في بداية ظهور الامن القومي كمصطلح في النصف الاول من القرن الماضي على الرغم من وجوده عملياً منذ الوهلة الاولى لحياة الانسان المتواضعة , قد تم ادراك هذا المفهوم و لا زال كذلك في الاوساط المتعددة حتى الان بدلالة عسكرية فقط ، و تبرر هذا التوجه قناعته بالقول ان تهديدات الامن القومي ، إنما هي تهديدات عسكرية خارجية فحسب ، و انطلاقاً منها تم ربط الامن بالقدرة العسكرية و بالسياسات التي تعبر عنها ، مثل سياسة التسلح و التوازن و الردع , حيث تأخذ من المقولة الشهيرة (اذا اردت السلم فكن مستعداً للحرب) قاعدةً لها ، و على الرغم من التغييرات التي طرأت عليها لتشمل الامن جميع الجوانب الداخلية و الخارجية للدولة و كافة المجالات الاقتصادية و السياسية و الثقافية ، إلا ان القدرة العسكرية كانت و ستبقى بمثابة الاداة الاولى و الاخيرة لضمان الامن القومي لأي كيان ، لأن مشكلة الامن في الدول لا تكمن في التهديدات الخارجية فحسب , و انما كذلك في تحديات التنمية الداخلية و التحديث و التغيير و الحاجيات المستمرة و المتطلبات الدائمة ، حيث تتنوع التحديات و التهديدات داخلياً و خارجياً . فأذا كان الشيخ عبيد الله النهري و الشيخ سعيد ثيران و الشيخ محمود الحفيد يملكون القوة العسكرية اللازمة ، لما كان مصيرهم النفي و اعتلاء مشانق الاعدام و في عصرنا الحديث اذا كانت دولة الكويت تملك جيشاً في عام 1990 لما كان دخول القوات العراقية و غزوها بتلك السهولة و البساطة .
(الثيشمةرطة) هو الاسم الذي يطلق بشكل عام على القوات العسكرية الكوردستانية على اختلاف صنوفها و عددها و عدتها و تسمياتها , و قد تخطى مراحل شتى في دفاعها عن ارض كوردستان و شعبها و ماءها و ضرب اروع الامثلة في الفداء و التضحية و نيل الشهادة ، حتى بات اسماً لامعاً محبوباً محترماً و رمزاً للقوة و الصلابة ، يفتخر به كل كوردستاني في الداخل و الخارج , بعد جهود كبيرة بذلها القيادة السياسية الكوردستانية مع العراق الاتحادي تمكن من اعتباره جزءاً من منظومة الدفاع العراقية ليخرج من الاطار الميليشاوي المطلق على غيره من الفصائل ، و خاصةً بعد مشاركته الفعال في محاربة داعش الارهابي و دحره و كسر شوكته و حرر الاراضي التي سيطر عليها .
لقد كانت و لاتزال قوات الثيشمةرطة الدرع الحصين و الساتر المتين لحماية امن اقليم كوردستان و بالاحرى انقذها من الفناء و الانهيار لتعرضها الى هجمات شرسة متعددة منها :-
لقد دافع الثيشمةرطة عن الوجود الكوردي لفترة عقود من القرن الماضي و خاصة العقد الستيني و بعده و حافظ على هوية شعبه و ثقافته و تاريخه ، و استمر كذلك حتى اجبر النظام العراقي على استخدام الاسلحة الكيمياوية و اطلاق عمليات الانفال ظناً منه ان الشعب الكوردستاني سينتهي من الوجود .
بعد ظهور الجماعات الارهابية و خاصة داعش و سيطرتها على مساحات واسعة من اراضي العراق حاول التقدم نحو الاقليم و هدم ما تم بناءه من التجربة الديمقراطية و لكن قوات الثيشمةرطة صدت لها بكل بسالة بقبضة من حديد و تمكن من هدر احلامهم و إجهاض مخططاتهم و كسر ماكينتهم الشنعاء .
صدت قوات الثيشمةرطة هجمات القوات العراقية عندما حاولت الدخول الى الاقليم بعد احداث كركوك و ضربت اروع الامثلة سواء في منطقة ثردى او محمودية و زمار و غيرها من المناطق ، وكذلك عند خروج المظاهرات في السليمانية وغيرها من المدن وخرجت عن مسارها السلمي وأحرقت المؤسسات الحكومية ومقرات الاحزاب السياسية ، وتركت وراءها القتل والدمار ، تدخل قوات البيشمةركة لحماية أمن المواطنين وممتلكاتهم
و نستخلص من ما ذكر ان قوات الثيشمةرطة كانت و لا تزال الحارس الامين و سيبقى المخلص الوفي لأرض كوردستان ، و شعبه مدافعاً صلباً عن امن الاقليم ، و حماية وجوده ، و لكن بدون شك بالتعاون و التنسيق مع الجهات الامنية الداخلية و مساعدة جماهير كوردستان المناضلة ، و الثيشمةرطة سيبقى القوة التي يعول عليها قيادة الاقليم و تشعر بأهمية هذه القوة و مدى استعدادها للدفاع بمعنويات عالية و حماس ناري لا ينطفئ لينير درب شعبه نحو العلا على الرغم من الصعوبات التي يمر بها من تأخير الرواتب .
لذا نشيد حكومة الاقليم الى الاهتمام اكثر بقواتنا و تحسين حالتهم المعاشية و تقديم اللازم لهم لأنهم موضعوا فخرنا وعزنا ،وتقدير مكانهم الذي يليق بهم ، و لولا دفاعهم لكان الوضع غير هذا .