قد يبدو الموضوع عند البعض بسيطا وربما يقولون ما الحاجة الى تناول موضوع مطروق واشبع بحثا منذ ان عرف الانسان مفهوم الدولة وغير ذلك من الاراء المسبقة والجاهزة ، غير اننا في ظل الاوضاع التي نعيشها في مجتمعاتنا العربية والعراق جزء منها نحتاج دائما الى ترسيخ ثقافة الموازنة بين الحقوق والواجبات حيث تكون المعادلة مفقودة نهائيا لاسباب كثيرة ابرزها حرمان المواطن العربي من ابسط حقوقه وتعرضه للاضطهاد من قبل حكومات اعتادت تجاهل تطلعات المواطن بل معاقبته ان تجرأ على المطالبة بها !
ولكي ندخل بالتفاصيل الحياتية لنا في ما يسمونه بالعراق الجديد نقول ان اغلبنا اعتاد نقد الحكومة والسياسيين يوميا بل كل ساعة وفي كل مناسبة وهم يستحقون ذلك جراء تقصيرهم وخيانتهم ثقة الشعب ، غير ان القلة النادرة منا روضت نفسها على نقد الذات والمراجعة لسلوكياتنا اليومية وتناقضها مع حق المجتمع والوطن بل حتى حق العائلة والنفس .. وما يزيد المشكلة تعقيداً عدم تقبلنا للنصيحة وتذمرنا منها بل ربما يصل الامر الى تعرض الناصح الى مشكلة كبيرة !
الامثلة كثيرة على اختلال معادلة حقوق المواطن وواجباته حيث ننسى الثانية ( الواجبات ) ونتمسك بالمطالبة بالحقوق .. ومن ابسط هذه الامثلة العبث بالممتلكات العامة من دون سبب كضرب نوافذ القطارات بالحجارة او تحطيم المقاعد والالعاب في الحدائق العامة ورمي النفايات في الشوارع وغير ذلك . ويفسر البعض هذا السلوك الى مفاهيم غريبة وشاذة ترسخت في النفوس فلو تجرأت وسألت احدهم عن السبب لاتاك الجواب فورا ( انها للحكومة )..كما يمكن ان نلاحظ اهتزاز معادلة الحقوق والواجبات في الاداء الوظيفي وتهرب الموظفين من الدوام بل سرقتهم اوقات الدوام من دون الاكتراث بالمواطن الذي يتحمل تأخير معاملته وعدم انجازها واجباره للبحث عن ( واسطة ) او دفع المقسوم والويللمن يعترض او يبدي اي تذمر فهذا الموظف يبرر تصرفه المؤذي وغير السوي بممارسة مديره العام او الوزير بل الحكومة جميعها . في العراق كما في اقطار الوطن العربي تتحمل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية المسؤولية كونها نموذج سيء امام المواطن ويظهر هذا جليا في الوزارات والمؤسسات التي هي على تماس بالمواطن مثل الداخلية والكهرباء وامانة بغداد والتقاعد العامة وغيرها ، مع اعترافنا بان هذا ليس مبررا امام اي فرد للتقصير في واجباته .. بل ان حق الوطن عليه ان يحرص على اداء هذه الواجبات بكل امانة واخلاص .
اخيرا وفي ضوء الاوضاع التي عشناها و نعيشها في العراق فان مهمة اصلاح ميزان معادلة الحقوق والواجبات صعبة حيث اكتوى المواطن بظلم لامثيل له على ايدي حكوماته على مر التاريخ الا في فترات محددة ، لكنها في كل الاحوال ليست مستحيلة اذا ما صدق كل انسان مع نفسه وحكم ضميره وبدأ بمراجعة شجاعة للذات .. ان الصعوبة الاكبر في الموضوع ان المواطن بعد الاحتلال فقد الثقة بالاحزاب وبالسياسي ورجل الدين والتربوي ولم يعد يقبل نصيحة احد .. فمن يدله ويرشده ؟! سؤال اترك لغيري البحث عن اجابته لانني اعترف بعجزي عن ذلك !