لا فرق بين الولايات المتحدة واسرائيل في الموضوع الايراني ، ولكن من جهة اخرى لن يضع علنا خطا أحمر اذ (( يحتمل أن يأتي وقت العمل العسكري الامريكي لمنع ايران من الوصول الى سلاح نووي ولكن لا يزال هناك وقت آخر للدبلوماسية)) وقال( اوباما) ايضا ((نتنياهو هو الاخر لم يحدد علنا شروطا دقيقة لايران  لا يرغب اي زعيم في أن يعمل بيدين مكبلتين)) اما رد (نتنياهو) فلم يتأخر في المجيء  ففي مقابلات منحها لشبكتي (سي.ان.ان) و (اي. بي. سي) قال: ((عدم وضع خط أحمر يزيد احتمال الحرب، لان ايران تشعر بان بوسعها أن تتقدم دون عراقيل، وان وضع خط أحمر – اضاف نتنياهو- يقلل إحتمال أن تكون مواجهة عسكرية ولا يزيدها)) .
ويحلل (دينس روس ) وهو ومساعد خاص سابق للرئيس أوباما لشؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا، في مقاله (كيف تستطيع امريكا ان تبطئ الزحف الإسرائيل الى الحرب ) المنشور في نيويورك تايمز في منتصف شهر اب المنصرم اسباب الخلاف الامريكي الاسرائيلي حول الضربة العسكرية لايران، ليصل الى حقيقة ان الطرفين يشتركان في نفس الهدف وهو منع ايران من امتلاك قدرات عسكرية نووية(( الا انهما  يختلفان حول النقطة التي  يصبح عندها من الضروري القيام بعمل عسكري لاحباط التقدم النووي الايراني، وأقول (إحباط) لأنه لايمكن  لأمريكا ولا إسرائيل  أن تدمر القدرة الإيرانية على صنع السلاح النووي بصورة تامة)) لانها امتلكت المهارات الفنية والقدرات الهندسية التي تمكنها من تطوير اسلحة نووية ، بفعل اتقانها دورة الوقود النووي الكاملة مما يعني قدرتها على تخصيب  اليورانيوم بمفردها .
 ويحدد (روس) بان الخلاف بين الطرفين ينحصر في التوقيت المناسب لتوجيه الضربة العسكرية لايران .وبحسب ذك فان مسؤولي إدارة(باراك أوباما) يعتقدون انه ما يزال هناك وقت ومساحة لتحقيق النجاح في الجهود الدبلوماسية  في منع ايران من امكانية الوصول الى قدرات  تمكنها من تصنيع الاسلحة النووية، في حين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي( بنيامين نتنياهو)(( رغم انه لم يعلن بعد عن فشل الجهود الدبلوماسية، الا انه يعتقد عدم قدرة الدبلوماسية على تغيير مسار البرنامج النووي الايراني)) .
ويصل (روس) الى استنتاج مفاده ان خلاف الطرفان حول توقيت الضربة العسكرية انما هو دالة لاختلاف قدراتهما فضلا عن اختلاف منظورهما ورؤيتهما، فلاشك ان الاختلاف الهائل في طبيعة الامكانات والقدرات العسكرية بين الطرفين يجعل من امريكا ((تشعر أنه يمكن أن تنتظر وقتا أطول بكثير من إسرائيل قبل اللجوء إلى استخدام  القوة العسكرية.)) في حين ان اسرائيل اقل صبرا وتشعر بانه لايمكن السيطرة على الموقف ،او كما عبر وزير الدفاع الاسرائيلي (ايهود باراك ) بالقول ان ايران تقترب بسرعة من اللحظة التي تكون فيها منشأتها النووية المتعددة من العمق والاتساع في النطاق والقوة مما ينتج عنه وصولها الى  (منطقة الحصانة)  التي ستجعل من الضربة العسكرية الإسرائيلية تفقد فعاليتها ،  لذلك فانه (ايهود باراك ) يرى بأن على اسرائيل أن تتصرف وبسرعة قبل الاقتراب من تلك اللحظة.
