شاعت في الآونة الأخيرة توصيفات مثل ( محلل سياسي ) ( خبير إستراتيجي ) ( ناشط مدني ) ( خبير أمني ) تتهافت القنوات الفضائية على اللقاء بهم واستطلاع آراءهم في مختلف القضايا السياسية والأمنية والاجتماعية والعسكرية وقسم كبير من هؤلاء لايمت لهذه التوصيفات بصلة لا من قريب ولا من بعيد لأن :
ما كل من ذاق الهوى عرف الهوى ولا كل من شرب المدام نديم
صحيح إن السياسة والأمن أصبحت الشغل الشاغل لكل العراقيين وكل يطرح وجهة نظره وفق هواه فأينما تذهب تجد هناك من يحلل الموقف السياسي أو الأمني ’ في المقهى ’ في الباص ’ في مجالس العزاء ’ في الأعراس ’ في البيت ’ في الشارع ’ الصغار والكبار كل يدلي بدلوه في هذا الشأن أو ذاك حتى ليخيل إلى السامع إن العراق يعج بهذه التوصيفات في الدول المتقدمة هناك معاهد بحثية ومراكز دراسات إستراتيجية لأناس أكاديميين ومتخصصين في شؤون شتى ’ هؤلاء يستقون المعلومة من مصادرها ويقومون بتحليلها ’ أسبابها ونتائجها وتداعياتها وكل شخص متخصص في شأن معين فهناك باحث في شؤون الجماعات الإسلامية المتطرفة ’ وآخر في المعتدلة وثالث في شؤون الإسلاميين الشيعة ورابع في السنة ’ وقد يضيق التخصص فيشمل بلد واحد أو مجموعة بلدان ’ فهناك متخصص في شؤون الشرق الأوسط عموما وهناك متخصصون في الشأن التركي ’ أو الإيراني أو العراقي أو المصري وهكذا 0
مهنة التحليل مهنة خطيرة ومهمة فكما صاحب مختبر التحليلات المرضية يقوم بتشخيص المرض إلى الطبيب والأخير يضع العلاج الناجع له كذلك المحلل السياسي والأمني يقوم بتشخيص الخلل الأمني والسياسي ويقدمه إلى المعنيين في تلك الشؤون لمعالجته بطريقة صحيحة وناجعة 0
المطلوب الآن فتح مراكز للدراسات ومعاهد للبحوث ومراكز متخصصة في علم النفس وعلم الاجتماع والاستفادة من أصحاب الاختصاص لفتح هذه المراكز والمعاهد لإعداد أناس متخصصين في الشؤون السياسية والأمنية والعسكرية والنفسية والاجتماعية يقوم هؤلاء بتقديم النصيحة والمشورة للسياسيين لتجاوز الأخطاء والكوارث وليس كما نرى حاليا في قنواتنا الفضائية والذي لايتعدى كونه (( ثرثرة تحليلية ))