23 ديسمبر، 2024 7:17 ص

الجبايش جرح الجنوب النرجسي

الجبايش جرح الجنوب النرجسي

قبل اكثر من عام يأخذنا الشوق والسفر نحو مكان اثري وحضاري شاخص يمتد عمره لأكثر من 7000 عام,نحو مدينة الاباء و رفض الظلم , مدينة الجهاد ايام النظام السابق , مدينة الاهوار الجميلة .
انها مدينة الجبايش التي تقع شرق الناصرية على هور الحمار و نهر الفرات, والجبايش هو جمع (جبيشه), التي تعني جزيرة صناعية تسبح على صفحة  ماء  الهور, ويمتد عمر هذه المدينة من السومريين وصولا للعباسيين وكانت زاهية بحضارتها, وخصب ارضها , وكتب الدكتور الوردي عن اهل الاهوار وقال بانهم سكان العراق الاصليين, واكثرهم امتداد للحقب السابقة, وعانت هذه المدن الويل والحرمان في العهود العثمانية لاسباب طائفية معروفة.

واستمرت معاناتها  من السياسات الطائفية التي امتدت بعد سقوط الدولة العثمانية ومجيء الدولة القومية التي تأسست وفق معادلة (كوكس_النقيب), التي حكمت العراق حتى سقوط البعث في 2003, باعتبارها جزء من جنوب و وسط العراق , قاومت الجبايش البعث اشد مقاومة وكانت معقلا رئيسا للثوار بسبب الطبيعة الجغرافية لها و رفض اهلها للظلم الذي يتعرضون له يومياً.وقدمت ابنائها في مقدمة ركب الشهداء في زمن المقبور والان في مواجهة داعش , وفي سجون البعث الذين اجرموا بحقهم اشد اجرام لانهم اُعتبروا في خطوط المواجهة.

للاسف لاتزال هذه المدينة الجملية تعاني نفس الويل والحرمان وعندما تتصفح وجه شيبتها السومرين الاصل تجد الحزن يوشح وجوههم, وشبابها يفقدون الامل بسسب البطالة الضاربة في جميع ارجاء الحياة , وعندي حديثي مع احد رجالها الكبار قال لي (عمي والله ما كنا نتوقع نبقى على هذا الحال …لان اغلب الي بالحكم اليوم كانو مجاهدين بالاهوار) في كلام هذا الرجل عتب كبير, وحزنٌ عميق وكانه يقول وظلم ذوي القربى اشد مضاضة !!

 

وكم من سؤال يطرح ماذا لو كانت هذه المدينة الجميلة في احدى دول الجوار ؟؟ لا نذهب بعيدا ونمنى النفس بالدول الكبرى والبعيدة … او ليس بالامكان تحويلها الى فينسيا العراق, او الشرق الاوسط ,لما تمتلك من ارث تاريخي وطبيعة خلابة , فبالامكان بناء الفنادق والمطاعم و جلب الزوارق الحديثة , وكله لا يكلف الدولة فلساً واحداً, بل ستأتي بمردودات للدولة وامتصاص جزء من البطالة وانعاش اهلها , عن طريق الاستثمار,وذلك بتوفير بيئة استثمارية و قانونية سهلة تمكن المستثمر من العمل وبمبدأ الربح المتبادل.

للاسف بخلو على عروس الناصرية الجميلة حتى بمد طريق الممر الثاني بينها وبين مركز محافظة الناصرية لانقاذ ابنائها من الموت اليومي ، لتبقى جرحا جنوبيا نازفاً لم يشفى الى اليوم.