 كما يختلف الطرفان في منظورهما للضربة العسكرية((  فان الامر بالنسبة للولايات المتحدة لايتعلق بالقدرة العسكرية فقط، بل بوجود وصياغة استراتيجية لمرحلة ما بعد أي هجوم او ضربة توجه الى  إيران.))
(( فطالما  ان اية ضربة او هجوم عسكري لا تستطيع تدمير قدرات إيران النووية،فانه يجب أن ينظر إلى العمل العسكري كوسيلة وليس غاية،ويجب أن تستخدم وتوظف الضربة العسكرية بطريقة من شأنها أن تساهم  في تحقيق هدف عرقلة البرنامج النووي الإيراني، بحيث  تصبح إيران  أقل قدرة وأقل رغبة في إعادة تأسيسه ، وكحد أدنى يتطلب ذلك ابقاء ايران معزولة  تقبع تحت وطأت عقوبات اقتصادية شديدة بعد مهاجمة منشآتها النووية )) .
ومع ادراك اسرائيل لاهمية وجود استراتيجية لمرحلة ما بعد الضربة العسكرية لابقاء ايران معزولة بعد نجاح الضربة العسكرية ،((الا ان القادة الإسرائيليون يميلون الى الاعتقاد  بأن سلوك ايران سينتج عنه موقف دولي موحد  ضد إيران، حتى بعد القيام بتوجيه ضربة عسكرية ضدها ))
وعلى العكس من ذلك فان  إدارة الرئيس ( أوباما )  ترى إن عزل إيران لم يحدث من تلقاء نفسه ، فقد استلزم الأمر جهدا كبيرا لإقناع وتعبئة المجتمع الدولي لفرض عقوبات قاسية على ايران ، وبالتالي فان (( تشكيل وتهيئة البيئة الدولية امرا مهما للادارة الامريكية، بحيث اذا اصبح اللجوءالى القوة امرا ضروريا فيمكن تبريرذلك بان الوسائل الدبلوماسية قد استنفذت و بشكل واضح ، وسوف تبدو ايران من خلال رفضها بعناد تغيير برنامجها النووي كأنها جلبت الحرب على نفسها فضلا عن عدم قدرتها على تقديم نفسها كضحية عند مواصلة عزلها بعد الضربة العسكرية . ))
هذا ويفترض (روس ) انه بامكان الولايات المتحدة  أن تتخذ عدة خطوات ملموسة لتمديد واطالة التوقيت الاسرائيلية حتى استنفاد طريق الدبلوماسية والعقوبات قبل اللجوء الى القوة
ويحدد اربعة خطوات اوخيارات يمكن ان تتخذها الولايات المتحدة تسهم في جعل توقيت الضربة العسكرية لايران يتزامن مع التوقيت الامريكي بعد استنفاذ الوسائل الدبلوماسية والعقوبات وهذه الخطوات هي : ((
أولا: يتعين على الولايات المتحدة ان تضع  مقترح نهاية اللعبة (الحل الاخير)على الطاولة  والذي يسمح لإيران بامتلاك الطاقة النووية المدنية ،لكن بفرض قيود من شأنها أن تمنعها من ان تحقق قفزة نووية 
ان تبني تقديم مثل هذا الاقتراح  من شأنه توضيح ما إذا كانت الاتفاق الحقيقي ممكنا ، كما انه  سينقل إلى إسرائيل رسالة مفادها أن النهج الأمريكي في المفاوضات لم يكن مفتوحا ومتروكا الى اجل غير محدد .
ثانيا :  ينبغي على واشنطن أن تبدأ نقاشات مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي وألمانيا (المعروفة بالدول الخمس دائمة العضوية + 1) حول استراتيجية(اليوم التالي) في حال فشل الدبلوماسية واستخدام القوة. ومن شأن ذلك أن يشير إلى كل من إسرائيل وإيران على أن الولايات المتحدة تعني ما تقوله بأن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة.
