26 نوفمبر، 2024 10:15 ص
Search
Close this search box.

الثورة في الشعر العربي

الثورة في الشعر العربي

تعتبر الثورة من الظواهر المهمة جداً في تاريخ الشعوب … وهي انتفاضة الشعب ضد الظلم الذي يتجاوز الحدود … والثورة كفعل انساني عبارة عن عملية هدم يليها بناء ومن خلال الثورة يطلب الانسان التحرر من الانظمة الدكتاتورية وتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية …وهنا اردت ان اطرح موضوع وهو … علاقة الشاعر بالثورة ومادفعني الى ان اطرح هكذا موضوع قول احد الاصدقاء الكتاُب يقول (أن الشعر العربي لاتجد فيه الا الكلام عن المرأة وعن معاناة الشاعر ولاتجد فيه أي نفس يدعو الى الثورة ضد الظلم ). وقد يتبادر السؤال انه ماعلاقة الشاعر بالثورة حيث ان الشعر هو نتاج ابداعي رقيق يفصح عن حالات عديدة كالبوح الوجداني والتصوير النفسي لحالات شعورية متعددة . كما أن الثورة تصل بعض الاحيان الى العنف وقد تحدث فيها قضايا دموية للخلاص من النظام القديم كما هي الثورات المعروفة كالثورة البلشفية والفرنسية فما دخل الشعر فيها ؟. ولكن ليس الكلام هكذا … ان الشعر له مواقف متعددة مع الثورات … ورائعة محمود درويش معروفة خطاب الدكتاتور الاخير . والأهم من ذلك كله ان خطاب الثورة التونسية في تاريخنا المعاصر كان بيت من قصيدة ابو القاسم الشابي

اذا الشعب يوماً اراد الحياة . فلا بد ان يستجيب القدر

وكثيرون من شعراء العرب حاولوا بقصائدهم الجميلة أن يرسخوا روح الثورة في نفوس الجماهير كالجواهري وحافظ ابراهيم وشوقي وغيرهم ولو تتبعنا طريق النقد السياسي الذي ساره شعراء العرب نجد امثلة متعددة مثلا في شعر امل دنقل وقصيدته معروفة لاتصالح. واحمد مطر … ومظفر النواب … ينقل عنه انه كتب قصيدة من الشعر الشعبي العراقي طابعها الاساسي غزلاً ولكنها تحتوي على نفس ثوري وتحرض الشعب على الثورة . ونزار قباني له قصائد مشهورة نذكر منها هوامش على دفتر الهزيمة والمهرولون ومتى يعلنون وفاة العرب وله قصيدة تحتوي على روح ثورية ونقد سياسي لاذع حيث يقول :

مواطنون دونما وطن

مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن

مسافرون دون أوراق …. وموتى دونما كفن

نحن بغايا العصر

كل حاكم يبيعنا ويقبض الثمن.

وفي هذا التيار النقدي وأنا ابحث عن الشعر الثوري وجدت نصوص رائعة للشاعر محمد الماغوط حيث تجد التحريض على الثورة ودفع الشعوب نحوها واضح جداً نذكر احد النصوص الجميلة مسافر عربي في محطات الفضاء يقول فيها :

أيها العلماء والفنيون

أعطوني بطاقة سفر إلى السماء

فأنا موفد من قبل بلادي الحزينة

باسم أراملها وشيوخها وأطفالها

كي تعطوني بطاقة مجانية إلى السماء

ففي راحتي بدل النقود …دموع

لامكان لي ؟

ضعوني في مؤخرة العربة

على ظهرها

فأنا قروي ومعتاد على ذلك

لن اؤذي نجمة

ولن اسيء الى سحابة

كل ما أريده هو الوصول

بأقصى سرعة الى السماء

لأضع السوط في قبضة الله

لعله يحرضنا على الثورة !

وهكذا يتحدث في نصوصه فهو بعدما يأس من الشعوب يحاول محلقاً في خياله ان يصعد الى الله ليحرض الشعوب على الثورة ودائما قصائد محمد الماغوط الثورية فيها روح اليأس

ففي نص ثاني يقول :

مذ كانت رائحة الخبز

شهيةً كالورد

كرائحة الأوطان على ثياب المسافرين

وأنا اسرح شعري كل صباح

وأرتدي اجمل ثيابي

وأهرع كالعاشق في موعده الاول

لانتظارها

لانتظار الثورة التي يبست

فهو في هذا النص ينتظر لعله يرى بصيص امل … وفي هذا النص يبدو محمد الماغوط كيف كان يعشق الثورة التي يسرح شعره من اجلها ويرتدي اجمل ثيابه لانتظارها وهو يكمل في هذه القصيدة حيث يقول انه يزغرد كالنساء المحترفات … اذا رأى الثورة …وهكذا نرى روائع الشعر العربي الثوري الذي يعبر عن المكبوت في ضمير الامة ولاشك إن اغلب شعراءنا كانوا يفكرون في يقضة الشعوب وينتظرون بريق الثورة وهذا هو نفس شعراءنا اغلبهم كانوا يطلبون الحرية الى الشعوب ويضحون من اجلها ولاريب في ذلك لأن الثورة ظاهرة اجتماعية فلا بد للأديب الانصهار في مجتمعه والانشغال في قضاياه التي تعد جزءاً من يومياته الطبيعية والكثير من الادباء تجد نتاجاتهم متصله اتصالاً وثيقاً وارتباطاً واضحاً بالمجتمع في مختلف صوره واشكاله 

أحدث المقالات