قبل الدخول في صلب الوضوع .. يبقى السؤال الذي يطرح نفسه لماذا منع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين رحمه الله وعلى مدى 12 عام هذا اللقاء من الظهور !؟, وهل كان ينوي ترميم العلاقات مع إيران بالرغم من غدرها وخيانتها !؟, أم لأنه شعر بأن القيادة العراقية استدرجت ووقعت في الفخ الإيراني أيضاً , وهل كان يخشى من الفضيحة أو الكبوة السياسية والدبلوماسية وردة الفعل والارتدادات الشعبية لأنه وثق وصدق بنوايا إيران ومرشدها ورئيسها آنذاك رفسنجاني … سؤال سيبقى يبحث عن جواب , وسيبقى يراود مخيلة وعقول الكثيرين ..!؟
إن هذا اللقاء المتلفز أدناه يعتبر شهادة حية ووثيقة تاريخية دامغة , تدمغ وتنسف جميع ادعاءات نظام الملالي بأنهم لم يكونوا فقط ضالعين ومتواطئين مع المشروع الأمريكي الصهيوني الأمبريالي الجديد لمنطقة الشرق الأوسط , بل ومتآمرين ومتفقين ومنسقين معهم منذ ذلك الحين على توريط العراق ليس فقط بالدخول للكويت , بل قدموا النصيحة والمشورة وعلى أعلى المستويات بالبقاء فيها وعدم الانسحاب منها مهما كلف الأمر , وأن الخروج من الكويت على حد وصف الرئيس الإيراني آنذاك هاشمي رفسنجاني ” يعني سقوط النظام العراقي الحاكم وتشرذم وتقسيم العراق !!!؟. بدهاء ومكر وخبث منقطع النظير وبحنكة سياسية شيطانية هكذا ضحكوا ملالي إيران على النظام العراقي السابق للأسف , وهكذا قشمروا الوفد العراقي رفيع المستوى برئاسة نائب الرئيس حينها “عزة إبراهيم الدوري ” الذي زار إيران في الوقت الضائع تقرياً , ليس فقط لتطبيع العلاقات وتأمين الطائرات العسكرية وطائرات الشحن والنقل الجوي المدنية والتجارية والسفن والبوخر والناقلات التجارية فحسب !, بل من أجل فتح صفحة بيضاء جديدة معهم , وطي ونسيان جميع صفحات الخلافات وآلام وآهات الماضي وعلى رأسها فترة الحرب التي دامت أكثر من ثمان سنوات , وجعل إيران عمق ستراتيجي للعراق بعد أن أدارت الدول العربية الشقيقة ظهرها له وتحالفت مع الولايات المتحدة لإخراجه من الكويت بالقوة ؟, ما عدا اليمن والأردن وموريتانيا , ذهب الوفد العراقي في الوقت الضائع تماماً بعد أن فشلت المفاوضات وجميع الوساطات التي بذلها كل من الملك حسين والملك فهد وياسر عرفات رحمهم الله , وتحدت أمريكا العالم بأسره ولم تعطي الوقت الكافي للحل العربي , كي تنقض على العراق لتدمره تدمير كامل وشامل , وكانت هذه فرصتها التاريخية لتحقيق الحلم الصهيوني التوراتي , وتم أيضاً شراء ذمة الرئيس الروسي ميخائيل غرباتشوف بمبلغ خمسة مليارات لتحييد روسيا دفعتها المملكة العربية السعودية .
