8 أبريل، 2024 6:43 م
Search
Close this search box.

الجالسون على جمر الجوار

Facebook
Twitter
LinkedIn

تجلس الشعوب عادة في خرائطها التي وجدت اسلافها يجلسون عليها منذ الازل ، منهم من يرتاح بجلسته ومنهم من يصاب بوباء التوسع فيبدأ بالتهام خرائط الآخرين ،الذي كان مرتاحا بجلسته على خرائطه التي رسمتها الاقدار وشاكس حدودها الاستعمار، فكر ان يعيش الحياة بكامل رحيقها فأربك عليه فكرته الذي لايرغب بالخرائط واالحياة والسلام .
الكورد ،تلك الامة العريقة عراقة التاريخ باكمله ، احد الشعوب التي تحدثنا عنها في الصنف الاول وقلنا انهم يحبون الحياة ،والكورد امة مسالمة لاتفكر بالتهام احد وبالمقابل لاتسمح ان يلتهم خريطتها احد ،لكن هذا العالم ومنذ الازل امتهن الغزوات المتبادلة بين الجيران اولا ثم الاقرب والاقرب والابعد وهكذا ، لم تكن الامة الكوردية بمنأى عن هذه الغزوات وهذه الالتهامات على خرائطها ، لكن الله كا يقول المؤمنون والطبيعة كما يدعي الملحدين ، غالبا ماتهيأ ثقبا مناسبا للخروج من كل مغلق ، وغالبا ايضا رغم وعورة التضاريس ،تكون الجغرافيا المتوحشة احيانا ،مرنة ورحيمة في بقعة ما، كوردستان — التي تجلس بقلق بين جبال متوحشة تحيطها من الشمال والشرق تعود لامبراطوريات كانت تجلس على عرش العالم في حقب ما من تاريخ هذا الكون – وهبها الله جبالا كانت تعادل ترسانة نووية تصد عنها تحرشات واطماع الجيران الشرهين والاعداء الافتراضيين والحلفاء الغادرين والشركاء الغير مؤتمنين ، وتلك الجبال وهبت للشعب الكوردي صفاتها من صلابة ومتانة وثبات وصمود شديد، حتى صار الكوردي والجبل كائن واحد ، عندما تذكر الكورد في محفل من محافل العالم الواسع يتبادر الى ذهن المصغي سلسلة جبال ،وعندما تذكر سلسلة جبال يتبادر الى ذهن المصغي سرب من الكورد المناضلين والثائرين والفلاحين والمعلمين والمهندسين والاطباء والعلماء وسائر المهن .
الخريطة الكوردية المقضومة على الدوام ، لم تجعل الكورد يجلسون متفرجين او مهددين ، جعلتهم المحن المتراكمة سياسيين من الطراز الرفيع ، والمناضل الكوردي الذي قضى نصف عمره متمنطقا بالبندقية صار الان يحمل حقيبة دبلوماسية مليئة بالاوراق للتفاوض لاجل اعادة المقضوم من الخريطة دبلوماسيا ،و حل مشاكل الكورد ومشاكل الاخرين ،اقول مشاكل الآخرين واعني ان الكورد صاروا وسطاء بين ابراطوريات لتخفيف الاحتقان وبث سلام عجزت عن صناعته مؤسسات اممية رفيعة.
الكورد لم يجلسوا في خريطتهم المقضومة يائسين ، بنى الكورد عمارات شاهقة واسسوا شوارع مدهشة واسواق كبيرة ومتاجر جميلة وحدائق للمواطن وحدائق للحيوان وملاعب ومدارس ومستشفيات وتشهد على ذلك اربيل عاصمة اقليم كوردستان التي تضاهي اكبر واجمل مدن العالم ،
تحتضن اربيل نازحون ومهجرون ومقيمون دون ان تتذمر ،وتغص اربيل بالسواح على مدار العام ،وكذلك سائر مدن الاقليم المزدهر على الدوام ، اقليم كوردستان يجلس في منطقة قلقة حولها شعبه وساسته الى منطقة عالمية فاتنة أمنا واقتصادا وعدالة .
والاقليم الاخضر يزاول العمران والسباسة والصلح بين الجيران المتخاصمين ،والاقليم الاخضر صار وجهة للساسة والتجار والسائحين.
مسكين ذلك الباحث الذي يركز على دراسة قرن من الزمن في الشأن الكوردي ، دون ان يعرف ان الكورد امة قديمة قدم التاريخ وان الكورد أمة عظيمة ومن الاباء المبكرين للجنس البشري اللذين تم توثيق تاريخهم في حوليات الامبراطوريات القديمة .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب