الفساد أحد الظواهر المجتمعية التي يمكن رصدها في المجتمعات كافة أيا كان موقعها الجغرافي او العصر التاريخي الذي تعيشه، والفساد مهما كانت درجة انتشاره مرفوض لأنه يمثل في واقع الامر انتهاكا صارخا للقيم الاخلاقية والاجتماعية للفرد والمجتمع، ويكون خطيرا جدا عندما يتسرب الى كل قطاعات الدولة القضائية والتعليمة والاقتصادية منها، وهذا كله بسبب تدهور القوانين والتشريعات وهشاشتها في ردع المفسدين.
ولان الفساد الاداري والمالي يضعف اقتصاد البلد ويعمق التمايز الطبقي بين فئات المجتمع وشرائحه ويؤجج الصراع ويفكك النسيج الاجتماعي ويحد من عملية الحراك السياسي ويحول دون اتمام عملية التنمية التي تشهدها الدولة، لأنه يعمل على هدر وتبذير الاموال العامة والطاقات البشرية لذا كان لابد من الوقوف ضده والتصدي لمروجيه.
وفي العراق يبرز الفساد الاداري بصورة أكثر وضوحا وخطرا ومن الواجب ايجاد حلول صحيحة لهذه الظاهرة التي ادت الى انحدار البلد وتحوله الى قائمة اسوء الدول فسادا، بسبب انعدام شبه تام للخدمات وتدهور خطير في الوضع الامني وهذا يعود بدوره الى الفساد الاداري والمالي الذي ينخر اجهزة الدولة ومؤسساتها ولم تفلح كل المحاولات السابقة لإصلاحها والسبب يعود لوجود مافيات كبيرة مدعومة من احزاب مشاركة في السلطة.
وقد شهد العراق وعلى مدى السنوات السابقة عمليات سرقة وصلت لمليارات الدولارات في مجالات الطاقة والتسليح والتجارة والبنى التحتية بل وحتى في مجالات التعليم والتربية، وقد كانت تمرر على شكل مشاريع وهمية شارك في تمريرها شخصيات سياسية تتصدر المشهد السياسي العراقي.
ولان ملفات الفساد من الملفات الخطرة والمهمة والتي لا يمكن التغاضي عنها باي شكل من الاشكال لأنها مرتبطة بأمن المواطن وقوته اليومي لذا فلا غرابة عندما تسقط محافظات كاملة بيد داعش بأيام والعراق يصرف على ميزانيته العسكرية مليارات الدولارات من “التجهيز والتدريب” بسبب الفساد الاداري.
وكذلك عندما تصاب ميزانية الدولة بانهيار ويتعرض قوت المواطن الى المساومة فهذا شيء اخر يدعوا الى الوقوف طويلا.
ولان العراق دولة برلمانية وعمل البرلمان هو الكشف عن ملفات الفساد واحالة المعتدين الى القضاء لذا كان لرئيس مجلس النواب الدكتور سليم الجبوري وقفة جادة في محاسبة كل من يثبت بحقه اي ملف فساد.
وهنا اود الاشارة بالدور الكبير الذي لعبه الجبوري في مساندة ضحايا سبايكر الذين احتضنهم وطالب معهم بإحالة كل من يثبت تورطه بالمجزرة من قريب او بعيد الى القضاء.
كما وتم وتحت اشراف الجبوري استضافة مجموعة من اهالي سبايكر والاستماع إليهم في مجلس النواب بحضور كل من وزير الدفاع السابق سعدون الدليمي ومجموعة من الضابط والقيادات الامنية التي تسببت بسقوط بعض اجزاء محافظة صلاح الدين وترك ابناء القوات الامنية لمصيرهم المجهول.
ولم يتوقف الدور الرقابي لرئيس المجلس بقضية سبايكر فقط بل ان رئيس المجلس طالب بحضور القيادات الامنية المسؤولة عن الخرق الامني في منطقة ناظم الثرثار وقد تم ذلك حيث حضر رئيس الوزراء ووزيري الدفاع والداخلية وبعض القيادات الامنية للوقوف على حقيقة الامر.
هذا كله يدعونا الى التفاؤل بمجلس النواب لأنه بدء يأخذ دوره في المحاسبة والتدقيق ولرئيس المجلس دور رئيسي في محاربة المفسدين وايقاف لأنهم والارهاب وجهان لعملة واحدة.