ذهب الوفد العراقي بعد أن صدق بالتصريحات الإيرانية بأنها ستقف مع العراق إذا ما تعرض لأي عدوان ؟, ولن تسمح للطائرات الأمريكة باستخدام الاجواء الإيرانية ؟, وغيرها من الهرطقات ؟, وفي الوقت الذي أتمت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها كافة الاستعدادات والتحشيدات والتجهيزات العسكرية لتشن عدوان بربري سافر , ولتخوض أكبر وأعنف هجوم عرفه تاريخ الحروب , وحرب مدمرة لم تبقي ولم تذر على بلد آمن ودولة صغيرة منهكة اقتصادياً , خرجت للتو من حرب استمرت ثمان سنوات , تم سحقها بالكامل وتدمير جميع منشئاتها وبنها التحتية والفوقية المدنية والعسكرية والحكومية بشكل لم يسبق له مثيل حتى خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية , على مدى أربعين يوم من القصف الممنهج والمبرمج على مدار الساعة , طبعاً بحجة وذريعة واكذوبة تحرير الكويت !؟, ولم تكتفي أمريكا وحلفائها بتدمير العراق وإعادته إلى عصور ما قبل الصناعة بالضبط كما توعد وزير خارجية أمريكا آنذاك ” جيمس بيكر ” وزير خارجية العراق المرحوم طارق عزيز في آخر اجتماع لهما في جنيف عام 1991 , عندما وجه له تهديد مباشر بأننا وحلفائنا سنخرجكم من الكويت بالقوة وسنعيدكم إلى العصر الحجري .. بل فرضت أمريكا على الشعب العراقي أقسى وأطول حصار عرفه تاريخ الإنسانية , وهذه المرة بذريعة وفرية تخليص العالم من خطر أسلحة الدمار الشامل العراقية ؟, ونزع أسلحته الكيمياوية وحتى التقليدية !, ليتم في نهاية المطاف وبعد ثلاثة عشر عاماً احتلاله بسهولة وتسليمه لحفنة من العملاء والمرتزقة , الذين يأتمرون بأومارها وينفذون كل ما تريده منهم , بالإضافة لتنفيد الأوامر والأجندة الطائفية الإيرانية , والتي هي الأخرى غدرت بالعراق ونكثت بجميع تعهداتها واتفاقياتها ومواثيقها معه بعد حوالي شهرين من توقيعها مع الوفد العراقي في العاصمة طهران , بل طعنت العراق بالظهر عندما قامت بإدخال مجاميع غوغائية حاقدة يقودهم قادة وضباط من الحرس الثوري الإيراني , ليقوام بإرتكاب أبشع وأشنع وأفضع الجرائم , من قتل وتعذيب وتمثيل بجثث الجنود والضباط العائدين من الكويت مشياً على الأقدام , عندما قام الطيران الحربي الأمريكي بأستهداف الآليات والدبابات وناقلات الجنود المنسحبة من الكويت وقتل وإبادة 90% منهم في طريق الموت .. أي الطريق الربط بين الكويت وصفوان خلال عملية الإنسحاب بموجب طلب الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب وقف الحرب , حيث أقدمت المجاميع القادمة من إيران آنذاك ونفسها الحاكمة اليوم في بغداد بعد عام 2003 على سلب ونهب وحرق مؤسسات الدولة في جميع محافظات الوسط والجنوب بما فيها المدارس والمستشفيات .
