7 أبريل، 2024 5:31 م
Search
Close this search box.

الثورة الشعبانية.. الثورة المنسية

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعد هزيمة جيش صدام في حرب الكويت عام 1991, ثم تقوقع الزمرة البعثية في اغلب المحافظات, وتلاه انهيار اجهزة الدولة بفعل قوة ضربات دول التحالف, حصل فراغ مما دفع الناس للانتفاض ضد رموز السلطة , وقد حاولت المرجعية الصالحة انقاذ العراق من منزلق الفوضى وعودة الظلم, فأسس المرجع الاعلى للحوزة العلمية في النجف الامام الخوئي مجلس لادارة العراق, وانتشرت دعوته في كل محافظات الوسط والجنوب, وحصل حراك جماهيري كبير, لكن امريكا دخلت على الخط, وقررت حماية نظام صدام من السقوط, فدعمت حملت الابادة التي شنها بحق محافظات الوسط والجنوب, وتجاهلت امريكا قيام الطاغية صدام بقصف المدن بالصواريخ, وتغافلت عن المقابر الجماعية التي قام بها والتي شملت حتى الاطفال! لتتوضح قسوة النظام العفلقي.

ولا يمكن نسيان ما فعله ابن عم الطاغية المجرم حسين كامل عندما ضرب بالمدافع مرقد الامام الحسين عليه السلام، ودبابات جيش صدام التي دخلت كربلاء كان مكتوب عليها(لا شيعة بعد اليوم).

وبعد قمع الانتفاضة، وتحديدا في 19 آذارالمصادف الاول من شهر رمضان تم اعتقالالمرجع الاعلى الامام الخوئي وارساله الى بغداد, وتم أعدم الكثير من وكلاء الامام الخوئي من قبيل السيد محمد رضاالخلخالي، والسيد جعفر بحر العلوم والسيدعز الدين بحر العلوم رحمهم الله عز وجل,وهاجر من العراق كل من السيد محمدالسبزواري والشيخ محمد رضا شبيبالساعدي والسيد محمد صالح الخرسان

وسميت تلك الثورة والتي انطلقت في شهر شعبان اذار من عام 1991 بالثورة الشعبانية, والتي دللت على مكامن القوة داخل المجتمع.

لكن بعد زوال حكم العفالقة بقيت تلك الثورة منسية, فها هي 19 عام واغلب الناس لا تعرف الكثير عن الثورة وعن شهدائها وعن قادتها, بل ان التضليل البعثي الذي مورس على الثورة من عام 1991 الى 2003 اصبح حقائق عند فئات واسعة من المجتمع.

الحقيقة اتسائل كثيرا عن سبب الاهمال الحكومي لابرز حراك شعبي خلال فترة 1930-2003!؟

الانتفاضة ضد صدام

أن تفسير كلمة الانتفاضة: أنها عمل شعبيجماعي صاخب، ويتخلله فعل ثوري رافضللسلطة الحــاكــمــة، وفي كـثـير مــنالأحــيــان تكون الانتفاضة عفوية تنطلق منرحم الجماهير, وليس لها هدف سوى النقمةالجماهيرية على النظام الذي ترزح تحتظلمه واستغلاله, وذلــك بالرغم مــناخــتــلاف تـوجـهـاتهـم ودوافعهم أحيانا .

انتفاضتنا الشعبانية المباركة ماهي إلاّ حلقةمن سلسلة الانتفاضات, التي تفجرت علىتلك الطغمة الحاكمة من قطاعي الـطـرقوالجـلاديـن والجـلاوزة, حيث كانت الحكومةالعفلقية الظالمة تعدد الـطـرق في تضيقالخناق عـلى المجتمع, حيث اتقدت الشـرارةالأولى لهذه الانتفاضة في محافظة البصـرةوما هي إلا أيام قليلة حتى صارت اربعةعــشر محـافـظـة خـارجة عن قبضة الحكومةالطاغية، فإن دل ذلك على شيء فإنه يدلعلى النقمة التي كانت تعتمر في قلوبالعراقيين.

