23 ديسمبر، 2024 5:51 ص

الجامعة العربية تستعيد وعيها إزاء العراق

الجامعة العربية تستعيد وعيها إزاء العراق

قد يبدو مبالغا فيه ان قلنا ان الجامعة العربية ليس لديها تصور صحيح حول طبيعة الاوضاع في العراق، وربما قد يعده بعضهم رأيا متحاملا على الجامعة، أو يقال على أقل تقدير انه رأي يستند على معطيات غير دقيقة.
لا ياسادتي ، فما ستحمله كلماتي في هذا المقال الموجز، يعبر عن حقيقة تصور الجامعة العربية لطبيعة العملية السياسية في العراق، وموقع السنة فيها. فهل لكم ان تتصوروا معي ان الجامعة العربية تعتقد أن العرب السنة هم من يرغب في عدم المشاركة الحقيقية في صنع القرار السياسي، رغم محاولات التحالف الوطني المتكررة لمنحهم هذا الدور؟ وهل يمكن ان تصدقوني ان اسررت لكم ان الجامعة العربية تحمل فكرة مترسخة في تصوراتها السياسية ان العرب السنة هم الذين لايرغبون في العودة الى مناطقهم التي نزحوا منها، على الرغم من استماتة الحكومة العراقية في وضع الترتيبات اللازمة لعودتهم على المستو الانساني والأمني وحتى السياسي.
بالمناسبة، هذا ليس كلامي، ولا هو ضرب من التنجيم، انها الصورة التي اتضحت من خلال لقاء الامين العام للمشروع العربي بنبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية، ولا تسألوني من أين لك هذا؟. ما لم يفعل السياسيون السنة على مختلف توجهاتهم، فعلها الشيخ خميس الخنجر حين صحح الفكرة المغلوطة، والتصورات الخاطئة التي رسخها سياسيونا ، ممثلونا لدى الدبلوماسية العربية، ومن ضمنها الجامعة العربية كهيكل دبلوماسي عربي فاعل لا غنى للعراق عن الاستفادة من فاعليته العربية والاقليمية. لم يكتفي ممن وصل بغفلة من زمن الى السلطة او العمل السياسي بالتقصير المتعمد لشرح المظلومية الواقعة والمستمرة على العرب السنة، بل راحوا يعززون النظرية الحكومية التي ينقلها ممثلو العراق، وسياسيوه بأن الحكومة العراقية تعكس التمثيل الوطني بشكل حقيقي، أن لا تهميش ، ولا اقصاء ، ولايوجد هناك من انتهاكات لحقوق الانسان، فقط يوجد ضحايا بفعل عمليات الارهاب.
نحن إذن وهذه الحقيقة إزاء دبلوماسية من نوع آخر، دبلوماسية شعبية غير حكومية اكتسبت شرعيتها من صدقيتها في تمثيل جماهيرها، دبلوماسية واعية شرعت بوضع الخطوات اللازمة لكسر الحصار الحكومي المتعمد المفروض على كل الاصوات الوطنية المعارضة للنهج الحكومي الخاطئ ، والمرتكز على أبعاد طائفية تاريخية، والمرتهن لأجندات اقليمية غير وطنية.
ان هذه الجهود الدبلوماسية الجديدة والتي أثارت مخاوف اطرافا عديدة في ائتلاف المالكي وغيره من الاحزاب والكيانات والمليشيات، ستسهم  قطا في إعادة تصحيح المفاهيم والأفكار ومن ثم المواقف العربية والدولية، ونتوقع ان خطوات هذه الدبلوماسية غير الحكومية ستعزز من حضورها الدولي الفاعل وتكتسب شرعية أكبر في المرحلة القريبة القادمة.