18 ديسمبر، 2024 11:04 م

الجدعان اسقطوا حكم تفرد الاخوان والحنابله ، كيف يسقط العراقيون تسلط الحيتان والتنابله ؟

الجدعان اسقطوا حكم تفرد الاخوان والحنابله ، كيف يسقط العراقيون تسلط الحيتان والتنابله ؟

التفرد بالسلطة والقرار من قبل الإخوان المسلمين والرئيس مرسي  كان السبب الوجيه والوحيد لخروج حشود المصريين في الساحات بالملايين لإسقاطهم وقد أفلحوا في ذلك في أقصر فعالية جماهيرية وشعبية بمنظور الزمن وتحقيق الهدف ، مشكلة الاخوان المسلمين انهم لم يقدموا خلال فترة حكمهم القصيرة برنامجا تنمويا واقتصاديا يلبي احتياجات الشعب المصري وربما لم تتاح لهم الفرصة لذلك ، لم نسمع عن فساد عن اتهامات بفساد مالي او استغلال المال العام ولم نسمع عن استخدام مفرط للسلاح  الا اضطرارا على العكس من ذلك كانت مقرات الاخوان تحرق وانصارهم يُقتلون أكثر مما قَتلوا ؟ ودليل ذلك ان القوات المسلحة وقائدها  الذي نصبهه الإخوان هو الذي أدار ملف السقوط بقبول شعبي حين اطاح بالشرعية الديمقراطية (الانتخابات وصناديقها) وانحنى للشرعية الثورية الشعبية (ملايين المتظاهرين) وقد يكون هذا الإنحناء مدَّبر في غياب الإشهار بالشرعية  في الخطاب الدولي والامريكي بالذات كما معتاد في الانقلابات العسكرية على الأنظمة المنتخبة لأول مرة !  ومع ذلك فإن الشارع المصري يغص بجماهير التغيير المؤيدة للتغيير وبجماهير أخرى تقف بجانب مرسي والأخوان  ونرجو الله ان يحمي الجميع ويتجنبوا سفك الدماء لترسي الأمور لما هو في صالح مصر حماها الله مما يحدث على شاكلة سوريا والعراق . ولكن ما حدث يعطي مؤشرا واضحا عن حيوية شعب وقوة عزيمة لتسيير الملايين وتحقيق التغيير مرتين خلال عام واحد ، ما حدث يشير بشكل واضح ان الثوار المصريين والجدعان حققوا تصحيحا لما اعتبروه سرقة لثورتهم بثورة شعبية عارمة لا يمكن تغافلها او تجاهلها حتى وإن جاء بدعم أو مخطط خارجي مسبق ومحكم بإسقاط الإسلام السياسي قبل استفحاله وبعد فوات الأوان تلافيا لما حدث في إيران بعد  التغيير الحاصل بثورة الخميني والتفرد بالسلطة وبقائه لما سيقارب اربعة عقود وما يحدث في العراق اليوم بعد مرور عشر سنوات على احتلاله بذريعة ما سمي بالتحرير والتغيير في حينها . !.
الوضع العراقي بعد الاحتلال كارثي بكل ما تعني الكلمة فالسلطة بعد مرور عشر سنوات ثبت انها من أفشل الدول كيانا وحكومات المحاصصة من أفسد الحكومات أداءً ، وأرقام معدلات البطالة والأمية والجهل والفقر وتفشي الامراض النفسية والجسدية وسوء التغذية والترمل واليتم والهجرة هائلة ، فيما يعيث الفساد المالي بمفاصل الدولة جميعا وينتشر العنف وفقدان الأمن وتتزايد اعداد ضحايا عواقبه من موت وعوق بشكل مريع . ما سموه المحتلون دولة هم عصابة يتستر على جرائمها المالكي رئيس الحكومة جهارا نهاراً  الجيش فيها تشكل من قوات دمج ميليشيات طائفية لأحزاب طائفية تشكلت وتغذت في إيران لعقدين من الزمن  لا تنفذ الا ما تأمره منها قياداتها التقليدية تسهل وتنفذ من مواقعها معظم أعمال العنف والتفجيرات الحالية والتي