بهذا ينتظرنا مستقبل زاهٍ لن يتأثر بالإرهاب والفساد الزائلين لا محالة إن شاء الله قريباً.. حينها ستشهد الحياة سلوكاً جديداً لم يكن مألوفاً في عهد النظام السابق علينا أن نعززه بالتفاعل مع معطياته.. جيداً
شكل الزخم الحضاري المتدفق في العراق، بعد 9 نيسان 2003، ثقلاً كافيا لتحقيق نقلة إبداعية، في ميادين الحياة كافة، ركيزتها الحرية، كمنطلق للإعلاميين والحقوقيين والفنانين والأطباء والعسكر، فالذكرى الثالثة عشرة، لتحرير العراق، حولت ميادين نخبوية الى ظاهرة يومية، بعد أن كانت حكراً على أجهزة النظام السابق، وحق لكل مواطن الإطلاع على الحقائق نافذاً الى أعماق قلب الحدث؛ ما جعل الرأي العام مطلعاً على أدق التفاصيل، ومسهماً بإبداء الرأي فيها.
برغم عنت الإرهاب الذي واجهناه والشهداء الذين قدمهم العراق في محراب الحرية؛ يبقى لكل معطى ثمن وكرامة الإنسان تتطهر بالدم، كما قال المتنبي: “لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى.. حتى يراق على جوانبه الدم”.
ومهما حت الفساد، بلحم الجسد العراقي وعضلاته، عن هيكله العظمي المكين، ما زالت معطيات الحياة العراقية، تعيش قمة عافيتها مهنياً وأكاديمياً وإقتصاديا وقضائيا وعسكريا وفي كل جوانبها؛ بدليل الأنطقة البكر التي دخلتها العلوم والصحافة الإستقصائية والملات كمظاهر حضارية تدل على عافية الإنتماء للعالم الجديد، الذي تخلفنا عنها ربع القرن؛ إذ إنتشرت في العالم مطلع السبعينيات، ولم نتعاطَ معها إلا بعد التحرير.
· سجين رأي
يكفي أن المحاكم العراقية لم تشهد تنكيلا بصحفي، مع مبالغاتهم في التمتع بحرية التعامل مع القضايا، ولم يشهد القضاء سجين رأي، ربما الحرية هي أكبر مكسب تحقق للشعب العراقي، برغم منغصات الإرهاب والفساد، التي بددتها تقريبا، من دون أن يعقا أداء المهمات الوطنية، التي بلغت شأواً ما كانت لترتقيه؛ لو لا قوة التأسيس الجديد لحضارة متطلعة نحو المستقبل.
تفاؤلا بالآتي أؤكد أن الضمانات القادمة مع الحياة الجديدة، دعامة تحمي حق الإنسان العراقي.. وليد 9 نيسان 2003، طور نفسه، متهجيا سبيله نحو مهنية العمل، من دون أن يتوارى عن عين السلطة، متحاشين بطشها، إنما يراعي نصوص الدستور وفقرات القانونة، الذي يحدد ما للفرد من حقوق وما عليه من واجبات، في نسق يشمل الجميع.. من رئيس الجمهورية الى الكاسب، مروراً بما بينهما من مناصب ووظائف ومهن، الكل تحت بقعة الضوء، بحماية الدولة، وهذا شأن فتح أمام الشعب آفاقاً نحو أداء وطني أمثل، نقله من الشعور بأنه متهم حتى يثبت براءته.. طيلة 35 عاما من حكم البعث، الى مسهم في صيرورة البراءة الإنسانية، حتى عند الإعتراض؛ إذ تحققت في الحياة العراقية الراهنة، التي تمتد جذورها الى 2003، منجزات هزت أركان الفساد، وأسهمت بدحر الإرهاب، من خلال متابعات نابعة من معايشة ميدانية للمواطنين مع القوات الأمنية، وهي تقاتل على خطوط الصد، ضد “داعش” الإرهابي.
· فضاءات مؤطرة
تربع المواطن على قمة العطاء، بعد التحرير، لما تمتع بها من إمتيازات مستحدثة، لم تكن من قبل، إلا محض إنشائيات يتباهى بها النظام السابق كلاما، لا وجود له على أرض الواقع، تضافرت مع تأطير فضاءات الحرية، بفهم عالٍ أنسنا قبساً من نوره، تجلى في منظمات المجتمع المدني، التي أخذت مداها كاملا، بالعمل الجدي.. مواظبة في بلوغ أهداف نبيلة، جددت الآمال وحولت الأحلام الى حقائق معاشة، تبعاً للأحداث التاريخية الكبرى؛ لأن التغيير الذي شهده العراق في التاسع من نيسان 2003؛ أسهم بتغيير البنى المعرفية.. فنياً وجمالياً، بات معه الرسام والموسيقي والسينمائي والصناعي والتاجر والمهندس وعامل البناء وكاتب القصص والشاعر والمسرحي، يشتغلون من دون وجل.
بهذا ينتظرنا مستقبل زاهٍ، لن يتأثر بالإرهاب والفساد الزائلين لا محالة، إن شاء الله، قريباً، حينها ستشهد الحياة سلوكاً جديداً لم يكن مألوفاً في عهد النظام السابق، علينا أن نعززه بالتفاعل مع معطياته.. جيداً.