ثالثاً، ينبغي على كبار المسؤولين الأمريكيين أن يسألوا القادة الإسرائيليين عما إذا كانت هناك قدرات عسكرية يمكن أن تزودهم بها الولايات المتحدة – مثل القنابل الخارقة للتحصينات وحاويات لإعادة تزويد الطائرات بالوقود ومعلومات عن الأهداف – بحيث تستطيع أن تطيل الوقت أمامهم 
رابعا : ينبغي أن يسأل البيت الأبيض ( نتنياهو )عن نوع الدعم الذي سيحتاج إليه من الولايات المتحدة إذا اختار اللجوء إلى القوة. على سبيل المثال إعادة إمدادات الأسلحة والذخائر وقطع الغيار والدعم العسكري والدبلوماسي والمساعدة فيما يتعلق بحالات الطوارئ غير المتوقعة. وينبغي أن تكون الولايات المتحدة مستعدة  لتبني التزامات صارمة في جميع هذه المجالات مقابل موافقة إسرائيل على تأجيل أي هجوم حتى العام المقبل – وهو التأجيل الذي يمكن استخدامه لاستنفاد الخيارات الدبلوماسية وتمهيد الطريق للقيام بعمل عسكري إذا ما فشلت الدبلوماسية.))
ان تقييم الخيارات التي طرحها (روس )  امام صانع القرار السياسي والاستراتيجي الامريكي   لتحقيق الاتفاق الامريكي – الاسرائيلي في توقيت الضربة العسكرية ضد ايران يمكن ان يتبين من التحليل الاتي :
اولا : تكسب هذه الخيارات اهميتها من انها جاءت على يد واحد من ابرز المفكريين والسياسيين  المختصين في شؤون الشرق الاوسط ، يمكن ان تشكل موجها للتعامل السياسي الامريكي مع هذه الازمة – بل يبدو ان الادارة الامريكية قد اختارت تفعيل مضامينها بحسب ماكشفت عنه صحيفة نيويورك تايمز بأن ((الولايات المتحدة قررت تزويد إسرائيل بحزمة من الأسلحة المتطورة، لإثنائها عن توجيه ضربة عسكرية لإيران قبل الانتخابات الأمريكية في نوفمبر المقبل.وتشمل الصفقة تزويد إسرائيل بطائرات للتموين جوا، وقنابل خارقة قادرة على اختراق تحصينات بعمق 60  مترا )) وتأتي هذه الصفقة بسياق تعزيز مصداقية  التهديد الاسرائيلي لايران وتعزيز قوة الردع عندها .
ثانيا : ان فهم هذه الخيارات ليس له علاقة باعتقاد الولايات المتحدة بجدية انفراد اسرائيل بتوجيه ضربة استباقية ضد ايران  بقدر ما يفهم منه حرص الولايات المتحدة على امن اسرائيل والتزامها العقائدي والتاريخي بان تكون رادعة ومساندة سياسيا واقتصاديا وأمنيا .
اذ من الواضح ان اسرائيل لن تتورط بضربة عسكرية منفردة ضد ايران ، فالحسابات العسكرية تفيد بان هناك صعوبة تنفيذ ضربة عسكرية محكمة ضد البرنامج النووي الايراني لتعدد منشئاته وقوة تحصيناتها وانتشارها في رقعة واسعة ، فالامر مختلف كليا عن الضربة العسكرية التي نفذتها اسرائيل ضد مفاعل (اوزيراك ) في العراق عام 1982، ناهيك عن قدرة ايران على الرد الانتقامي ، واحتمالية فتح جبهات اخرى ضد اسرائيل .
وحتى مع ادراك اسرائيل ان واشنطن لن تقف مكتوفة اليد ازاء رد الفعل الايراني في حال قيام اسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية منفردة ،فان حجم الاضرارالتي ستقع في اسرائيل ستكون اكبر بكثير مما لو استعدت واشتركت امريكا في تنفيذ الضربة العسكرية، كما ان ذلك يعد خروجا عن الترتيبات الامنية المشتركة بين الطرفين واحراجا للسياسة الامريكية في المنطقة .
وبالتالي فان هذه الخيارات تؤكد على الالتزام الامريكي بحماية امن اسرئيل ، وعدم السماح بتهديده من قبل اي قوة اقليمية .
واخيرا يبدو ان النهايات لاتزال مفتوحة  ولايمكن الاجابة عن السؤال المتعلق متى يمكن ضبط التوقيتين الاسرائيلي الامريكي  لتوجيه الضربة العسكرية .
 فالسلوك الاسرائيلي في تصعيد التهديد ضد ايران رغم انه محكوم بضغط  التهديد الوجودي الذي يثيره البرنامج النووي الايراني ، فان التزام تحقيقه مشروط بدعم ومشاركة القوات الامريكية ، في حين لاتزال واشنطن ترغب في تهيئة الاجواء الدولية والاقليمية قبل القيام بضربة عسكرية لايران وترى من المبكر القيام بمثل هذا العمل ،كما ان قرب انتخابات الرئاسة الامريكية يحول دون اتخاذ قرارات حاسمة تجاه القضايا الاقليمية والدولية المهمة خشية تأثيرها على الانتخابات الامريكية .
ولم ينفع لجوء اسرائيل الى التهديدات الصريحة والمتكررة في التأثير على ايران في حين شكلت احراجا وعبئا على السياسة الامريكية في المنطقة دون ان تسهم في دفع الادارة الامريكية في توجيه الضربة العسكرية ، لذا لجأت الى التأثير على الداخل الامريكي في وقت الانتخابات، لغرض احراز التزامات اضافية من الادارة الامريكية الجديدة في اتخاذ مواقف جدية في تعاملها مع البرنامج النووي الايراني ، حيث يروج( نتنياهو ) في تصريحاته الى ان ايران ستتحول الى قوة نووية عسكرية في منتصف عام 2013 ، ويربط بين قتل السفير الامريكي في ليبيا على اثر عرض الفلم المسيء لمقام النبي( محمد ) وبين مايمكن ان تفعله ايران في حال امتلكت السلاح النووي ، في محاولة لاثارة الداخل الامريكي  حيث صرح قائلا ((انه التعصب نفسه الذي يحرق سفاراتكم اليوم. هل تريدون ان يمتلك هؤلاء المتعصبون اسلحة نووية؟ ))
اما الولايات المتحدة فانها تنظر الى الترتيبات الاقليمية والدولية قبل اللجوء الى استخدام القوة العسكرية شرطا اساسيا لتوجيه ضربة عسكرية ضد ايران ، كما انها تراهن على اثر سياسة  العقوبات الاقتصادية على الوضع الداخلي الايراني لاحراج النظام الايراني داخليا وتعريضه الى ازمات داخلية حادة  قد تزداد حدتها لتصل الى حد عرقلة البرنامج النووي الايراني وفي مشهد اكثر تفائلا الاطاحة بنظام الحك الايراني ، ومن جانب اخر تعمل الولايات المتحدة على اثار مخاوف دول الخليج لعقد صفقات لبناء منظومة الدرع الصاروخي على اراضي بعض الدول الخليجية يمكن الارتكاز عليها لصد اي هجوم صاروخي على قواعدها العسكرية اوعلى حلفائها في المنطقة .
غير ان الانتظار لفترة اطول قد يؤدي الى امتلاك ايران للسلاح النووي مما يعقد ويصعب معه  اتخاذ قرارامريكي في تنفيذ ضربة عسكرية ضد ايران ، وعلى مايبدو ان ايران لن تتردد في الاشهار والاعلان عن استخدام السلاح النووي في حال امتلاكه لردع اي عدوان على اراضيها.