17 نوفمبر، 2024 7:45 م
Search
Close this search box.

الثقافة والفنون في عصر المجون

الثقافة والفنون في عصر المجون

الأمم تتميز عن غيرها بمدى ثقافتها وفنها ولا قيمة للحياة بدونها فهي تتعمق بتراكم المعرفة لدى الأنسان ولاتحدد بمجال أو مجتمع معين لأنها مجموعة قيم ومعارف مكتسبه, ولها أهمية كبيرة جدا في أحياء وتطور الشعوب وارتباط كبير بالحضارة لانهما وجهان لعملة واحدة , المجتمع بدون ثقافة مثل الانسان بلا روح ومن أولياتها تثقيف النفس  وبعدها  معرفة اللغات لكي يتسنى له معرفة حضارات العالم كما يقول المثل الروسي ( كما الريش يزين الطاووس كذلك الثقافة تزين الأنسان )  التعددية الثقافية تقدر التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين الثقافات المختلفة التي تسكن نفس الكوكب,  يقول هرمان هيسه(كلما علت ثقافة الإنسان وكلما عظمت الامتيازات التي كان يتمتع بها كلما كانت التضحيات التي ينبغي عليه تقديمها في الأزمات كبيرة ), وكذلك الفن فهو مجموعة متنوعة من الأنشطة البشرية في إنشاء أعمال بصرية أو سمعية أو أداء (حركية) ، وهو موهبة من الله سبحانه وتعالي أعطاها لبعض الأشخاص ، والفن من وجهة  النظر الفلسفية شكل من أشكال الوعي الأجتماعي والنشاط الأنساني يعكس الواقع الذي يعيش فيه المجتمع، فنجد أن الفنون المنتشرة في كل دولة تعكس ثقافتها وتاريخها , وانطلاقا من هذه المقدمة التي لابد منها للوقوف على حقيقة الثقافة والفن في بلدنا فقد شعروا بالأهمال المتعمد والتهميش , حال دون أن يأخذوا فرصتهم الحقيقية في الحياة طيلة السنوات العجاف التي مر بها البلد والتي تراوحت بين التأثير القومي الشوفيني والشمولي والديني والشيوعي وفرضت هذه الحقب والحكومات سيطرتها على منافذ الحياة المختلفة لتطبق حلقات سلاسلها المغلقة لمآربهم ونزواتهم وتوجهاتهم فقط , وبقي المثقف والفنان أسير هذه الضوابط والتعليمات مقيودا بسلوكيات وسيطرة الأحزاب  وبالتالي حرمتنا المتعة وصور الأبداع على المستويين العام والخاص إلا ماندر , فلو كانت تعرف ان الثقافة عنصر مهم من عناصر المعرفة الشخصية والإبداعية تمكن صاحبها من التناغم والتحاور مع العالم الاخر  بشكل علمي عبر بواباته المختلفة الادبية والعلمية و جسرا مع العالم في تبادل المعرفة والتواصل لتطوير البلد والمعرفة الشخصية لما وقفت موقف المتفرج من هذا المفهوم, ان الانسان يبقى اسير واقعه ورهين مجتمعه في ابراز قدراته واظهار مواهبه ولا يمكنه ان ينقذ نفسه من سيطرتها إلا بالهروب من جحيمها وبراثنها ان توفرت الفرص لذلك , وإلا لزاما عليه ان يكون ضمن دائرة التأثير وعوامل سلب الإرادة اسيرا محبطا فارغ الاحساس والشعور لأنه اقتيد قسرا ان يكون جزء من هذه المنظومة المفروضة عليه .وبقي الفن كذلك اسير الاوامر والارادات فلا حركة ابداعيه بمسرح أو موسيقى  أو أغنية يستطيع الفنان التعبير بها عن ذاته وهواجس نفسه إلا التمجيد والتهريج  والشخصنة بعيدا عن الذوق . الدولة المتطورة  تكون عناصر الابداع فيها متاحه لمن يريد ان يكون شيء مهم في مجالاته الإبداعية بعيدا عن تأثيرات الدين والتحزب , الكثير عانى من الاهمال منذ سنوات فاما ان يكون جزء من الدائرة المغلقة أو بعيدا عنها والتي تكلفه العوز والذل والإهانة والمطارده وقصر اليد مما أثر على سمعة البلد وانكفاء فنونه وتبدد ثقافاته  وتهجير مثقفيه وفنانيه , بمسميات الحرام والمنع وخارج السرب , نظرة بسيطة في سنواتنا القليلة الحديثة نرى ذلك بوضوح فلا مسرح جاد ولا أغنية تطرب ولاثقافة تغني ولا موسيقى تشنف الاسماع  ولا دراما . وزارة الثقافة المفرغة من محتواها تتحمل الجزء الكبير في هذا الجانب  بعد ان وقفت موقف المتفرج من عدم رعاية المواهب ودعم المبدعين وخلق الفرص من اهتماماتها لهم, وتركت منارات التميز بلا رعاية واهتمام كقاعات مسرح الفن الحديث ومسرح الرشيد وقاعات اخرى كثيرة مهملة في عالم النسيان  , إبراز تاريخنا الحديث والاهتمام بأصحاب المواهب بحاجة لرعاية ودعم سوآءا على مستوى الدولة أو القطاع الخاص والسعي لخلق حالة التنافس بين الاخرين  من خلال برامج وخطط معدة سلفا نكون قد ساهمنا ولو بشكل يسير لدعم المسيرة الثقافية والفنية بالبلد بعد هذا السبات المتعمد .

أحدث المقالات