الثورة هي إرادة قوية فعالة لتغيير الواقع القائم إلى حالة جديدة , من المفروض أن تكون إيجابية , ومتفقة مع تطلعات أبناء الشعب الثائر , في سعيه نحو الحياة الأفضل.
وفيها يقوم الشعب بقيادة طلائعه بتغيير نظام الحكم بالقوة (عسكرية , جماهيرية أو غيرها).
وفي جوهرها أنها تغيير يحققه الشعب , بما يمتلكه من قدرات وطاقات ومهارات تعبوية وتنظيمية.
ومن الثورات المعروفة في التأريخ , الثورة الإنكليزية 1689, الأمريكية 1763, الفرنسية 1789 , الروسية 1919 , الصينية 1949, والإيرانية 1979.
هذه بعض نماذج لثورات حققت تبدلا كبيرا في مسيرات شعوبها , وصنعت نظاما ثوريا طورته الأجيال , حتى صار راسخا ومتوافقا مع متطلبات العصر , وكأن الثورات الأصيلة , حركات تغيير متواصلة لا تنتهي أبدا , ولا تتوقف يوما , ولا تهدأ فيها إرادة التوثب والتفاعل المتجدد مع معطيات زمانها ومكانها , وأفكار أجيالها.
وفي بلادنا العربية حصلت ثورات , في مصر 1919 و 1952 , والجزائر 1954 , والعراق ثورة العشرين 1920 , 14 تموز 1958 , و17 تموز 1968 .
فعندما نتأمل ثوراتنا , نجدها لم تنجز ما أنجزته غيرها من الثورات العالمية , لأنها تفقد قدرات التفاعل والتواصل ما بين الأجيال , وتضع نفسها في صندوق تتعفن فيه , فلا تسمح لمياه الحياة المتدفقة أن تجري في عروقها , وكأنها كالنزوة أو العاصفة التي تهب وتهدأ , فتفقد حرارتها ومعانيها ومنطلقاتها , وتتناسى أهدافها ومشاريعها الثورية.
وما لبّت حاجات الإنسان , وما رفعت من شأنه وقيمته ودوره في الحياة , بل صنعت إستبدادا , وأنظمة فردية أو ذات لون واحد.
ولهذا فأنها أنجبت حالات مضادة لها , وأسهمت في تقاطع الأجيال , وأسست لتداعيات حضارية شديدة , بسبب ما أحدثته من صراعات بين أبناء الشعب الواحد.
فثوراتنا تموت بموت قادتها.
الثورة المصرية إنتهت بوفاة جمال عبد الناصر , والجزائرية بوفاة هواري بومدين.
أما ثورات العراق , فمعروف ما رافقها من التفاعلات.
وجارة العرب الشرقية قامت بثورة قبل أكثر من ثلاثين عاما , وتمكنت من إقامة نظام مؤثر وفعّال, يستوعب الحاجات والتطلعات بأنواعها , وهي ماضية في مسيرة ثورتها بقيادات تتجدد , وتفاعلات ذات طاقات تقدم , مما يشير إلى أنها قد نجحت في ترسيخ قيم ثورية وطنية دستورية في وعي وثقافة الأجيال.
ترى ماذا حققت ثوراتنا؟
وهل حقا كانت عندنا ثورات؟!
وماذا ستحقق ثوراتنا الجديدة؟!!