23 ديسمبر، 2024 4:23 ص

الثاني من آب لعام 1990، يوم اسود في التاريخ العراقي والعربي

الثاني من آب لعام 1990، يوم اسود في التاريخ العراقي والعربي

مضى عقدان من السنين على الثاني من آب الاسود، هذا اليوم الذي دمر العراق ودول المنطقة العربية وأوطانها؛ وفتح الطريق واسعا، للمشروع الامريكي الاسرائيلي في المنطقة العربية. لقد كان غزو واحتلال الكويت، خطيئة لا ترتقي اي خطيئة اخرى الى مستواها. خرج العراق منتصرا ومنهكا من حرب شرسة استمرت لثماني سنوات، أتت على كل جميل في عراق التاريخ والحضارة والجمال. صحيح ان العراق كان، حين خرج من الحرب؛ يعاني في الاقتصاد و من الديون وما إليهما، وصحيح ايضا كانت الكويت والامارات، تعملان وفق خطة مدروسة، وضعها لهم اسيادهم من الامريكيين والاسرائيليين؛ بزيادة انتاج النفط مما ادى الى الانخفاض الكارثي للأسعار النفط، الذي ساهم في زيادة معاناة العراق، وبدرجة اقل كثيرا، كانت ايران تعاني من الازمة الاقتصادية والمالية لذات السبب؛ لأنها لم تكن قد ترتبت عليها ديون كما ترتب على العراق. لكن هل هذه الحجة جديرة بالاعتبار، او حجة مقنعة تبرر هذه الخطيئة التاريخية، بالتأكيد، انها كانت حجة واهية، استند النظام، عليها، لتبرير الغزو والاحتلال. كان من الممكن ايجاد الف طريقة وطريقة او آلف جسر وجسر لعبور نهر الازمة الاقتصادية والمالية الضيق، كما فعلت ايران. وهل ان الضوء الاخضر الامريكي على لسان السفيرة الامريكية، باحتلال الكويت هو من دفع رأس النظام الى ارتكاب خطيئة الغزو؛ كلا، وبكل تأكيد. الحقيقة الغائبة؛ هي ان العراق كان يريد ايجاد جزء من الساحل الكويتي وعلى وجه التحديد في جزيرتي بوربه وبوبيان، لبناء قاعدة بحرية كبيرة فيهما، حتى يكون له، وجود بحري فعال وقوي ومؤثر في مياه الخليج العربي، تحسبا لتغيرات وتطورات المستقبل. رأس النظام وفي احد خطبه، قال بما معناه؛ من غير المعقول، حضارة كما هي حضارة العراق، لا يكون لها وجود واطلالة على البحر. كان النظام قد بنى خطته في الغزو والاحتلال، الذي لم يكن هدفه، ضم الكويت، بل على ايجاد تسوية عربية، للانسحاب، يضمن من خلالها، الحصول على ما خطط له مسبقا، بالاعتماد على تعاون مجلس التعاون العربي، الذي يضم العراق واليمن ومصر والاردن، وعلى دول عربية اخرى. لكن الواقع العربي كان على خلاف ما كان يتصور النظام، وعلى وجه التحديد، مصر والسعودية، اللتان عملتا على اجهاض اي حل او اي تسوية تقود الى الانسحاب، مما حدا بالنظام الى التشدد في موقفه، وضم الكويت رسميا. الجانب الاكبر الذي قطع الطريق على اي تسوية عربية، تضمن الانسحاب؛ هي القرارات الاممية التي تتابع صدورها، خلال ايام، بإرادة أمريكية، اضافة الى القوات الامريكية التي حطت رحالها وخلال ايام لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة، حتى قبل صدور قرار المؤتمر العربي الطاريء، والذي لعب فيه، الرئيس المصري، دورا كبيرا، وحاسما، في صدور ذلك القرار الذي سمح للسعودية في استقدام قوات اجنبية لتحرير الكويت. لذا، كان هذا الوضع العربي والدولي، أساساً، لدفع الحل العربي الى الخلف ليحل مكانه الحل الدولي اي الامريكي، وهو الحل العسكري، بالاستناد على القرارات الدولية التي صارت نافذه. بالرجوع الى ذلك الشهر الاسود من تلك السنة، نلاحظ وبفحص التصريحات سواء الدولية او العربية؛ ان العراق كان على اتم الاستعداد للانسحاب من الكويت بشرط، ان تتعهد الولايات المتحدة على عدم العمل الامريكي على ايجاد الذرائع لمحاصرته، أو حتى مهاجمته، باستخدام القرارات الاممية، التي طالب في وقتها، العراق بإلغائها كشرط للانسحاب من الكويت، لكن الولايات المتحدة رفضت وبكل قوة واصرار، هذا الطلب. هنا تتجلى امامنا خطيئة احتلال الكويت من جميع الجوانب؛ من وضع الاستراتيجية الخاطئة، والتي تم بنائها على اسس ومرتكزات خاطئة؛ فهي اولا، تجاوز على علاقة الاوطان العربية مع بعضها البعض، لأنها اصابت الامن العربي والعلاقة العربية في صميمها، في سابقة تاريخية خطيرة. وثانيا اخفقت في قراءتها للنظام الرسمي العربي، وارتباطاته الدولية وعلى وجه الخصوص مع الولايات المتحدة والكيان الاسرائيلي، والذي توضحت في السنوات الاخيرة من خلال عملية التطبيع مع هذا الكيان المسخ. وثالثا؛ الاخفاق في قراءة التحالف الامريكي والاسرائيلي مع القسم الاكبر، والمؤثر والفعال من النظام الرسمي العربي. عليه، فأن غزو واحتلال الكويت كان خطيئة وبكل ماتعني من خطيئة، مع ان الكويت والامارات ضالعة تماما في مخطط ايذاء العراق. في ذات السياق الذي يؤكد اصرار الكويت على ايذاء او الحاق اكبر الضرر بالعراق، هو الاتي:- الى الآن تصر الكويت على عدم اخراج العراق من العقوبات الدولية. – الدكتور عبد الله النفيسي وفي محاضرة له، قال بما معناه؛ ان فرق اغتيالات اسرائيلية،( الموساد..) جاءت مع قوات الغزو الامريكي للعراق، وهي تحمل قوائم ب 3500 علم عراقي وطيارون. تظل خطيئة غزو واحتلال الكويت، خطيئة كبرى، كسرت ظهر العراق ولو الى حين، والمنطقة العربية، بأوطانها وشعوبها..