امريكا وحماية النظام الصدامي

كان الثوار العراقيون في شهر اذار عام 1991 يأملون دعماً دولياً للانتفاضة، وخاصة معوجود القوات الأميركية داخل الأراضيالعراقية، والتي كانت بعد غزو الكويت في آب/1990 تحفز الشعب على الثورة للإطاحةبنظام صدام, ولكن وقفت الإدارة الأميركيةموقف سلبي ومخيب، بل وصرحت بأنهدفهم الرئيس هو طرد قوات صدام منالكويت فقط, وإنهم لم يكونوا يعتزمونالإطاحة بنظام صدام.

بعد اندلاع الانتفاضة أعلنت أمريكا الهدنةمع النظام العراقي آنذاك، وتم الاتفاق معصدام في خيمة صفوان، على الحدودالعراقيةالكويتية، مَنحت بموجبه الولاياتالمتحدة نظام صدام حق استخدامه طائراتالمروحية العراقية في الأجواء العراقية لضرب الجماهير المنتفضة، وقد استخدمها صدامفي قصف وتدمير المدن الثائرة.

فعلى رغم سياسات الحكومة الأمريكية والتيكانت تؤيد تغيير النظام في العراق، ولكن فيالانتفاضة الشعبانية، سمح جورج بوشلصدام أن يستخدم كل قواه العسكرية ضدشعبه, بحسب تقييم بعض المتخصصين،يعود سبب التحوّل الحاصل في أسلوبالتعامل الأمريكي، إلى الحيلولة دون تسلمحكومة دينية زمام الأمور في العراق, كي لا تتكرر تجربة الجمهورية الاسلامية الايرانية.

وتذكر بعض المصادر التاريخية بأن منظمةمجاهدي خلق الإرهابية كان لها تعاون كبيرمع الحكومة العراقية لقمع الانتفاضةالشعبانية خصوصا في البصرة.

اسباب فشل الثورة

عد الباحثون بعض العوامل كأسباب رئيسةفي إخفاق الانتفاضة الشعبانية.. وهي:

1- استخدام حكومة صدام الأسلحة الثقيلةبقوة تخريب عالية، مثل الدباباتوالمدافع والصواريخ.
2- استخدام حكومة صدام القوات المحترفةوالمدربة، من أمثال قوات الحرسالجمهوري مدججين بأنواع الأسلحةوبصلاحيات كاملة لقتل الناس.
3- السيطرة الجوية واستخدام الطائراتالمروحية لقتل وابادة الجماهير المنتفضة.
4- عدم التنسيق التام بين المجموعاتالشعبية.
5- سيطرة الثوريين على المدن دون أيتخطيط وبرنامج واقعي لما بعد السيطرة.
6- الدعم الغربي لنظام صدام.
7- الدعم العربي غير المعلن لبقاء نظام صدام.
8- خيانة فئات من الشعب للثورة ومساندتها نظام صدام.
9- الخوف والذعر من نظام صدام القمعي, والذي يسيطر على فئات واسعة من الشعب.

الظلم الواقع على الانتفاضة

تعرضت الانتفاضة الشعبانية إلى ظلم كبير, حيث لم تظلم انتفاضة أو ثـورة في تاريخالشعوب كما ظلمت! فقد تمت خيانة إرادةهذا الشعب المنتفض من قبل الحكوماتوالمثقفين في كل العالم (الغرب والعرب)،وحتى يومنا هذا مازالت أقلام الظلام تصورالموضوع تارة بانقلاب فاشل! وأخــرىبتدخل إقليمي! أو تـردد نـفـس التسميةالتي اطلقتها الحكومة البعثية عليها(الغوغائيون)! ويصر البعض على أن ثوراتما يسمى بالربيع العربي التي شهدتهاالساحة العربية اليوم هي الأولى في التاريخالحديث, ليتجاهلوا انتفاضة العراقيينالأبطال عام 1991 والتضحيات التي قدموهافي طريق الحرية.

