منذ بدأ الخليقة بدأ الصراع بين الخير والشر ولا يزال إلى يومنا هذا الخير من الله والشر من الإنسان والنفس الإمارة بالسوء وثمة أماكن في هذه الأرض هي مصنع للابتلاءات والاختبارات وارض العراق نالت درجة الامتياز بأصناف المحن فهي تميزت عن غيرها بثنائية أزلية جدلية أورثت كل تلك المصائب التي عاشها أسلافنا ونعيشها اليوم ,ثنائية العراق تتمثل بالرافدين دجلة والفرات الذين يفيضان مرة ليغرقان كل من اطل عليهما ويغوران مرة ليقتلان الإنسان والحيوان والثنائية الأخرى ثنائية العرب والأكراد لقد ابتلي هذا البلد بهذه الثنائية التي أثمرت عنها القومية والعروبة التي جرّت بدورها الويلات على أبناء الرافدين والثنائية التي قصمت ظهرنا هي ثنائية الشيعة والسنة التي كانت ولا زالت وربما ستبقى الداء الذي ينخر بجسد أبناء الرافدين دفع أبناء هذا البلد الكثير بسبب هذه الثنائية احرق الأخضر واليابس بأسم المذهبية والطائفية ولست مبالغا إن قلت إنها اشد فتكا من كل الثنائيات حيث أدوات القتل مختلفة ومستمرة ومدعومة من كثير من عشاق الثنائيات الذين يرجحون ثنائية على أخرى وذهب ضحية ترجيح ثنائية الشيعة والسنة إحداهما على الأخرى الكثير من الأبرياء وهناك ثنائية الريف والمدينة ولعلها موجودة في كل العالم لكنها في العراق لها بعدا آخر فما إن يرى ابن المدينة الشخص الريفي حتى ينظر إليه نظرة ازدراء وتهكم ..كل ثنائية من هذه الثنائيات بحاجة إلى بحث خاص لكن اكتفي بإشارات فقط والذي يهمني إن هناك ثنائية شيعية قاتلة وهي التي قصمت ظهر مذهب أهل البيت وهي ثنائية الحوزة الناطقة والحوزة الصامتة وما جره هذا الاصطلاح من وضع الفكر الشيعي أمام نهجين مختلفين جملة وتفصيلا نهج الصمت الذي امن بالتوجيه والإرشاد من بعيد ولو بالإشارة والحوزة الناطقة التي تبنت الصراخ بإذن الأصم والتي انتهجت نهجا واضحا في مخاطبة كل فئات المجتمع حتى (الغجر)إيمانا منها إن الإسلام يجب إن يصل للجميع وان القائد والمتصدي يجب إن يقرع أسماع كل ذي سمع ويجب إن يُري كل من له بصر أو ألقى السمع وهو شهيد لكن دفعت الحوزة ثمن تلك الرؤية الحسينية الأصيلة دفعت لها الدماء مهرا وسقتها بالغالي والنفيس وأضافت إلى كل تلك الثنائيات هذه الثنائية وتركت الناس أحرارا في اختيار الثنائية المناسبة لأذواقهم ونهجهم وسلوكهم .