23 ديسمبر، 2024 6:41 م

الجاسوسية المثالية

الجاسوسية المثالية

في مقالنا التمهيدي هذا سأتحدث بإختصار عن ” الجاسوسية المثالية ” …فكثيرة ومتنوعة أساليب التجنيد المخابراتي ، بتنوع الطرق والسلوكيات تبعا لتعدد المدارس المخابراتية والجاسوسية ، المدارس الشرقية و المدارس الغربية ،الحديثة والقديمة ، الأساليب التقليدية “الكلاسيكية ” والأساليب الحديثة وما طرأ عليها من تطوير وإدخال التكنلوجيا كعنصر أساسي في هذا العالم ، بل ان هذا العنصر أصبح يؤخذ بنظر الاعتبار خلال تقييم الاداء المخابراتي لأي جهاز ……ويدخل حيز المقارنة بين أداء الأفراد ومدى تعلقهم بالتكنلوجيا ….والذي لايعرفه كثير من العامة ان التكنلوجيا المستخدمة في عالم المخابرات خاصة عند الاجهزة القوية عالمياً تفوق التكنلوجيا المعروضة في السوق بما لا يقل عن 10 سنوات متقدمة عليها!!!…

تعتبر الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة نقطة تحول حقيقي في عالم الجاسوسية والمخابرات ، حيث شكلت تلك الحقبة بداية ماراثون مخابراتي بإمتياز للتطور والتطوير ،فالمنافسة للحصول على المعلومات وتوظيفها لصالح الدولة كان حاظراً بقوة . خطوط الدفاع والهجوم للدول المتصارعة هي أجهزتها المخابراتية  ، لهذا وصل حد المنافسة للبحث ليس فقط عن التقدم التكنلوجي والتطوير في السلوك والأداء العملي بل وصل مستوى إستخدام طرق وأساليب غير مقبولة إنسانياً …..

في مقالي هذا لا أرغب بالخوض في أساليب التجنيد وأسبابه وأهدافه المختلفة بحسب أهداف كل جهاز ودولة ولن أخوض أيضاً في مستويات العميل . لكن أود الإشارة إلى صنف الجاسوس المثالي ، من هو ؟.

الجاسوس المثالي باختصار ، الجاسوس المبدئي :  المؤمن بفكر ديني أو سياسي او إجتماعي معين  …  بالتالي تحوله لجاسوس لصالح بلده أو ضده أعتقادا منه أنه سيخدم عقيدته بذلك ……هذا من جهة الجاسوس!…..أما من جهة  الجهاز المخابراتي فهو قد حدد مسبقاً ثغرة للنفاذ منها للضحية بعد دراسة عميقه تفصيلية معقدة لحالة الضحية النفسية والفكرية والسلوكية والحياتية بشكل عام ثم مرحلة وضع خطة لتجنيده!…بالوشوشه  مرارا وتكرارا في أذنيه بأنه  سيخدم أفكاره ومعتقداته بعمله لهم …ألخ.

أثمن جواسيس المخابرات السوفيتية خلال حقبة الحرب الباردة في أوربا الغربية وأمريكا المعتنقين للأفكار الشيوعية والاشتراكية ، فتجنيدهم بمثابة الحصول على كنز عظيم ، لأن هذا النوع من الجاسوس يتفانى ويتطور بسرعة فائقة للحصول على المعلومة مهما كلف الثمن!.

كثيرة قصص الجواسيس عبر التأريخ لكن قلة هم الجواسيس المثاليون  ، فقد كانا أثيل روزنبرغ وزوجته جوليوس روزنبرغ, أمريكيين “شيوعيين”, ألقي القبض عليهم عام 1953 بعد أدانتهم بالتأمر والتجسس ونقل المعلومات الحساسة حول القنبلة الذرية لصالح الاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية, أعدموا بذات العام وهي أول عملية أعدام مدنية بتهمة التجسس في تاريخ الولايات المتحدة.

كذلك ريتشارد سورج, ألماني شيوعي من أذكى الجواسيس الروس وأخطرهم في القرن العشرين, كان يعمل كصحفي في المانيا واليابان, ألقي القبض عليه عام 1944 وأعدم بتهمة التجسس لصالح الاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية, تعرفه المخابرات الروسية بأسم ‘جاسوس ستالين’.

أما جوناثان بولارد فقد كان “يهوديا” أمريكا عمل  مُحللا في الاستخبارات المدنية, ألقي القبض عليه عام 1985 بعد أدانته بالتجسس لصالح الموساد الاسرائيلي في ميريلاند, حُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 1987, وقد منحت تل ابيب الجنسية الاسرائيلية لبولارد عام 1995 على الرغم من أنكارها بالعمل لحسابها حتى عام 1998, ويحضى بولارد بدعماً قوياً من بنيامين نتنياهو حتى زاره في السجن الامريكي عام 2002.

في مقالنا القادم سأتكلم عن أوكار الجاسوسية الإيرانية في أوربا بمعلومات حصرية حصلنا عليها من مصادرنا الامنية الخاصة .

أنتظرونا في مقالات قادمة….

للحديث تتمة…