مرة آخرى يقع الإعلام والشارع العراقي، في مأزق الخداع والحرب النفسية وما تبتغي داعش، ويتسارع الغربان لتلاقف الخبر، ويشمر الإنتهازيون عن سواعدهم، ويفتلوا عضلاتهم الفارغة، للتسلق على الدماء، التي تشكو الخيانة والتخاذل والمتجارة، ولعب دور المستكين المتباكي على آهات الثكالى.
أشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي، وتسابق الناعقون على الظهور، ونشرت صور الذبح، حتى أصيب الشارع بخيبة الأمل.
تعودت مثل سائر العراقيون، على أن لا أنام دون سماع الأخبار، وأطلع على أحصائيات الضحايا، ثم أتقلب على فرأش التأمل في سوادوية الأحداث، لعلي أجد مخرجاً، فيأتي اليوم التالي بأسوء من سابقه.
تناقلت صفحات التواصل الإجتماعي والمواقع الإخبارية، وسارع ساسة لإطلاق التصريحات النارية، حتى وصف بعضهم ما جرى في الثرثار بسبايكر الثانية؟! ونقل بصورة بدائية صورلا تدل على وقيعة، وكأنما الأحداث ترتبط ببعضها، من سقوط الموصل الى اليوم، حيث أستسلمت مدن كامل دون أطلاق نار، وهرب الأهالي فزعاً وسلم الجنود مواقعهم، منصاعين للإشاعة وخيانة قادتهم.
يحز في نفس العراقي أن يجد الناس تعيش تحت وطأة الحرب النفسية، ويخدع بمقطع مفبرك، طبل له الدواعش والفاشلون والطابور الخامس، وأستلوا السيوف على الحكومة مطالبين بإقالتها، ووصفها بالإنبطاحية، وأسقاط العملية السياسية، وبعضهم طلب إقالة وزير الدفاع لنعود الى وزراء الوكالة؟!
للأسف أن الشعب العراقي أبتلى بأعداء لم يرتكب تجاههم ذنب، تنوعت أساليبهم ولكن أشدهم من يتاجرون بقضيتهم، ويدعون الإنتماء لهم، ومن حكم الواقع، أصبح لا جدل بين العراقيين حول عدائية داعش، ولم يعد أحد يقبلهم إلاّ البعثي والمنحط، ومما لا شك فيه أن كل من ينساق في جوق إسقاط الحكومة، لا يختلف عنهم؟!
راهن الدواعش ومن يتصيد بمآسي العراقيين، على عدم تحريرمركز مدينة تكريت، وصدمهم الإنتصارات الكبيرة، ثم تحركت القوات المسلحة والحشد الشعبي بإتجاه الرمادي، وتحرير ناحية الكرمة، التي تقطع الطريق على الفلوجة المعقل الرئيس للدواعش، التي سقطت قبل الموصل بأشهر، وعند محاصرتها ثم تحريرها، سوف يقصم ظهر داعش.
عملت داعش بكل أمكانياتها لخلخلة العمل الحكومي ورفع معنويات مجرميها، ورغم تحرير عشرات القرى، تم بث الأشاعات، وهربت العوائل الأنبارية؛ لزيادة أعباء الحكومة وأرباك الوضع السياسي، وبالفعل حصل، ثم أثيرت قضية الثرثار لإستكمال المشهد، ولا شك أن الدماء التي سالت عزيزة، ولكن جزء كبير من العملية تم بفعل الإعلام والساسة، وتكرر المشهد بإعطاء معلومات عن جنود محاصرين، كان المفترض أن تبلغ المعلومات للجهات الأمنية وبسرية تامة.
كشف الواقع حقائق قذارة السياسة، وقد إرتفعت أرواح الشهداء الى ربها، وسقط الإنتهازيون في مستنقع الخيانة والإنحطاط.
يتحدث الانتهازيون بأحترافية وتباكي، وبمستوى خسة ودناءة جرائم داعش، وكأنهم مركب؛ لتمرير مأربه القذرة، ويستغلون الدماء للثأر من خصومهم، ويعز على كل عراقي شريف أن تسقط قطرة دم زاكية، جاد بها أبطال يذودون بأنفسهم عن الأرض والعرض، وقد ترك الساحة جبناء متخاذلون، يريدون طعن العراقيون مرة آخرى من الخلف، ولن يسقط الثرثار بصراخ ثرثار السياسة، وإشاعات داعش.