فالمقابر الجـماعـيـة كشفت للعالم الوجهالحقيقي للنظام البعثي المـقـبـور, وكيفيةتعامله الوحشي مع ابناء الشعب الـعـراقـي،فقد بلغ عدد الذين قام النظام بقتلهم فيجنوب العراق خــلال ١4يـــوم مــن عمرالانتفاضة ٣٠٠ الف إنسان! اي بمعدل٢٠الف قتيل يوميا.

يوم سنوي للاستذكار

يجب ان يخصص يوم سنوي لاستذكار الثورة الشعبانية, يكون عطلة رسمية, تتخلله فعاليات حكومية رسمية, مثلا زيارة رئيس الدولة لنصب الشهيد, اقامة مهرجان شعري, وانطلاق مسيرات شعبية, ونشر صور الشهداء والتذكير بالقتلة والمجرمين, هذا الامر يحتاج لقرار سياسي حكومي, ودعم الاحزاب, لكن الغريب ان يتم تناسي الثورة وشهدائها وقاتها, بل الى اليوم نجد البعض يسميها بصفحة الخيانة والخدر او الغوغائيين! من السذج والغارقين ببحر التسفيه الاعلام البعثي, والذي عمل للفترة من 1991 الى 2003 على تشويه الثورة الشعبانية وطمس اثارها.

لذلك ليكون يوم اندلاع الثورة وهو الثاني من اذار,  في البصرة عندما أطلق أحد الجنودالعائدين من أرض الكويت عدة طلقات باتجاهصورة لصدام، لترتفع معها أصوات هتافاتالحشد المنفعل وسرعان ما التهبت فيانتفاضة شعبية كبيرة حيث خرج سكانالمدينة إلى الشوارع وهم يهتفون ضد النظاموصدام.

لذلك يجب التذكير بالثورة وترك الكسلوالخمول, والابتعاد عن النهج البعثي, لان الدماء الطاهرة التي سالت في سبيل الوطن لا يجب ان تنسى, بل عار على الاحياء ان تطمس اثار المضحين.  

تضاف للمنهج الدراسي

كان على قادة التغيير ان يعلموا الاجيال الجديدة ما فعلته الجماهير العراقية الشجاعة في اذار من عام 1991, عندما وقفت ضد الظلم والجور, وواجهت اقوى دكتاتور في الشرق الاوسط, وضحت بدمائها في سبيل سعادة الوطن وتخليصه من قيودالطاغية, فكان يجب ان توضع قصة الثورة الشعبانية ضمن المناهج الدراسية للأجيال, كي تخلد الثورة العراقية وهكذا نكرم الشهداء ويكونوا قدوة للأجيال اللاحقة في رفض الظلم والدعوة للعدل.

اخيرا

ادعو الكتاب والمثقفين للكتابة المفصلة عن الثورة الشعبانية, عبر المقالات والبحوث والكتب, والدفاع عن رجالها ومواقفها, والبحث والتحليل عن دوافع قيام الثورة, ثم اسباب فشلها في الاطاحة بنظام صدام, وايضاح الدور الخبيث للعرب والقوى الكبرى التي تتكلم كثيرا عن حقوق الانسان!

واتمنى من الفضائيات المحلية التي تدعي الوطنية, ان تسلط الضوء على الثورة الشعبانية وان تسجل حلقات لمن نجا من اعدامات صدام للحديث عن تلك الايام.

واجب وطني على كل عراقي غيور ان يعيد الضوء لهذه الثورة العظيمة التي لم تحركها قوة او توافق دولي بل حركها الشعب الناقم على ظلم السلطة الغاشمة, كانت ثورة حرة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب