23 ديسمبر، 2024 8:16 ص

الثقافة القرأنية والثقافة السلفية 

الثقافة القرأنية والثقافة السلفية 

يتساءل الناس اليوم : هل هذا الذي تقوم به عصابات داعش هو مما نزل به القرأن الكريم ؟
ولآن الثقافة القرأنية تم أختطافها فلم تصل الى عامة الناس كما أمر الله تعالى , ولم يكن هذا نقص في التبليغ , فالله تعالى قد قال :” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم ألآسلام دينا ” ورغم وضوح أسباب نزول هذه ألآية الكريمة في الصدر ألآول ونقلت عبر روايات كثيرة ولا تعود لفريق واحد , لكن أخطاء أستلام  السلطة الزمنية بعد وفاة رسول الله “ص” مباشرة فتحت المجال أمام الذين دخلوا للآسلام مكرهين وضلوا يكيدون لرسول الله وأهل بيته عليهم السلام , وتحول هذا الكيد لاحقا لآعتبار أهل بيت الرسول وهم أل الرسول وهو أصطلاح قرأني الى زوجات الرسول , وهنا بدأ ألآشكال يتخذ شكلا تحريفيا  لايمكن لعامة الناس معرفته فزوجات الرجل هم أهله بشكل عام , ولكن نحن هنا أمام مصطلح خاص تبناه القرأن ” أن الله أصطفى أدم و نوحا وأل أبراهيم وأل عمران على العالمين ” -33- أل عمران – ولكن زوجة نوح لم تكن مرضيا عنها وأعتبرها الله كافرة ” ضرب الله مثلا للذين كفروا أمرأة نوح وأمرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما ..” فلم تعد زوجة نوح من أل نوح , مثلما لم يعد أبن نوح من أهله , ثم أن الله أنزل في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين أية التطهير وأعتبرهم أهل بيت النبوة , وهذا هو الخاص الذي يلغي العام , قال تعالى ” أنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا “

وأسباب نزول هذه ألآية الكريمة قد ذكرت من قبل رواة كثر ونقلها أكثر من فريق في صدر ألآسلام , ومع هذه ألآية أية ” المودة ” قل لا أسئلكم عليه أجرا ألآ المودة في القربى ” وكان المسلمون يسألون رسول الله “ص” من هم القربى ؟ فيقول “ص” : علي وفاطمة والحسن والحسين , وأية المباهلة في سورة أل عمران هي من سمت الحسن والحسين أبناء رسول الله ” وسمت فاطمة بأسم النساء لرسول الله , وسمت عليا بأسم نفس رسول الله “ص” مما لايبقي مجالا للشك في ذلك , قال تعالى ” فمن حاجك فيه من بعد ماجاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ” – 61- أل عمران –

أن القارئ المتدبر لآيات القرأن الكريم يجد أنها تؤكد على مسألة ألآصطفاء , ” أن الله أصطفى أدم ونوحا وأل أبراهيم وأل عمران على العالمين ” -33- أل عمران –

وتؤكد على الذرية الصالحة ” ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ” -34- أل عمران – ثم هي تؤكد على العصمة “و ماينطق عن الهوى” -3 – أن هو ألآ وحي يوحى ” – 4- النجم – وتؤكد على ألآمامة , قال تعالى ” وأذ أبتلى أبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال أني جاعلك للناس أماما قال ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين ” – 124- البقرة- ولقد حصرت ألآيات القرأنية ألآجتباء بأباء وذريات ألآنبياء وأخوانهم , قال تعالى ” ومن أبائهم وذرياتهم وأخوانهم وأجتبيناهم وهديناهم الى صراط مستقيم ” – 87- ألآنعام – وطبعا بأشراط الصالح منهم كما أشارت الى ذلك ألآية 124- من سورة البقرة – فلماذا لم يأخذ المسلمون بعد رسول الله “ص” بهذه القاعدة الربانية التي فيها صالح المسلمين وصالح البشرية , وقد قال لهم رسول الله “ص” في أكثر من مناسبة : أهل بيتي هم أمناء وحيي وخلفائي من بعدي , لاتتقدموا عليهم فتهلكوا , ولا تتخلفوا عنهم فتندموا , ولا تعلموهم فهم معلمون , وقد ثبت أن أئمة أهل البيت لم يدرسوا عند أحد لآن علمهم لدني وليس كسبي , أننا نتحدث هنا بأستدلال علمي بعيدا عن العواطف وألآمزجة , وبعيدا عن السجال الطائفي , أن ألآمة ألآسلامية التي تعول عليها البشرية كثيرا من أمال المستقبل أصبحت في نظر الناس محاطة بشبهات مستعصية بعد جرائم عصابات التكفير ألآرهابي التي أتخذت من أسم الخلافة ألآسلامية غطاء ومن الجهاد ألآسلامي وسيلة للعمل , فأساءت للآسمين معا , ويبدو أن المتصدين في هذه العصابات لايهمهم تطبيق المفاهيم ألآسلامية , بمقدار مايهمهم أثارة الرعب في نفوس الناس وأخر أعمالهم ألآجرامية في الموصل قيامهم بوضع من بيدهم من العراقيين بأقفاص حديدية وأغراقهم بالماء ؟ وعمل من هذا النوع لايقوم به مؤمن أو مسلم يعرف الله ويخاف حساب يوم القيامة أنه لايختلف عن أعمال كل السجانين ومن يشرفون على التعذيب بوسائل غربية في السجون العربية وسجون الصهاينة الذين أصبحت العصابات التكفيرية ألآرهابية تتلقى العلاج في مستشفيات أسرائيل .

