20 ديسمبر، 2024 8:24 ص

الثورة الحسينية..والاهداف الإصلاحية

الثورة الحسينية..والاهداف الإصلاحية

عصر الإصلاح:
الركام يحيط بنا.. والفوضى تحاصر واقعنا الجريح.. وشعبنا دفع فاتورة الديكتاتورية والاحتلال بالامس..واليوم..تهدده قوى الظلام والارهاب..يهدده شبح ديكتاتور اخر.. وحزب فوضوي يؤسس لواقع فاسد ورهيب ..
الا ان حلم (الاصلاح) لا يغيب عن ضمير الواعين منا…
ان فكرة الاصلاح وايجاد حل للازمات المتكثرة يشكل الحجم الاكبر من صفحات التاريخ البشري عموما ومن تشبع وجدانه بذكرى الامام الحسين (ع)، الا ان مفهوم الاصلاح وابعاده يتعلق بمصداق (المصلح) وإحداثياته الزمانية والمكانية..
وشهدت الساحة البشرية حركات ومحاولات اصلاحية كثيرة، ارتبط اغلبها بهدف آني (مؤقت) ينحصر سقف المطالب الإصلاحية في تبديل الحاكم بآخر او تنفيذ مطلب معين او اقل من ذلك.. ويشهد العالم اليوم (حمى) الاصلاح، فقد تبنى (اوباما) حملة (التغيير)..
وانتشرت (صيحة) الاصلاح في دول عديدة، وظهر (الاصلاحيون) في بلدان عدة. ويرى البعض ان (الاصلاح) صار مطلبا بشريا، الا ان عناوين الاصلاح ، غالبا، لها اهداف شخصية ومرحلية، وفي احسن الاحوال: يتنازل الرمز الاصلاحي عن مطالب الجماهير الاصلاحية بعد وصوله الى السلطة او بعد حصوله على امتيازات شخصية.. او فئوية..
……………..الإصلاح الحقيقي:…………………………….
ويمكن استثناء عدد قليل من الثورات الإصلاحية في التاريخ والتي تؤسس لإصلاح جذري، بعيدا عن المصالح الشخصية للقادة او الثائرين. ويرى البعض: ان ثورة الحسين بن علي (ع) اهم الثورات الاصلاحية..وقد عبر قائدها عن مطلبها بوضوح، وهو مطلب الحكم العادل الرشيد، ومتهما الديكتاتور يزيد انه (قاتل النفس المحترمة).. وانه (يقتل على الظن والشبهة)..
وفي عصرنا، يرى بعضنا : ان الشهيدين الصدرين هما الاكثر اهتماما بالبؤس البشري الحديث واحتياجاته الحقيقية، اضافة الى حرصهما على اصلاح الواقع اصلاحا جذريا.. واستعدادهما للتضحية في سبيل ذلك الاصلاح.. بعيدا عن الاعتبارات الضيقة والمحدودة.
لقد استهدفا اصلاحا كاملا ينتج للبشرية بديلا مقبولا على المستويات كافة، ومتناسق مع التطور الحضاري الحتمي للبشرية، وتتوضح اطروحة (الإصلاح الكامل) عندهما في نتاجهم الفكري وتطبيقاتهم العملية في الساحة، ومثال ذلك: ما ورد عن السيد الشهيد في موسوعته ج3 وفي حديثه عن المضمون المشترك بين المادية التاريخية والتخطيط الالهي العام. فقال: 
((ان من أهم فقرات التخطيط العام، ان النظم البشرية، والنظريات التي تدعي حلّ مشاكل البشرية، سوف تواجه التمحيص، كما يواجهه الأفراد، وذلك من خلال تطبيقها في عالم الحياة. وسوف يبدو بالتدريج البطيء زيفها واحدة واحدة. حتى تيأس البشرية من كل هذه النظم السائدة وتشعر بعمق بالضرورة إلى وجود نظام منقذ يخرجها من وهدتها وينتشلها من ورطتها. وهذا هو الشعور الذي سيساعد على تقبل البشرية للفكرة الاسلامية بمجرد عرضها كبديل عالمي صالح، عن جميع التجارب السابقة عليه، لكي يقوم بالاصلاح الكامل في اليوم الموعود.))
…………..سلمية الإصلاح:………………………
المتابع للأحداث العالمية يتلمس الشعور البشري العام والايجابي تجاه عنوان (الإصلاح) ورموزه، مما شجع الكثير من ركوب (موجة الإصلاح) لتحقيق منافع محدودة. وذلك يؤشر على وجود وعي بشري بالحاجة الى (المصلح) .. الا ان دعاة (الاصلاح) لم يصلحوا لعلة ذاتية او خارجية، وذل الفشل يوصل البشرية الى اليأس من هذا النوع الاصلاحي، ويجعلها تنتظر اصلاحيا امينا وصادقا. ويبدو ان الاصلاح بالطرق السلمية والذوق الحداثي صار بديلا للثورة الشعبية، وهذا يعمق فهم اساليب الاصلاح المستقبلي ضمن التخطيط الالهي لتربية البشرية..
وبعبارة اخرى: ان الثورات الحالية والمستقبلية هي ثورات ثقافية، وهي نتاج التطور التلقائي للعقلية البشرية في العالم عموما، وان انتظار (الاصلاح) وانتظار (المصلح) موجود ويزداد تدريجيا ضمن المحتوى الثقافي البشري عموما، ولا يختص بالمسلمين، بل ان فكرة الاصلاح (المهدوي) قد تكون أيسر فهما وتقبلا من قبل العالم المتمدن، بالمقارنة مع العقلية التقليدية، وهذا ينتج تصورا جديدا للمرحلة التي وصفها السيد الشهيد بقوله:  ((تقبل البشرية للفكرة الاسلامية بمجرد عرضها كبديل عالمي صالح)) وان المصلح (الموعود) يعرض (الاطروحة العادلة) طرحا سلميا وحداثيا، وبما يناسب المستوى الحضاري الغالبي، وسيجد قبولا معتدا به من قبل المنتظرين للاصلاح الكامل، بسبب مصداقية المصلح وعدالته ومصداقية الجمع المؤازر وإنصافهم للرعية، وبسبب الرخاء الناتج من تطبيق الاطروحة العادلة الكاملة في البلاد التي يحكموها.
المصدر: [1]  السيد محمد الصدر (قده). موسوعة الامام المهدي. اليوم الموعود.

أحدث المقالات

أحدث المقالات