10 أبريل، 2024 6:21 ص
Search
Close this search box.

الثقافة والوعي في المنظور الإسلامي

Facebook
Twitter
LinkedIn

ان المفهوم الفكري في البحث في مفاهيم القرآن الكريم ودلالاته م وبالتحديد مفهوم القراءة والثقافة الفكرية يتطلب جهدا فكريا وعلميا دقيقا فالوحي مجموعة مفاهيم إذا ضبطت ضبط الدين، وبناء المفاهيم ضرورة حضارية وتاريخية فالمفاهيم القرآنية ليست ألفاظا كباقي الألفاظ البشرية، إنها مستودعات كبرى للمعاني والدلالات وقد تتكثف في مفهوم واحد ثقافة كاملة أو حضارة كاملة أو تاريخ بأجمعه.
وان تمعنا في اول ما نزل من الوحي هو الأمر بالقراءة مبينا بكيفية القراءة {اقرأ باسم ربك .اقرأ وربك الاَكرم } ومجالات القراءة الذي خلق. خلق الاِنسان..الذي علم بالقلم.. وأوحى للانسان بعد ان علمه البيان واكرمه فصاحة اللسان ومنحه نعمة العقل لكي يفكر ويتدبر امور الحياة ويبشر بالرسالة التي اسس دعائمها نبي الامة فالمسلم المثقف توجبت عليه واجبات القراءة لكي يكون انسانا واعيا ومثقفا وياخذ دوره الانساني والرسالي في المجتمع الاسلامي، التبشيروالتفسير والتاويل وتوعية المجتمع وفق متطلبات حاجة الرسالة الاسلامية في كل المجتمعات واختلاف الأزمان
لكن تبقى خصائص هذه القراءة والثقافة البشرية النسبية، وذلك أن قدرات وطاقات الإنسان محدودة مهما بلغت، وكل ما ينتجه من علم ومعرفة هو محدود كذلك بالنسبة لعلم الله عز وجل المطلق {وفوق كل ذي علم عليم} ليبقى الإنسان ينشد الكمال ويبحث عن الحقيقة. “وليس كما يزعم دعاة الحضارة الغربية الذين يقوم فكرهم على أساس طغيان معرفة الإنسان، وهو ما عرف “بالفاوستيه” وتعني عبقرية الإنسان وقدرته على اكتشاف المجهول مهما بلغ هذا المجهول من خفاء، ولكون الإنسان قد أدهش بإنجازاته الضئيلة، فإنه غير قادر على تفهم معنى العناية الإلهية به، رغم أنه لا يزال في حضيض المعرفة فيما لو علم أن ما تم اكتشافه حتى اليوم، ليس شيئا بإزاء غوامض وأسرار عالم الشهادة. فكيف بعالم الغيب؟
وعلى بينات وشواهد القران الكريم يتبين لنا ان من اهم القواعد الإلهية التي ثبتها الله سبحانه وتعالى هي قاعدة القراءة لانها الركيزة الأساسية للعلم والمعرفة والتفسير والتبيين فمن دون القراءة يكون كل شيئا مجهولا مبهما بلا تفسير او تأويل ويبقى الإنسان عاجزا عن التقدم والتواصل والمعرفة والتطور
ومن هذا الأمر تشكلت العقيدة الاسلامية وتطورت وتشكل الفكر وتطورومن ثم المجتمع ثم الأمة وبعدها تاسست الحضارة الإسلامية العريقة بكل علومها ومعارفها في شتى المجالات العلمية والإنسانية والاجتماعية في كل صفات الاستمرار والتجدد والعبقرية
ومن ايجابيات القراءة في هذا المجال تكمن في اعماق الإنسان وحدود ادراكه النسبي وقدرته على اكتشاف المجهول والاسرار وقراءة كل ما يحيط به من ظواهر ومن دلالات الوعي الثقافي أن ترى بعقلك وتبصر الحقائق بالتنور المعرفي وتشكك في جميع الأفكار التي آمنت بها سابقآ أو حديثآ فمن رحم الشك تولد الحقيقة وكذلك كثرة الأطلاع على أمهات الكتب وإزدياد ساعات القراءة وأن تجد ذاتك بين المثقفين ذوو البصيرة الثاقبة والرؤية الشاملة وعدم الاحجام أو الصدود عما يخالفك في الرأي أو الفكر والمنهج بل يجب الوقوف كثيرآ والتمعن فيما يقوله مخالفيك لتقف على حقيقة ما يذهبون إليه وكيف تصوغ الرد المناسب الذي يدحض أفكارهم التي جاءت بطريقة منمقة ومحبوكة يتيه فيها من لم يجعل المنطق السليم زاده والعقل المتفتح رصيدآ لصد ما يعترضه من فكر يهاجم سلسلة أفكاره… .فالثقافة والوعي المعرفي في مجالات الحياة لا تتمثل بـربطة العنق والبزة الفاخرة ولا تكون بالشهادة الجامعية المفتقرة للتنوع الفكري خارج أطار التخصص الأكاديمي بل تكون بالشمولية وسعة المعارف التي تناولها الباحث طيلة فترة البحث فضلآ عن مسيرته العلمية على مدارها العام وبذلك يكون قد احرز مفهوم الثقافة واصبح مصداقآ حقيقيآ للمثقف الواعي الذي يخدم المجتمع ورسالة الإنسان العربي المثقف المسلم.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب