تبدو الجامعة العربية اليوم في صيغتها الحالية مؤسسة منتهية الصلاحية سياسيًا. فالقِمم – سواء عُقدت في بغداد أو الرياض – فقدت قيمتها من حيث المخرجات وأصبحت بياناتها الختامية تستهلك إعلاميًا دون أثر فعلي في السياسات أو الملفات الساخنة.
هذا التراجع لا يعود فقط إلى ضعف داخلي بل إلى تغيّر البيئة الإقليمية بالكامل. فالدول العربية لم تعد تنتظر مظلة جماعية بل انخرطت في شراكات إقليمية ودولية تتجاوز الإطار العربي مع إيران وتركيا وإسرائيل والصين والولايات المتحدة الامريكية وغيرها كلٌّ وفق مصالحه وتحالفاته.
أما المشروع القومي العربي الذي كان يشكّل روح الجامعة فقد مات فعليًا وخلّف فراغًا ملأته الولاءات الضيقة والانقسامات، فبدت الجامعة كمجرد منتدى رمزي بلا تأثير.
لقد فرض “الشرق الأوسط الجديد” واقعًا جيوسياسيًا جديدًا بصعود قوى غير عربية وتراجع الدور العربي وبواقع تطبيع وانقسام لا مكان فيه لمنظمة ما زالت تستند إلى شعارات وحدوية مأزومة.
وفي عالم ما بعد الحداثة حيث تسود تحالفات مرنة وتشكيلات شبكية – كما في مجلس التعاون الخليجي أو التحالفات الأمنية الدولية – تظهر الجامعة العربية كمنظومة جامدة تفتقر إلى المؤسساتية والمرونة وتعيش خارج منطق الدولة الشبكية الذي يحكم العالم اليوم.
لذا فإن استمرارها بهذا الشكل يتطلب مراجعة جذرية لدورها أو التفكير في صيغ بديلة أكثر فاعلية تواكب تحولات الإقليم والعالم.