5 نوفمبر، 2024 9:57 ص
Search
Close this search box.

الثورة الحسينيـــة.. والمعارضـة السياسيـــة..؟!

الثورة الحسينيـــة.. والمعارضـة السياسيـــة..؟!

يبدو ان احد الاهداف الاساسية للثورة الحسينية هو (إيجاد الجماعة المعارضة) او كما يصف الشهيد الصدر (رض) ذلك الهدف على انه: إيجاد الجماعة المؤمنة المخلصة المشاركة في توطيد دولة العدل.

ويمكن القول: ان الهدف الاساس من النبوات والرسالات السماوية هو تأسيس مفهوم (المعارضة) وإيجاد مجموعات معارضة ضد الحكم الظالم أولا.. وضد الجمود والتصنم ثانيا. وصولا لحالة من الحكم، تحقق العدل والسعادة.. وقد بدا النبي ابراهيم (ع) بتلك المهمة، مكسرا مجموعة من الخرافات (الاصنام) التي، يستخدمها الطغاة، لكي تعطل العقل الجمعي، وتدخله في مساحة الظلم والفساد.. لقد اسس النبي ابراهيم (ع) مفهوم (الثورة) و (المعارضة) واستمرت المسيرة الرسالية، بعد ذلك..

وقبل الخوض في المحاولة الحسينية لتأسيس مفهوم (الثورة) و (المعارضة).. وإعلان وجود عنوان وجماعة معارضة، نشير الى ما قام به، النبي الاكرم (ص واله) ..عندما تعرض لقريش بهدف إعلان وجود المعارضة ضد الطغاة في مكة.. وقد وصف الشهيد الصدر ذلك في كتاب (اليوم الموعود) ص 306.. وقد كتب:

المبرر الذي أعلنه النبي (ص واله) بين أصحابه حين اقترح عليهم التعرض لإبل قريش، ذلك التعرض الذي أنتج واقعة بدر الكبرى… ليس أكثر من قوله (ص واله): هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها (1). ولكن كانت من وراء هذه [الثورة] الاسلامية الأولى عدة أغراض [قريبة] وبعيدة، نذكر منها اثنين أحدهما [قريب] والآخر [تخطيطي]. الهدف الأول: إثبات وجود الجماعة الاسلامية الجديدة وقوتها، وتحطيم أطماع قريش بتحطيمها… الأمر الذي جعل لها الهيبة والأهمية الاجتماعية التي استطاعت بها أن تقوم بنشاطها على نطاق واسع وكامل لأول مرة. (انتهى)

ويمكن تثبيت عدد من الفهومات وهي:

اولا: كانت الجهود النبوية تهدف الى تأسيس (أطروحة) و (مفاهيم) تقود الى تأسيس (دولة) (بديلة) (عادلة).. هي الهدف الأساس من المشروع (الإلهي) .. لان تلك الدولة تنجز الأعمار في الأرض..لتحقيق الآية الكريمة: ..وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ(البقرة30(

يعني: الخالق تعالى جعل الانسان (خليفة) ينجز خلاف ما قالته الملائكة..يعني: لا يُفْسِدُ فِيهَا وَلا يَسْفِكُ الدِّمَاء وَهو يسَبِّحُ بِحَمْدِك الله وَيقَدِّسُ الله.. وبعبارة اخرى يعني: الانسان يصلح في الارض ويعمرها بسلام وينشر الامان ويطيع الاوامر الالهية..!!

ثانيا: بناءا على ما ورد اعلاه، خاطب الامام الحسين المجتمع بقوله: .. إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة . . . ويزيد رجل فاسق شارب الخمر وقاتل النفس المحرمة ومعلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله ( 2 ) .. يعني:

انني، خليفة الله ، واجد الآن، في الارض، من يريد ان (يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء).. لذلك ارفض ولا أبايع ولا اخضع له.. وسأخرج ضده لتأسيس معارضة ضده.. وضد أية حالة مستقبلية مثله.. الى أن استطيع (ومن تبعني) من انجاز الوعد الالهي وهو: إيجاد خليفة في الارض(3).. لا يُفْسِدُ فِيهَا وَلا يَسْفِكُ الدِّمَاء وَيسَبِّحُ بِحَمْد الله وَيقَدِّسُ الله….وللحديث بقية.

هوامش:

(1) انظر، السيرة النبوية لابن هشام، جـ2 ص258. هذا وينبغي ان نضع المبرر الذي ذكره النبي (ص واله) في موضعه الاجتماعي والتاريخي الخاص، من حيث ان الناس لم يكونوا ليستوعبوا هدفا أبعد من الحصول على المال، ولعل الذكي منهم يلتفت إلى حصول القوة للجماعة من هذا المال.

(2) تاريخ الطبري ، ج 6 ص 188 .

(3) الخليفة هو الانسان عموما، والحاكم العادل خاصة، والامام المهدي (ع) تحديدا..

أحدث المقالات

أحدث المقالات