للثورة الحسينية أبعاد كثيرة، ولمن أراد أن يستكشف منها ويتفكر، تنتابه الحيرة، ويغزوه القلق، وعلَّه يعيى ويغشاه أرق، في مجالٍ فوضويٍ كيفما سار إتسق.
الأسئلة التي تثار حول أي موضوع، هي المادة الدسمة التي تجر الباحث الى القضية والإستكشاف، فكيف إذا كان الإستكشافُ موجهاً؟ فإن الباحث سيقعُ على كَنزٍ من الذخائر العلمية والعملية، في كافة مجالات الحياة المتشعبة، والمتجهة إلى هدفٍ معين.
حوار مع أحد الأخوة الباحثين في معاني الثورة الحسينية، حاولت الإجابة عنها بقدرِ ما أرى:
* ما معنى إستبدال الراية الحمراء بالسوداء مع بداية شهر محرم في ضريح الإمام الحسين؟
* اللون الأسود هو شعار الحزن على الفقيد، تستعلم منه الناس أن هناك عزاء، وعند دخول شهر محرم تقيم الناس العزاء على الحسين الشهيد.
* فما معنى إعادة الراية الحمراء إلى قبة الضريح بعد إنقضاء أيام الحزن؟
* تعني أن هذا المقتول مظلوماً لم يؤحذ بثاره بعد.
* ومتى سيؤخذُ بثأره؟ ألم يأخذ المختار الثقفي بثأره!؟
* لا، إنما قتل المختار الثقفي قاتليه المباشرين في ذلك الزمن، ولا يتم أخذ ثأر الحسين إلا عند تحقيق الأهداف التي خرج من أجلها.
* ألا تظن أن تلك المعركة لم يخرج منها أحداً رابحاً؟
* كيف؟
* لقد قتل جيش عمر بن سعد أهل بيت الرسول، ثم جاء المختار فقتل عمر بن سعد وزمرته، ثم جاء الزبيريين فقضوا على المختار، ثم قضى المروانيين على الزبيريين، ثم قضى بنو عم الحسين، وأقصد العباسيين، على المروانيين والأمويين، وهكذا دواليك! إنه إستنزاف للبشرية وإستهتار لقتل الإنسان أخيه الإنسان، فإلى متى!؟
* نعم أتفق معك، ولذلك فقد أراد الحسين أن يوصل رسالة لكل مجتمع الإنسان، مفادها النظر إلى الدمار الذي تفعله الحروب، من أجل تحقيق مصالح وقتية رخيصة، قد لا تسمر كثيراً، بل لا وجود لها أصلاً، حيث تطارد صور الضحايا قاتليها، فيعيشون حالة من الرعب والهلع والخوف، ويغرقون في بحرٍ من الدماء والأمراض النفسية.
* إذن فرسالة الحسين رسالة سلام!؟
* قطعاً، لكنها رسالة سلام مع القوة والمقاومة، لا رسالة سلام مع ضعفٍ وهزيمة، فهو القائل: ألا وأن الدعي أبن الدعي، قد ركز بين أثنتين، السِلةِ والذِلة، وهيهات منا الذلة.
السلام، رسالة جميع الإنبياء والمصلحين الإجتماعيين، ولقد ضحوا بأنفسهم من أجل إبلاغ تلك الرسالة، ولكن هل سيأتي ذلك اليوم الموعود؟