أن ألآخطاء التي وقعت في تداول السلطة بعد أنتقال رسول الله “ص” الى الرفيق ألآعلى هي التي أسست لما تقوم به داعش اليوم , فالولاية وألآمارة تحولت الى مفهوم ” الغلبة ” وليس الى مفهوم ألآصطفاء وألآجتباء الذي يأتي بنص من الله تعالى بواسطة جبرئيل الى النبي “ص” وهذا هو ماحدث لكل أنبياء الله , فلماذا يستثنى رسول الله ” ص” من هذه القاعدة ؟ وهل يعقل ذلك ولمصلحة من ؟ ثم لماذا قام الخليفة ألآول أبو بكر بتعيين عمر بن الخطاب من بعده ؟ ولماذا قام عمر بجعلها محصورة بين الستة ومن يعارض يقطع رأسه بالسيف ؟ ولما من يكون معه عبد الرحمن بن عوف يكون هو الفريق الفائز ؟ هذه أسئلة تحتاج الى جرأة مصحوبة بتقوى لم يعد المتصدون للآفتاء بقادرين على ألآجابة عليها , ثم أن العشرة المبشرة بالجنة كما يروي حديثها السلفية , هؤلاء العشرة بأستثناء ألآمام علي كلهم أسقط أمانتهم وصلاحهم عمر بن الخطاب عندما سؤل من يكون خليفة من بعده ؟ وعندما نتوسع قليلا لآجل ألآيضاح وكشف ألآلتباس الذي عليه الناس , فأن السيدة عائشة هي من أسقطت هيبة عمر وصلاحيته للخلافة عندما نقل عنها أبن هشام في سيرته أنها قالت لما سمع رسول الله “ص” أحدا يصلي بالمسلمين فقال من هذا ؟ قالوا له عمر , فقال كما تروي عائشة : يأبى الله ورسوله ذلك ثلاث مرات ؟ وعائشة هي من أدعت بأن رسول الله “ص” قد مات في حجرها وحجرتها ؟ بينما يقول ألآمام علي وهو الصادق ألآمين : لقد كان رأسه على صدري وفاضت روحه الطاهرة على كفي فأمررتها على وجهي وولينا غسله والملائكة أعواني فريق يهبط وفريق يعلو وصلينا عليه جماعة , فمن هو أحق به مني حيا وميتا ؟ والسيدة عائشة هي التي قادت معركة الجمل وهي مأمورة من الله تعالى أن تقر في بيتها , ورسول الله حذرها عندما قال لهن أيكن تنبحها كلاب الحوأب ؟ وعندما نبحتها كلاب الحوأب أرادت أن ترجع ولكن طلحة والزبير أقنعاها بالعدول عن رأيها , وبعض علماء أهل السنة والجماعة قالوا بخطأ عائشة في معركة الجمل وهو ناصر الدين ألآلباني , ولكن عدم تمكن عامة المسلمين من معرفة الثقافة القرأنية الحقة في ألآصطفاء والذرية الصالحة والعصمة وألآمامة والتقية والشفاعة والبداء هو الذي جعلهم غير قادرين على تمييز مايجري , فليست نساء ألآنبياء معصومة وقد ذكرنا ماتحدث القرأن حول زوجة نوح ولوط , ثم أن أخطاء البعض واضحة جلية لاتحتاج الى دليل أو برهان فألآية التي تحدثت عن تظاهر بعض نساء النبي على النبي ومنهن عائشة هي في سورة التحريم , فلماذا كل هذا التقديس دون بقية نساء النبي “ص” وفيهن السيدة خديجة بنت خويلد رضوان الله تعالى عليها والتي أمتدحها رسول الله “ص” بعد وفاتها ثم أم سلمة كانت من المتقيات القانتات الصالحات , أن قيام السيدة عائشة برفض دفن ألآمام الحسن سبط رسول الله ويحانته في حجرة رسول الله , وقالت للحسين نحوا أبنكم عن حجرتي وهي لاتملك من الحجرة من ناحية ألآرث الشرعي ألآ تسع .

