9 أبريل، 2024 12:39 م
Search
Close this search box.

الجاهلية … مرة اخرى

Facebook
Twitter
LinkedIn

تذكر الروايات ان الله عز وجل بعث اكثر من مئة الف من الانبياء لاصلاح الامم في العصور المختلفة والاخذ بايدي الناس الى حيث النجاة والسعادة …وتخليصهم من ظروف الظلام والجاهلية وتعليمهم اصول العدل ومكافحة الظلم وغرس الفضائل وقلع الرذائل ..وهؤلاء الانبياء هم الذين الزموا الناس بالصدق والعفة والاخاء ونشر السلام والمحبة ورعاية حقوق الاخرين ..وهم الذين حاربوا الشر والجهل والفساد وخلصوا الناس من القلق والاضطراب والفتن..وهم في الحقيقة ثورة ضد الجاهلية المقيتة وفي كل العصور ..تلك التي افسدت الاخلاق وصادرت الحريات وحاربت كل عزيز وانتهكت حرمة كل كريم.
 واليوم تكاد المقاييس تنقلب مرة اخرى لتعود بنا الى عصور الجاهلية من جديد حيث الحرمات تنتهك ومظاهر القتل والخطف والاعتداء في كل مكان والسرقة وتفشي الرشاوى وخرق القوانين والفساد الاداري الذي وصل الى المسؤولين والحاكمين الذين يجب ان يكونوا هم المصلحين ..حتى ليظن المتفرج على الاحداث انه لم تعد هناك بقية شرف ولاقوة ايمان ..فاضحى البلد مرتعا للجريمة ومحطا للاستهتار وسرت الروح الخبيثة روح الفساد فساد الاخلاق وفساد الضمائر وضاعت المقاييس وهتكت النواميس وسرى المرض الى جميع الطبقات حاكمين ومحكومين رعاة ورعية ..فهل ياترى هذه هي البلدة الظالم اهلها..؟  وهل نحن الذين نسوا ماذكروا به..؟ وهل هذا الطغيان هو انذار وارهاص لما بعده..؟ بعد ان طمس الله نور الهدى فينا ..واصبح البلاء قاب قوسين عنا..
ان الحديث عن الجاهلية اليوم ..يجرنا الى حديث انطماس الاداب الاجتماعية واندراس الشعائر الانسانية وقصور القوانين عن تنظيم الحياة ..حديث الظلم الفاحش والحكم الطائش ..حديث الرشوات والمحسوبيات ..وحرمان الوظائف لذوي الكفاءات..لقد ارتفع نقاب الحياء ..وصار كل مشبوه يعمل مايشاء ..وانبثقت مؤسسات وجمعيات تنافس الوزارات في عملها..فتعين الناس مقابل مئات الدولارات وتطلق سراح المعتقلين ..وتفعل مايعجز عن فعله الوزراء والمسؤولين ..وتاسست شركات تتعامل مع قوى الاحتلال في سرقة اموال البلد وتخريب اقتصاده .
اننا كعراقيين لانريد من الحاكمين ان يكونوا ملائكة معصومين او علماء متقين ..بل نريدهم ان يكونو اصحاب ضمائر واصحاب غيرة ..نريد للحاكم ان لايكون لصا او قاطع طريق او مختلس ..نريده ان لايقول فيكذب وان لايعد فيخلف وان لايتولى فيظلم ولايؤتمن فيخون ..نريده ان لايتكبر فيطغى ويتجبر ..ولايشمخ بانفه على ابناء امته التي يعيش من مالها ويتنعم على حسابها.
ان الجاهلية اليوم فعلت مالم تفعله جاهلية قريش..فتحت مظلة الدين تقطع رؤوس الابرياء ويمثل بهم..وباسم القران تعلن المذابح وتشرد العوائل وكأن الاسلام لايدعوا الى السلام وكراهة الحرب والتحذير منها ..ان الله جل شانه هو السلام ايها الجهلة ويدعوا للسلام وداره دار السلام يهدي من اتبع رضوانه سبل السلام وينجيهم من العذاب ..والقران العظيم كله سلام وتحذير من الحرب وويلاتها ((فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة)) وشرع العدل والاحسان ((ان الله يامر بالعدل والاحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي  )) فمن اين جاءت هذه الممارسات العجيبة التي لانجدها حتى عند البراهمة والبوذيين الذين هم اشد الامم..بل لانجدها حتى في شريعة الغاب وقوانين الحيوان .
فالاسلام يشدد على الشفقة والرافة حتى على الكلب فقال –اذا رايت الكلب يلهث من العطش  فاسقه الماء فان لكل كبد حرى اجرا- وقال لاتضرب وجه دابتك ولاتحملها فوق طاقتها وقال لاتحرقوا بيوت النمل وقال الامام علي ((والله لو اعطيت الاقاليم السبعة بما تحت افلاكها على ان اعصي الله في نملة اسلبها جلب شعيرة مافعلت ))
فلماذا يقتل الانسان بهذه الطريقة البشعة وتسلب الحقوق ويختطف الاطفال  ونحن ابناء الشريعة ندعي الاسلام ونحن نعيش حياة الجاهلية ..بابشع صورها.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب