19 ديسمبر، 2024 12:14 ص

“الجاسوس”  سلمان الفارسي

“الجاسوس”  سلمان الفارسي

إشكاليّة فكريّة كبيرة وعميقة جدّاً يعاني منها العقل العربي عموماً تقف ال”ظنون” الدينيّة المتوارثة في مقدّمة أسباب هذه الإشكاليّة وتؤثّر بشكل عويص وشائك على كلّاً من ؛ أداءه الوظيفي فكريّاً وعقليّاً مع كلّ واقع جديد أو صعوبة أو بطئ أداءه في عمليّة الفهم والاستيعاب الكامل أو السليم ولم يعد يرى تفاعلات ما فوق حياتنا المعتادة باتت تفرز وتنقّي ما اعتبر قديماً من المسلّمات لم تستطع إفرازه منها بالأمس بدل الخوف منها كما هو الحاصل لدى مجتمعاتنا ممّا طوّب “اكسيوميّة” المسلّمات بشيزوفرينا في تعاطيها وتعاملها ما بين ما تعتقد تراث مقدّس من الصعب رفع حواجزه “الكونكريتيّة” لإتاحة الفرصة لإطلاق العقل الجمعي يقتفي أثر علوم اليوم المتطوّرة في جميع مناحي الحياة الحديثة وعلى سبيل المثال علوم البحث والتقصّي المتطوّرة في سرعة اكتشاف ما كان يعتبر سابقاً من المستحيلات منها تراكميّة علميّة مكوّناتها هائلة تقف تكنولوجيّتها المعقّدة لأن تكتشف مجرمون وجواسيس وإصابات مرضيّة قاتلة من قرون مضت لم تكتشفها السلطات في عصورهم ! ؛ وما بين حركة التطوّر والتجدّد ليس لموجبات التطوّر الفكري وحده إنّما لعناصر “آيروسيّة” متجدّدة دافعة لعمليات حيوية بيولوجية بما فيها “فينومينولوجيا” نمو الذات من إفرازاتها ما تظهر للوجود يوميّاً أنواع لا حصرها لها من “المتخلّقات” بالنافع أو الضار من وظائفها يختلف الضار منها عن من سبقها أو من أمراض جديدة منها بالغ الخطورة لم تكن موجودة من قبل “تلائم” كلّ عصر يراد لنا فهمها بجدّيّة قبل أن تعترضها “جهات البشّة والتهليل !” الجاهزون دوماً بعبارتهم المموّهة الشهيرة “إنّ الله يعذّب بها عباده لانحرافهم عن شرعه !” قبل أن يتفاجؤون بالردّ عليهم : أنّ أمراض خطيرة ظهرت في عصر النبيّ وفي عصور الراشدين كذلك فتكت بالكثيرين ذلك عدى أعوام القحط والمجاعات الفتّاكة! ..
 
 قصور مُوَرّث في ميكانزم واستشفاف الفهم اللحظي أو المؤجّل دفعهم لتصوّرات خاملة ليغطّوا عجزهم في فهم العصر انعكست بطوباويّة في “الفهم المستنسخ” طرحوها على أنّ القرآن في عصرنا معجزة علميّة !” أي فسّروا المضمون الجديد من منظور قديم !” وعجزهم عن تذوّق روح العصر وفقط برعوا في تذوّق “إعجازي” لمنجزاته ! , كأن “تصلّي مباشرةً على النبي” فور اشتعال مصباح النور من جديد مثلاً ! وكأنّ الله هو من يزوّدنا مباشرةً بالكهرباء وليسوا “الكفرة”! .. حتّى “فكرة” الموت لم يفكّروا كيف يطوّروا مفهومه ليكون “صديق للحياة!” وكأنّهم يريدون بقاء هذا “المصطلح” يبقى “ميّتاً” لا حياة فيه ! وهي من الاشكالات تقبّلها أو تجليسها كفكرة ترى أنّنا عندما نموت لربّما لن نفنى سوى أجسادنا فقط تفنى ؟ على سبيل المثال يعني , يعني بحسب استشفافي الخاص مثلاً أنّنا من الممكنّ لن نموت بالمفهوم المتداول بل “ننتقل” نقلة “ثقبيّة” عميقة “بأكسية وأغطية خاصّة تلائم ذلك الوسيط “النقّال” أي الّذي ينقل “دوافعنا” وتلائم سرعاته الأسرع من الضوء هي غير أكسيتنا الدنيويّة من عظام ولحم ودم وغيرها ؛ وبالضبط “كما يحتاج رائد الفضاء إلى تغطية جسده بأكسية معقّدة تلائم رحلة <شبه موتيّة> له خارج بيئته الّتي برّرت نشأته ووجوده فيها” أي أنّ “الدافع” الّذي به نمونا على كوكبنا سيباشر بالنموّ فوراً مع توافر شروط انفلاقه من جديد في “مكان” ما سنصله .. فللروح مركبتها الفضائيّة الخاصّة بها أيضاً ! ..
 
ربّما أنّك مررت سريعاً عزيزي القارئ على ما كتبته كمقدّمة بحثاً عن لبّ الموضوع الّذي بدا لك موضوع مثير لفت انتباهك وجذبك سريعاً لدخوله , في الحقيقة ليس من طبعي لفت الانتباه لأنانيّة منّي وفقط أريدك تدخل مقالي هذا إطلاقاً , بل ما كتبته شيء برأيي أقرب من الحقيقة بل هي الحقيقة : سلمان الفارسي وغيره جواسيس على حركات الانبعاث الإنساني في الجزيرة العربيّة وغيرها ومنها الإسلام .. لذا وجدت في هذه المقدّمة تمهيد لا بدّ منه للدخول لمدخل صعب وحسّاس من الصعب أن تتقبّله مجتمعاتنا مع ما بات نكتشفها يوميّاً أنّها مجتمعات هي صحيح صعبة المراس لكنّها من السهولة بمكان الضحك عليها , وكي لا أزعجك مع اعتذاري لك عزيزي القارئ , أقصد الكثيرون منّاً .. “فالشيعة والسنّة” على سبيل المثال من المسلّمات لديهم  أنّ سلمان الفارسي مُسلم ومن “أهل البيت” رغم أنّه حديث مشكوك فيه وتمّ تضعيفه والطعن فيه قبلاً من أكثر من منقّح أحاديث وفي أكثر من عصر من عصور الإسلام : “سلمان منّا آل البيت” .. وحتّى وإن صحّ الحديث فهو يبدو معبّأ بأكثر من غرض دفع الرسول لقوله كونه على ما يبدو أتى بعد فعل “جيّد” من سلمان خصّ به الرسول والمسلمين وهذا يعني أيضاً في المقابل ومن شخص كرسول الله متفتّح البصر والبصيرة وواعي و “قائد دنيوي” ليس شرطاً أن يكون مستسلماً تماماً لوجود سلمان بينهم “مسلماً” بعد أن أشهر إسلامه ! ..
 
الجدار الزمني وضيق “عُصيّات” انفتاحه المخصّصة لرسم تصوّراتنا بات لكثافة سمكه البشع تحوّل إلى عازل موحش متشكّل من عوائق وتراكمات اضمحلال فكري موميائي يعاني منه غالبيّة مجتمعاتنا يحول وبين فهم جديد لما يجري متسارعاً من حولنا يقفز من فوقنا كالغزال .. جلد أو جدار منيع للغاية متكوّن ما نستطيع تسميته “يورانيوم” منضّب مطعّم بشبكة مفولذة من الصعب الأقرب للاستحالة اختراقه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .. ليس في ذلك غلوّ أو تجنّي على مجتمعاتنا بل هي نتائجها على الأرض نراها كلّ يوم تنبئ لنا صراحةً أنّنا أصبحنا على هامش الحياة تماماً بفضل “مقدّس” وصلنا عبر جيناتنا الوراثيّة يتنقّل يخيّم على مدركاتنا بقوّة وتسلّطّ  خارج ارادة الخالق ( ويخلق ما لا تعلمون ) وخارج تصوّرات الرسول ( لا تقسروا أولادكم على أخلاقكم فإنّهم “مخلوقين لزمان غير زمانكم” ) .. وأسباب خوفنا على ما “نملك” من مقدّس بحاجة إلى إسهاب كثير لا مجال له هنا .. الّذي يعنينا أنّ المقدّس هذا قد طمس مع بداية الإسلام على الكثير من الحركات السياسيّة الّتي كان يجب أن يؤرّخ لها بالتفصيل من الّتي كانت تتشكّل منها الكثير من أنظمة الحكم العربيّة قبل الاسلام بالتوازي مع مصادماتها السياسيّة مع الروم ومع الفرس , وسبب ذلك الطمس “المتعمّد” كما يبدو بدأت تظهر ملامحه أثناء وبعد عصر الراشدين رغم أنّ بعضه جارى عصر الرسول وانتبه إليه “ص” بين صفوف المسلمين مموّلة من الخارج لم تلتقط منها تلك “الجهات” الّتي هيمنت على التثقيف الديني فيما بعد عصر الراشدين وتوَلّت شؤون العرب باسم الدين ؛ نفطويه سيبويه أبا حنيفة البرامكة إلخ , إلاّ ما هو فقط يدخل في لبّ الكيان السياسي للمسلمين وغيّرته تغييراً جذريّاً اثّرت على “الفتوحات” كحادثة مقتل “أمير المؤمنين” عمر بن الخطّاب من قبل “أبو لؤلؤة” المنعوت بالمجوسي ترك “المقدِّسون” بكسر الدال كلّ ما له علاقة بمفردات الحياة اليوميّة لمجتمعات ما قبل الاسلام من صراعات وصبّوا جام تفسيرهم بالحوادث فقط الّتي لها علاقة بحوادث الخلافة لارتباطها بمقدّس لابدّ وقادم قدّروه بخبراتهم أنّه “سيسيطر” على عقول الناس مرّةً ثانية سيجنون من وراءه بلى شكّ ما فقدوه قبل ظهور الاسلام فأطنبوا في حادثة مقتل عمر بالتفصيل وعن أبو لؤلؤة وسيرة حياته وكيف اندسّ خادماً أو غلاماً لعُمر! وعن من هي الجهات الّتي موّلته وما هي أغراضه , فقط خاضوا عن تأثير فعل أبا لؤلؤة على مسار الفتوحات ! وتركوا ما هو أهم على سبيل المثال كيف لمجتمع “مترابط” يكون بتلك الغفلة رغم أعداد بيوته المحسوبة بعدد أصابع اليد ليصبح رجل غريب هدمت حضارته معروف نسبه يخترقهم ليصبح خادماً لأعلى رأس في حكومة بدأت تتكوّن كإمبراطوريّة مترامية الأطراف !” .. لربّما وجدوا ما يبدو يمسّ بعض من صحابة رسول الله فتركوا البحث فيه ! خاصّةً لو كان المعني واحد من الصحابة “العدول” يعني معصوم ؛ وأيضاً حاله كحال آل البيت المعصومون! .. ليس هو وحده سلمان لربّما في قائمة الجاسوسيّة  لو تمعّنّا في حركة المجتمع العربي وأشحنا بوجوهنا عن “المقدّس” لرأينا ما يبعث على التقيّؤ بل لربّما لفتحت عيوننا على مغاليق بالملايين أمام أعيننا ستنتشلنا حتماً من واقعنا المزرِ هذا بكلّ تأكيد , سبق وأن نهانا عنها “نهي الاعتراض على القرآن !” بعض القائمون على أمرنا باعتبارنا أطفالاً بشوارب ! ؛ مرجعيّات وما يُطلق عليهم “علماء” من الاقتراب أو مجرّد السؤال عن مثل تلك “الخطوط الحمراء”  .. وكذلك مقتل عليّ ! جاء على يد “مولى” من أهل الكوفة “يعني من أصول فارسيّة” اكتوت بنار الاسلام الّذي حطّم حضارة الفرس .. ولهم الحقّ في ذلك لا نعيبه عليهم ولكنّ العيب فينا ..  فهم يعتبرون أنفسهم في حرب دائمة مع العرب ..
 
الحياة السياسيّة قبل الإسلام كانت فعّالة في مكّة نفسها .. فالتجارة وحدها كفيلة بتواجدها تفرضها فرضاً عمليّات البيع والشراء وحركة القوافل وطرقها الّتي بحاجة إلى حماية من جهات دوليّة كبيرة الحجم تستطيع حمايتها خاصّةً تلك القوافل الّتي تمتدّ من الموانئ “في عُمان مثلاً” ترسوا فيها سفن قادمة من “أرض الهند والسند” محمّلة بالتوابل وبالبخور .. والبخور وحده كان ذا قيمة عالية في عصور ما قبل الإسلام خاصّة البخور الهندي بما في ذلك بخور اليمن .. فكان شحن البضائع يتمّ من تلك الموانئ المنتشرة على سواحل المحيط الهادي وبحر العرب والبحر الأحمر لتصل الحواضر بقوافل مستمرّة بحماية ” الرومان” ينافسهم في ذلك الفرس في حماية القوافل تعمل من ضمن المساحات الجغرافيّة الّتي تقع تحت سلطتهم .. وقد احتوى التاريخ بالكثير من قصص “يُحرّم الدين تداولها لأنّ الاسلام يَجُبّ ما قبله !” المصادمات العسكريّة بين دوريّات الفرس وبين دوريّات الروم أدّى بعضها لحروب شاملة منها ما ادّعي أنّ القرآن قد “بشّر” بها ! بانتصار الروم فيها على الفرس بعد خسارتهم أمامهم قبلها ( غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون . ) قرآن ..
 
جيوش وتجارة وقوافل وأسواق تجاريّة وجباية لابدّ ولهذه الامبراطوريّات الّتي كانت في يوم ما تسيطر على الموارد الاقتصاديّة تتصارع باستمرار , ومن ذلك نستشفّ أنّ لابدّ ولهم “عيون” ترقب تحرّكات كلّ منهما للآخر باستمرار وتتفنّن في إخفاء تلك العيون بعناية دقيقة وفائقة كما يحدث في عصرنا اليوم ومنتشرون في جميع المساحات والرقع الجغرافيّة لأراضي “العدوّ” .. مثل هذه من الأمور البديهيّة لا يحتاج إدراكها إلى مرجع معصومة أو ل “عالم من أهل السنّة والجماعة” من المنغمسون في المقدّس وتجري من تحتهم ومن تحت أتباعهم المياه ! كما تجري المياه اليوم من تحت أتباع ومن تحت “مراجعهم وعلمائهم” العديد من ادّعاءات إعلان أو إشهار إسلام للكثير من الأوروبيّون والأميركيّون والكنديّون والاستراليّون والهنود والصينيّون والتايلانديّون الخ والجميع من البلهاء عندنا ما أن يسمع بشخص من غير المسلمين دخل الإسلام حتّى يستنفر نفسه كالأرعن “مهلّلاً مكبّراً” و “فرحاً مستبشراً” كالعادة ولربّما يسجد لله شكراً كسجود داوود لأجل النعاج! بدخول هذا الشخص أو ذاك الاسلام <لأنّه يجبّ ما قبله> ف يأخذون ب”الصدقة” <يبشون بوجوه بعضهم البعض>” ! .. ولا ندري .. ولربّما لم نسأل أنفسنا أو نصارحها ؛ كيف يدخل الأعلى في دين الأدنى ! .. ولا ندري كيف يدخل السيّد في دين عبده ! وذلك ينسحب على السيّد سلمان وغيره .. ولربّما هناك من سيسأل : هل مجتمعاتنا وثلاثة أرباعها يعيش وسط المزابل والنفايات والمتبقيّ يا إمّا كسول استسلم للكوارث تماماً يعيش على طفح المجاري وسرقة المليارات من أموال بلده متمتّعاً بظلام دامس بصراً وبصيرة منع عنه 36 مليار دولار ؛ مؤهّلة أو مغرية فعلاً لأن يدخل في دين مثل هذا أفراد من مجتمعات أرقى بكثير منّا سلوكاً ووعياً تعاني شدّة النظافة ولمعان طرقاتها وبيوتها! حتّى باتت تبحث عن ملاذ على سطح الرمال للاستراحة فيها من أعباء التكنولوجيا ومن قوانينها الّتي تعدل وتكفل بين الجميع ! مجتمعات ما عادت تبحث عن مجاري طافحة لا تستطيع إجبار حكوماتها على تنظيفها لأنّها تعتبر ذلك من نكات العصور البدائيّة .. هل مجتمعات تتلذّذ “بالهورن” أو “الطوّاطة” تتسلّى بأصواتها في الشوارع وبين البيوت وكأنّهم أطفال ! .. هل البصاق .. المخاط .. الأكل على الأرصفة باسم الاسلام كما تأكل الحيوانات .. هل وهل .. وهل تغري مثل هذه السلوكيّات الجانحة مجتمعات أو أفراد من غير المسلمين على دخول الإسلام ؟ , إلاّ إذا كان هناك غرض ما ! .. وهل سلمان الفارسي سليل مجتمعات غنيّة وسلوكيّات متحضّرة بحاجة لأنّ يبحث عن وجه الله وسط صحراء غير ذي زرع ! لماذا لم يذهب إلى الهند مثلاُ إلى اليمن إلى مصر وصحراء مصر والصحراء الغربيّة من العراق الّتي تسيطر عليها بلاده ! لماذا ذهب إلى بلاد تقع تحت سيطرة الروم ! ..
 
صراع “القوافل” والتجارة يخلّف عادةً مصادمات سياسيّة بين المتنافسون قد تفضي إلى حروب .. لذا فقد زرع الفرس والروم “عيونهم” هنا وهناك .. كانت مكّة على سبيل المثال قد شهدت مثل تلك المنازعات أدّت في بعض منها إلى ظهور حركات سياسيّة يموّل بعضها لجهة الروم وبعضها لجهة الفرس كما يحصل عادةً اليوم في عصرنا .. عنتر ابن شدّاد يقال أنّه وحده خاض 86 حرباً ضدّ جنود من الرومان “القتال وجهاً لوجه يعتبر حرباً” .. إذاً لا بدّ وأن “يخترق” عيون الآخر للبعض الآخر في تلك الحركات السياسيّة أو بعض ما نطلق عليها اليوم “الثورات” أو الحركات الاجتماعيّة ومنها الإصلاحيّة برز من أهمّها الحركة الإصلاحيّة ل”محمّد” صلّى الله عليه وسلّم فلا بدّ وأن يندسّ في هذه الحركة الّتي تمدّدت ولقيت تجاوباً واتّساعاً ويخترقها وفقاً لطبيعة التنافس عناصر من “ثلاث جهات” هي كانت القوى المهيمنة على جزيرة العرب على الأقلّ !؟ .. “الروم” ممثّلةً “لربّما”.. وأقول لربّما بالنسبة إليك عزيزي القارئ ولكنّي أنا شخصيّاً متأكّد تمام التأكيد ب”صهيب الرومي” ممثّلاً “جاسوساً” عن الروم وبلال الحبشي ممثّلاً عن بلاد الحبشة وسلمان الفارسي ممثّلاً عن بلاد فارس .. قد يحتاج القائد المحنّك كرسول الله مثلاً إلى نفس هذه “العيون” يحتضنها ويغظّ الطرف عن أسباب “ادّعائها الإسلام” ليرقب منها بذكاء القائد المحنّك ردود الأفعال الّتي تطرأ على تلك الامبراطوريّتين مع كلّ خطوة نجاح في دعوته .. فهل يُعقل مثلاً بعد أن استفاد من خبرة سلمان الفارسي بعد استشارته لحفر الخندق الشهير ليصدّ هجمة قريش “المموّلة من الرومان” ثمّ “يضرب بمعوله” وهو يحفر في الخندق فيقول “مهلّلاً مكبّراً” : ( “رأيت إيوان كسرى يتهاوى !” ويقف بجانبه سلمان الفارسي يسمع ! هل رسول الله بمثل تلك السذاجة ! .. “ثمّ يضرب ثانيةً فيرى “ص” مجد الروم وقد تهاوى” وبجانبه يقف صهيب الرومي! .. “ثمّ يضرب ثالثةً فيرى مُلك الحبشة وقد تهاوى” ! بحسب الحديث “الشهير” هذا ) .. هل هي من الحنكة في شيء أن يقول الرسول “يهلّل ويكبّر” مثلما يفعل اليوم متخلّفون وبلهاء و”قشمر” لدين سياسي مبتدع مؤمنون تمام الإيمان أن المسلم “شكل” خالي من المضمون ويصرخ الرسول بأعلى صوته كالمتصابي وفي حضرة سلمان الفارسي أو بلال فرحاً بتلك النبوءة ؟!.. بلال هذا الّذي كان “لربّما لديك عزيزي القارئ ولكنّني متأكد تمتماً” أنّ الرسول كان يرقب بلال بكلّ حذر فجعله “مؤذّناً” يؤذّن في المسلمين 5 مرّات “ألاّ يفلت من بين يديه” بحسب رأيي الشخصي ومتاكّد به تماماً ! رغم وجود من هو أجمل صوتاً منه وأعذب بكثير !؟ .. ثمّ أليست لدى سلمان غيرة على حضارته أو “صهيب” ! .. قد يكون ديناً أتى يبحث عنه مثل هؤلاء , فمعنى ذلك لا يعني أن يفرّط سلمان مثلاً في أصول جذوره وفي أصول حضارته فهو ليس بخائن كخونة اليوم الّذين قدموا مع بساطيل المحتلّ بعضهم استولى على الحكم باسم الديمقراطيّة أعاد العراق للعصور البدائيّة المظلمة في الحكم وهو يكبّر مهلّلاً باشّاً بوجه العراقيين الأبطال للمرّة الألف بعد “المئة يوم” بقرب انتهاء الخراب والدمار وهتك الأعراض وتكديس السجون والمعتقلات ! .. ثمّ من ذا الّذي كان يزوّد جيوش الروم بالمعلومات عن تحرّكات أنصار محمّد وتحرّكات جيشه وحركة “اقتصاده” فتتحرّش جيوش بلاده عند تخوم حدوده فيجهّز لهم الرسول “أسامة بن زيد” ل”تأديبهم” ! .. من كان يزوّد بالمعلومات هرقل عن قوّة المسلمين وعن أعدادهم فيجهّز هرقل جيوشه ليدحر بتلك المعلومات جيش المسلمين في معركة “مؤتة” وهو نفسه من وشي لجيوش الروم بقوّة بطل الاسلام جعفر الطيّار ع ونسبه القريب من نسب الرسول ومكامن قوّته فيتربّصون لقتله بعد قطع يديه وقدميه إرعاباً للرسول وإحباطاً له وانتقاماً منه ! .. ومن كان يزوّد ملك الأحباش بالمعلومات عن تحرّك جيوش المسلمين في اليمن ونشاط دعاة الدين الجديد !” ..
 
ترك “المفسّرون والمحلّلون والمؤرّخون وغيرهم تركوا حديث الرسول هذا للتكبير وللتهليل وللبشّ به والتبشير ومناسبة لتدليك مفتوح لعقولهم الصغيرة <بشّاً بوجوه بعضهم البعض> كونها “صدقة” ! و “دليلاً”  قاطعاً على نبوّة الرسول “وكأنّي بهم لم يؤمنوا بنبوّته بعد ولغاية اليوم !” دون أن يعيروا للحدث “معركة الخندق” تحليلاً وتسليط ضوء على ما طرحناه هنا استغفالاً منهم و “استهيافاً” لقرّاء اقتنعوا بهم على مرّ العصور وثقةً منهم بأنفسهم أنّ من سيقرأ ذلك من المسلمون في أزمنتهم أوّ ممّن سيأتون فيما بعد مؤمنون بنصوصهم أشدّ الإيمان لأنّهم في نظر القرّاء “عدول” كالصحابة يعني “معصومون” و “معصومون” كآل البيت “ومن نسلهم” لا يخطئون وقولهم قرآن لا يُردّ إلى يوم يبعثون كتفاً بكتف مع القرآن !..