أن الخليفة عمر بن الخطاب كان يخاف أن عثمان يصبح خليفة أن يعطيها للآل معيط وقد فعل فأصبحت أموال المسلمين وخراجاتهم تجبى لبني أمية وأصبح مروان بن الحكم الذي سماه رسول الله “ص” أبو ألآكبش ألآربعة هو الذي يتحكم بأدارة عثمان بن عفان وأصبح معاوية يركز ولايته في الشام حتى عندما دخلت أبل عبد الرحمن بن عوف محملة بألآموال ضج فقراء المدينة , فكانت ثورة المدينة التي قتل فيها عثمان بن عفان , فقال ألآمام علي بعد أن كلف أبنيه الحسن والحسين بحراسة عثمان , لقد أستأثر فأساء ألآثرة , وقال عن الثائرين : جزعوا فأساءوا الجزع , ولكن السيدة عائشة خرجت وقالت : سمعت رسول الله “ص” يقول : يدخل العشرة المبشرة بالجنة سعيا ويدخل عبد الرحمن بن عوف حوبا ؟ ويلاحظ على مثل هذه ألآحاديث أنكشاف عدم صحتها .

أن الثقافة السلفية هي التي أنتجت تحديا ونقدا في صفوف عموم أهل السنة والجماعة ولكن لآن السلطة الزمنية بيد من يريدون الدنيا لذلك لم يلتفت الى المنتقدين من أمثال الشاعر أبي العلاء المعري الذي قال :-

أجاز الشافعي فعال شيئ .. وقال أبو حنيفة لايجوز

فضاع الشيب والشبان منا .. وما أهتدت الفتاة ولا العجوز

أن الرمزية والتقديس الذي أحيط به بعض رؤوس السلفية وأئمتهم لايحظى بنصيب في الثقافة القرأنية , ولم يكن له نصيب في الحوارات وألآسئلة التي كانت ترد من جهة ملوك الروم ومن غيرهم من أصحاب الشرائع كاليهود والنصارى , بينما كان للآئمة أهل البيت عليهم السلام حضورا يملآ ألآذهان وألآسماع , والكتب عنه موثقة مما جعل أئمة أهل البيت هم مصداق ” الراسخون في العلم ” و ” أهل الذكر ” وأولي ألآمر ” بحق , وأذا أصر البعض على أنكار ذلك , فأن مستقبل ما يشهده العالم ينتظر مشروع ألآمام المهدي “عج” الذي مكن الله له كما مكن للخضر الذي عنده علم من الكتاب وكما مكن لذي القرنين الجوال في الزمان ألآول , وألآمام المهدي “عج” هو جوال الزمان ألآخير وبالله المستعان يختار ليس لمشيئته من راد .

فهل أن للذين سكتوا عن الخطأ وهم يعرفونه أن يخرجوا من صمتهم ويبرئوا ذمتهم بعد أن بلغت داعش مابلغته من التشويه وألآدعاء الباطل , وهل أن للبعض أن ينزلوا من عروشهم القارونية ويجعلوا من أهل البيت وسيلتهم للتوبة الى الله , وهل أن لعموم الناس أن يعرفوا أن ألآرض يرثها عباد الله المخلصون وأن شعار يالثارات الحسين هو شعار كوني تحييه ملائكة السماء وهو ليس شعارا طائفيا كما يتصور البعض ممن لايعرفون معنى ” ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب ” , وأن الكون المتدين رهن بمشيئة الله يوم تبدل ألآرض غير ألآرض ويوم تطوى السماء كطي السجل للكتب.