صورة التظاهرة الصدرية يوم الجمعة الماضي تثير لدى المراقبين اسئلة كثيرة، بعضها يتعلق بشخص مقتدى الصدر وبعضها باتباعه، والعلاقة بينهما وبين الاصلاح أوالتغيير أوالثورة، ولكن السؤال الاهم:لماذا لم تشعر الزمرة الحاكمة بالخوف من هذه الجموع التي زحفت من كل مكان لسماع صوت مرشدها وقائدها المقتدى، مثلما شعرت به حين زحفت جموع الجياع الفقراء المظلومين الاحرار في اب الماضي ؟.. ذلك الخوف الذي دعى الظالمين الى اصدار قرارات الاصلاح خلال اربع وعشرين ساعة ، وأعجزها عن النوم لايام عديدة منشغلة فيها في لملمة وترتيب اوضاعها تأهبا للهرب الذي دنا اجله انذاك لولا ان الاحرار ظلوا الطريق وأبطأوا الخطى!!
ولماذا لم تقلق السفارة الاميركية من جموع الصدريين في ساحة التحرير مثلما قلقت من صوت الاحرار الفقراء في آب؟.. ومن صوت طلاب جامعة المثنى الذين طردوا ابن المرجعية وصهرها (الشهرستاني)، ومثلما قلقت من طرد المجرم كاظم الصيادي من كربلاء ، و مثلما قلقت أخيرا وكثيرا من صوت الطفلة ( روان البابلية) وهي تتحدى محافظ بابل ومن خلفه كل الميليشيات ورموز السلطة والفساد في البلاد؟..
ولماذا لم يخرج العبادي في آب ليرد على الفقراء الثوار الاحرار مهددا اياهم، مصرا على نهجه؟..
بل اذعن لهم اذعان الذليل المنهزم، وانما خرج بعد تظاهرة مقتدى معلنا ان لغة التهديد والوعيد لن تجدي نفعا ولن تثنيه عن نهجه في اجراء تغيير وزاري تكنوقراطي تحاصصي طائفي…
لماذا لم يرد احد من الفاسدين على الاحرار الثائرين في اب الماضي محذرا اياهم من الاقتراب من المنطقة الغبراء ، في حين تعالت اصوات النائمين فيها الان محذرة للمقتدى من ذلك، ومفصحة ان الغبراء محمية بباريها ( ستيوارت جونز) وان لا امل لكم ايها الصدريون بالاقتراب من اسوارها..
الرعاع ايها السادة يفهم بعضهم بعضا، وفي ملعبهم كل له ساحته ومساحته، ادواته وآلاته، على طريقة المثل العراقي( احنه ولد الكرية وكلمن يعرف اخيه) لذلك فان سمحوا لاحدهم باستعراض عضلاته امام الناس فذلك لانهم بجاجة الى قوته ودوره وتاييده، فالامر في نهايته ليس المقصود منه اخافتهم او تحذيرهم بقدر منحهم الامل والامان وتسهيل مسرحية اللف والدوران، فلو كان المقتدى واتباعه ينشدون الثورة والتغيير لما تقاعسوا كل هذه الاشهر عن الخروج مع الاحرار الثائرين، ولما تركوا مرجعيتهم في النجف يبح صوتها دون سامع ومجيب، ولماتركوا احرار الناصرية يضربون بالحديد، ولطالبوا بدم الشحماني والركابي والعديد، ولو كانوا يطلبون الاصلاح حقا لما طالت مشاركتهم في الفساد وانتفاعهم منه طيلة سنوات الزمن الاغبر حتى امتلئت كروشهم وفاضت، ولو قال قائل منهم إن الاوان قد حان وان الصحوة والتوبة أمران يحكم فيهما الزمان ، نقول لهم الم يكن منكم من صال وهاج وماج في كشفه للفساد وحفظه لملفاته، الم تكن الدكتورة مها الدوري منكم ولسانها لسان عصفور زقزق حتى مل في اروقة البرلمان، الم يكن وإلى اليوم الاعرجي واخوه الاعرجي قادة من قادتكم ، ورئيسا لهيئة النزاهة وحاملا لملفاتها عارضا
في كل خميس على قناة البغدادية ولاربع سنوات ملفا إثر آخر، ليضع في خزائنه كل جمعة مليون دولار إثر آخر، الم يكن محمد الدراجي واحدا من كفاءاتكم ، وقد درج على قضم ما اتيح له من ملايين الدولارات الحرام حتى استدرج القاصي والداني في وزارته الى اكل السحت ومص دماء الناس والتلاعب بقوتهم، الم يكن وإلى الان حاكم الزاملي منكم وقد دق ازميله في كل فسحة ومكان ليبني لنفسه هذا الهيلمان الذي لم يحلم لاهو ولا اجداده بلبس نعال سالف الزمان، اما عبعوبكم فقد عبعب الناس جميعا وجعل منكم اضحوكة الدهر والزمان، وصخرته طارت لتحط في افاق دبي ونيويورك، ونساء طهران مازلن حالمت متعبعبات بعباءات الـ ( زرق ورق ) جافهن النوم حتى امست لياليهن ارق في ارق..
ولكن لكل ماتقدم فلا تصدقوا ايها الصدريون ان باستطاعتكم هز عرش الفساد لانكم احدى قوائمه ولانكم اول من عزز جبروته، ومن بيضتكم خرجت انواع العصابات والميليشيات التي تتحداكم اليوم وتنازع قوتكم وتضاهي حجمكم، وفي النهاية فاعلموا ان مبتغى قائدكم ليس الاصلاح بقدر الفلاح في الحصول على مكان له بين ما يسمى بالتكنوقراط، ولسان حاله يقول لمثلائه: ان لي من التكنوقراط مثل ما لكم وليس تكنوقراطكم اعز وادهى من تكنوقراطي، فما يهمني يهمكم وما يقلقني يقلقكم وما (تقرطون الا بما اقرط) ..
واعلموا ايها السادة ان يوما سيأتي، سيقف فيه رجل آخر، في نفس المكان الذي وقف فيه المقتدى،رجل فقير، حر، شريف، مظلوم ومكلوم، نداءه كنداء الفجر وصوته كصوت نفخ البوق ، سيتبعه الفقراء الاحرار امثاله، وسيكون هديرهم كامواج البحر المتلاطمة الهائجة وليس كصوت الرعاع المائجة، رجل لايتبعه الغاوون انما يحيط به الثائرون، لاتحدهم اسوار ولايقف امامهم شذاذ افاق، سلاحهم حب الوطن وليس عبودية السفهاء، شعارهم الامل وليس دعاؤهم الاجل، ولجمعهم صولة وليست جولة..
ايها السادة ان كنتم لاتصدقون ولاتحلمون ولاتاملون ولاتتفكرون فيما قلت ، فاعلموا حقيقة هي الأمَرٌ مما قلت، فوالله لو كان قد وقف في جمعتكم تلك اي ثائر من احرار العراق ، واحاط به جمع بنصف جمعكم ذاك ، لانفتحت للعراق ابواب السماوات وليس اسوار الغبراء فقط، وماهو بيوم بعيد، انما لناظره قريب.
[email protected]