يذهب ضحيتها المئات من أرواح العراقيين الأبرياء وباعتراف المالكي نفسه ، رئيس الدولة فيها مريض منذ سبعة أشهر اثر جلطة دماغية معروف انه تجاوز مرحلة التأهيل التي تنبؤ بأي تحسن بحالته و وظيفته شاغرة ونائبه محكوم بالاعدام واحتسب هاربا بجرائم قتل وعنف كما لفق ضده باعتراف رئيس الجمهورية الذي آواه ، والوزراء بالحكومة بين مقاطع ومعلق ومستقيل كلما اشتدت حدة الصراع بين أقطابها وكتلها المتشاركة على المصالح والامتيازات والتي أسفرت عن هيمنة المالكي وحزب الدعوة الذي هو أمينه العام على قيادة الجيش وأدارة القوات الأمنية والمخابرات ، وفي حين تتظاهر وتعتصم ملايين من الشعب لأكثر من سبعة أشهر في ست محافظات في ساحات اعتصام وتظاهرات تطالب بحقوق مشروعة ورفع مظالم التهميش والانتقام والكيد والاعتقالات والاحكام الظالمة دون استجابة من السلطة التي واجهتها بالعنف والمجابهة العسكرية والقتل المباشر للمعتصمين كما حدث في ساحات الفلوجة  وديالى ومجزرة الحويجة . مع استمرار مسلسل الانفجارات الرهيب والذي اتخذ طابع طائفيا أو كيديا لتأجيج التوتر الطائفي الذي يطفوا على الساحة العراقية والذي يجد المالكي أن بتأجيجه والترويج له بسياسة طائفية وشد طائفي يقويه مذهبيا ليوصم المعتصمون بالطائفية ويقلل من فرص تعميم التظاهرات والاعتصامات ومظاهر الحراك في  مناطق الوسط والجنوب الذي تشكل غالبية سكانه الشيعة في الوقت الذي تدفع سياسته الطائفية والتهميشية ، السنَّة العرب للنزوع والمطالبة بالإقليم والذي لم يكن يوما ما مطلبا او حلا للسنَّة العرب لولا تفاقم نتائج هذه السياسة وهذا النزوع بحد ذاته يشكل اختراقا وتهديدا لأهداف الاعتصامات ويضعفها وهو ما يطمح به المالكي من خلال هذه السياسة وما تشكيل الصحوات الجديدة وانفلات ميليشيات البطاط وحزب الله  وغيرها إلا تأكيدا لهذا النهج ، في حين ان التهديد بنشوب الحرب الاهلية الطائفية والنزوع الى التقسيم أمر خلقته سياسية التطرف ولم ولن يشكل سابقا او لاحقا رغبة او طموحا لشعب أو مكون بل هذا هوما تراهن عليه الغالبية من عموم الشعب .
هذه الخصوصيات التي تطفوا على أوضاع الساحة العراقية هي التي تحول دون وجود حل سياسي أو جذري للأزمة العراقية لأن العملية السياسية التي ابتدعها الاحتلال وثبتها بالدستور الجائر ومبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية القائمة على تصنيف الشعب الى سني وشيعي وكردي وهو أساسا تصنيف لا يستند على حقائق تاريخية او موضوعية .
عندما يدرك العراقيون ان مواطنتهم و وحدة مصيرهم وتربتهم هي الأساس المتين لمستقبلهم ، ستسقط كل الأجندات الطائفية وسيتمكنوا من إسقاط الأشخاص والأنظمة والمشاريع التقسيمية بغض النظر عن حجمها وخبثها ومكائدها ، فكما يراهن المحتلون وعملائهم في تحقيق مشروعهم على خلق حالة انقسام وهمية ونفعية وشاذة وغريبة عن طبيعة شعبنا ، فأن المخلصين والمناهضين للاحتلال والمعتصمين ضده والمقاومين له يراهنون في الخلاص من الاحتلال والتنابلة واللصوص على وحدة العراقيين المتأصلة في الجذور على مدى القرون .