ولهذا كانت الجائزة الأمريكية الكبرى للجارة إيران ورد الجميل لها على تأيدها وتوريطها للنظام العراقي وتقديم النصيحة والمشورة له بعدم الإنساحب من الكويت , والتي لم تكن تحلم بها أي تلك الجائزة منذ أكثر من 2500 عام , عندما قامت الولايات المتحدة الأمريكية وبعد مرور أكثر من عقدين أي في الفترة ما بين 1991 – 2011 , تسليم العراق بالكامل لإيران على طبق من لطم وليس فقط من ذهب .. تعبث به كيف وكما تشاء وتروض وتدجن شعبه على مزاجها , ولتقوم بتصفية حساباتها التاريخية معه بشكل فاق ويفوق جميع التصورات والتخمينات , حيث بدأت حملة إجرامية منظمة وأعلنت حرب شعواء على كل من وقف بوجه الاحتلال الأمريكي وقاومه , وقامت على الفور بتصفية خيرة الضباط والطيارين العراقيين الذين شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية , هذا بالإضافة للطبقة المثقفة من العلماء والأدباء والشعراء والمفكرين والأطباء وحتى الشخصيات العشائرية المعارضة للاحتلالين الأمريكي والإيراني , من أجل تفريغ العراق بالكامل من طاقاته العلمية والوطنية بغض النظر عن الانتماءات القومية أو العرقية أو الطائفية , لإنهاء دوره بشكل كامل واخراجه من المعادلة الإقليمية بحيث لا يشكل أي تهديد أو خطر عليها أو على أي جماعة أو مجموعة قومية أو إثنية تدين لها ولأمريكا بالطاعة والولاء , ولهذا باركت وأيدت جميع الخطط والمشاريع الأمريكية وعلى رأسها حل الجيش والأجهزة الأمنية العراقية , وسن الدستور الجديد ؟, لكي لا يشكلا أي خطر على مستقبل العملية السياسية الجديدة المزعومة .
ولهذا ليس من باب الصدفة أنتج وفرخ زواج المتعة الأمريكي الإيراني الروسي الإسرائيلي ما يسمى بتنظيم ” داعش ” أو ما يسمى دولة الخلافة الإسلامية ؟ وحتى لو لم تكن هذه الجهات الأربعة متورطة بقيامه وتأسيسه بشكل مباشر … فإننا نجزم بأنهم مجتمعين بشكل غير مباشر سمحوا وساعدوا وغضوا الطرف عن قيامه وتأسيسه ليستفحل وينتشر ويتمدد ويسيطر على أجزاء واسعة وأراضي شاسعة في كل من سوريا أولاً ومن ثم في العراق , والذي تم الإجهاز بشكل شبه كامل على هاتين الدولتين باسم وحجة محاربته وتخليص المنطقة والعالم من خطره وشره … !!!؟, أي بالضبط كما هي حجة وذريعة تحرير الكويت , وحجة وذريعة وفرية البحث عن أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة !؟.
كل هذه وغيرها من الأسباب والمسببات والتحالفات وعقد الصفقات السرية والعلنية بين جميع الدول الكبرى وحليفتهم إيران المشاركين بشكل رسمي بتدمير الدول العربية الواحدة تلو الاخرى ابتداءً من العراق منذ عام 1980 وحتى يومنا هذا ما هو إلا من أجل أن لا يشكل العراق ولا أي دولة عربية أو إسلامية أي خطر أو تهديد يذكر للمصالح والنفوذ الغربي والشرقي ولأمن ووجود وبقاء الكيان الصهيوني الغاصب أولاً وآخراً .. ربما لمئة عام قادمة .
من هنا نضع أمام أنظار السيدات والسادة القراء الكرام .. شهادة ووثيقة تاريخية بالصوت والصورة , وهو عبارة عن لقاء متلفز مع المرحوم محمد حمزة الزبيدي رئيس مجلس الوزراء الأسبق ووزير النقل الذي كان أحد أعضاء الوفد العراقي الذي ذهب إلى إيران قبل شن العدوان عام 1991 من أجل تأمين الطائرات لدى الجارة المسلمة إيران … !؟؟, لكي يعي ويعرف المواطن العراقي والعربي مدى حجم التآمر والاستهداف للعراق والامة العربية , وأيضاً لكي لا ننسى ويجب أن لا ننسى المكر والدهاء والخبث والخداع والحقد الفارسي المتأصل علينا كعرب عامة وكعراقيين خاصة , ولماذا أشار الرئيس الراحل صدام حسين في مستهل خطابه إبان العدوان الثلاثيني عبارته الشهيرة ( لقد غدر الغادرون ) !؟.
نترككم للإستماع لهذه المقابلة التاريخية الهامة التي أجراها فيصل الياسري معد ومقدم برنامج الملف في التسعينات .
https://www.youtube.com/watch?v=OvLTN64ZSzE