(( عندما نقرأ النص القرآني نقف طويلا عند بعض الآيات المباركات ونقرأها بتمعن وتفكر وندورها في العقل كما أمرنا الله تعالى نجد أن هناك الكثير منها تتعارض وتتقاطع مع التفاسير القديمة الموروثة من السلف الصالح والمخيلة الإسلامية وخصوصا الأحاديث النبوية الشريفة التي كُتبت في العهد الأموي المتأخر والعصر العباسي الأول وحين نفتش في بطون أمهات الكتب الدينية والفكرية الإسلامية المعتبرة نجد الكثير من التأويلات والتفسيرات حين نعرضها على العقل المتدبر لا يمكن الأخذ بها أو تصديقها مع كل الاحترام والتقدير للعقول التي أدلت بدلوها في هذا الصدد في زمانها ومكانها منها على سبيل المثال ( وما جعلنا لبشر قبلك الخلد أفأن مت فهم الخالدون ) وحين نضعها أمام فكرة بقاء النبي عيسى بن مريم عليه السلام حيا حتى قيام الساعة أو فكرة الأمام المهدي عند جمهور علماء المسلمين وكذلك ( هو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم أن الإنسان لكفور ) و( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحيكم ثم إليه ترجعون ) و( قل الله يحيكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ) وقوله ( قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ……..) ونضعها أمام فكرة ما جاء على لسان السلف الصالح وفي تراثنا الديني وكثير من الأحاديث النبوية فكرة عذاب القبر الذي يُضاف إليه حياتا وموتا جديدا وكيف يُعذب فيه الميت ويُسأل عن أعماله وفكرة المعراج للنبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه فأن هذا الطرح لا يمكن التسليم به ولا يمكن عدم الأخذ به كونه طُرحت منذ مئات السنين وأحيطت هذه النصوص بالقداسة من مرجعيات معتبرة حينها لا يمكن تجاوزها أو نقاشها من قبل الآخرين والمعارض لها يدخل في صراع يصل إلى القتل والتكفير والاتهام بالزندقة والإلحاد من قبل الشيوخ ورجال الدين الذين ورثوا الحصانة الكبيرة من المؤسسات الدينية أمام التيار المجدد التنويري الذي يدعوا إلى أعادة النظر في التراث الإسلامي الديني والتفاسير الدينية والفقهية لنصوص القرآن الكريم وكثيرا من الأحاديث النبوية الشريفة حيث جابهت هذه الدعوات للمفكرين الجدد حملات شرسة من قبلها مدافعة عن قيادة الأمة الإسلامية بطريقة تفكيرها ووقفت بالضد من حملات التصحيح وغربلة هذه المفاهيم ومازال الصراح محتدم بين هذه المؤسسات الدينية والعقل العربي المتدبر المتفكر المتنور الذي أطلقوا عليه ب( القرآنيون ) والذي يحاول بدوره وضع المفاهيم والقيم الإسلامية في موضعها الزماني والمكاني الجديد لمواكبة التطور الفكري للإنسان للخروج من عباءة وجلباب وسطوة المفاهيم الدينية والعقلية لكثير من رجال الدين الذين تربعوا على عرش هذه المؤسسات والهيمنة على التراث السلفي الإسلامي محاطا بقداسة النص للأحاديث النبوية الموضوعة على النبي الكريم والبعيدة عن مفهوم الإسلام الحقيقي والرسالة السماوية بحصانة من رجال الدين ومرجعياتهم الذين لهم الكلمة العليا في الساحة الإسلامية .علما كلنا يعرف أن الله تعالى وعلى لسان آياته المباركات يُخاطب الإنسان العاقل والمتدبر لآياته كون أعطاه ميزة العقل للتدبر والتفكر في آياته كمشروع إلهي في تنظيم حياة هذا الإنسان على الأرض على ضوء كل مرحلة من حياته حتى قيام الساعة لهذا أعطى الله تعالى المساحة الكاملة للعقل البشري في كيفية معرفة مراد الله علي خلقه وترتيب شؤونه اليومية من عبادات ومعاملات وقيادة هذا الإنسان نمط حياته في مجتمعه برسالات ثلاث هي اليهودية والنصرانية والإسلامية المحمدية فأن الخروج من دائرة القداسة للنص تعطينا المساحة الكافية في الخوض للمعرفة المنهجية للتدبر التي لا تخرجنا من المفهوم الذي أنزله الله تعالى في كتابه الكريم وفيه تفصيل لكل شيء والذي يوافق كل عصر وزمان وكل عقل بعيدا عن هيمنة الذي يحتكرون قيادة العقل العربي والإسلامي بالتعاون مع كل ما يطرح على الساحة من محاولات لتغير مسار العقل العربي نحو الفهم الصحيح لآيات القرآن الكريم وإعطاء الفرصة والمساحة المهيأة لإخراج الدين الإسلامي للواجهة العالمية بوضوح بعيدا عن الخوف منذ سنين كثيرة والذي على ضوئه تراجع الفكر الإسلامي المنهجي وتقوقع في الجزيرة العربية وبعض البلدان الذي وصلها مشوشا ))